فى مثل هذا اليوم 2 أكتوبرعام 2003، وبعد تسعين يوما من البحث المكثف فى العراق شارك فيه أكثر من 1200 خبير وتكلفت مهمتهم 300 مليون دولار، لم يعثر المفتشون على أى من تلك الأسلحة التي اتخذها الرئيس بوش ذريعة لشن الحرب، كشف أول تقرير أمريكى عن فضيحة مدوية للإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس جورج بوش، وهو أن العراق لا تمتلك أى أسلحة دمار شامل.
وفى هذا السياق، قدم ديفيد كاى، رئيس فريق مفتشي الأسلحة الأمريكي ما وصفه بتقرير مرحلي عما أسفرت عنه جهود التفتيش في العراق خلال الشهور الثلاثة الماضية في جلسة مغلقة شاركت فيها لجان المخابرات وتخصيص الاعتمادات والدفاع فى الكونجرس الأمريكي.
وفيما احتفظ الكونجرس بسرية تفاصيل التقرير، تم كشف النقاب عن الجزء غير السري من التقرير الذي جاء فيه أن المفتشين لم يعثروا على أي مخزون من أسلحة الدمار الشامل العراقية، ولكن لم يتوصل الفريق إلى قناعة حاسمة بعدم وجود تلك الأسلحة أو بوجودها قبل شن الحرب على العراق. ولذلك، "فإن مهمتنا الأساسية والوحيدة هي معرفة أين ذهبت تلك الأسلحة"؟
وفي محاولة للتستّـر على ما يشكّـله التقرير من نزع لورقة التوت التي تخفّـى بها بوش وراء الزعم بوجود أسلحة للدمار الشامل في العراق يمكن أن تصل إلى الإرهابيين ويستخدمونها ضد الولايات المتحدة، لجأ بوش إلى نظرية أن المتفائل هو الذي ينظر إلى نصف الكوب الممتلئ وليس إلى النصف الفارغ.
فسارع إلى إصدار سلسلة من التصريحات الغريبة، حيث قال إن التقرير أوضح أن "صدام حسين كان يُـشكّـل خطرا على العالم"، وأكّـد أن نتائج تقرير ديفيد كاي تُـعزِّز الموقف الذي اتخذه بضرورة شن الحرب على العراق، وتثبت أن صدام حسين كان يخدع العالم وانتهك بوضوح قرار مجلس الأمن رقم 1441 الذي دعاه إلى نزع أسلحته.
وقال بوش إن "الخداع والإتلاف المتعمد والمنظم للأدلة التي تثبت تورط النظام في تطوير أسلحة الدمار الشامل، استمر حتى بعد إسقاط النظام في أبريل الماضي".
ولكن مهمة ديفيد كاي، وأكثر من 1200 من المفتشين لم تُـسفر عن العثور على أي من هذه المواد أو الأسلحة التي استند إليها بوش في تبرير شن الحرب، بل أبلغه العلماء العراقيون أن الألومنيوم كان يُـستخدم فى صناعة غلاف الصواريخ، وأن صدام دفن مكونات جهاز للطرد المركزي في حديقة منزل أحد العلماء منذ 12 عاما ولم يحاول استعادتها.
ليبقى السؤال، فما الذي يعنيه في الحقيقة التقرير المرحلي لفريق المفتشين الأمريكيين في العراق؟ هل تعمّـدت إدارة بوش الكذب والتضليل لتبرير الحرب التي روج لها صقور الحرب في البنتاجون ودعاة الحروب الوقائية من غلاة اليمينيين من المحافظين الجدد، أم لجأت إدارة بوش إلى المبالغة ثم تصديق المبالغات التي تتناسب مع رغبتها المحمومة في شن الحرب دون السماح للمفتشين الدوليين بمزيد من الوقت للإجابة على ما تبقّـى من تساؤلات حول برامج التسلح العراقية.
وفى 2 أكتوبر 2002، صادق الكونجرس الامريكى على "قرار العراق"، وقد فوض القرار الرئيس "باستخدام كافة السبل الضرورية" ضد العراق، فقد فضل الأمريكيون الذين شملهم الاستطلاع فى يناير 2003 على نطاق واسع المزيد من الدبلوماسية على الغزو، ولكن في وقت لاحق من ذلك العام، بدأ الأمريكيون يوافقون على خطة بوش، وقامت حكومة الولايات المتحدة بحملة علاقات عامة محلية مفصلة لتسويق الحرب لمواطنيها.
اعتقد الأمريكيون بأغلبية ساحقة أن صدام كان يملك أسلحة دمار شامل: 85% قالوا ذلك، على الرغم من أن المفتشين لم يكشفوا عن تلك الأسلحة.
ومن بين الذين اعتقدوا ان العراق لديه اسلحة معزلة في مكان ما، رد حوالي نصفهم بأنه لن يتم العثور على اسلحة في القتال. بحلول فبراير 2003، أيد 64% من الأمريكيين القيام بعمل عسكري لعزل صدام من السلطة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة