تعكس القمة الثلاثية التاسعة بين مصر واليونان وقبرص، بالعاصمة اليونانية أثينا حرص أطرافها الثلاثة على دورية الانعقاد والارتقاء بمستوى العلاقات الاستراتيجية، التى تجمع بينهم، والعمل على تقييم ومتابعة مخرجات القمم السابقة والبناء على ما تحقق من منجزات، واستعرض دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات للباحثة ماري ماهري الدلالات المرتبطة بانعقاد الآلية الثلاثية في نسختها التاسعة:
• تنطلق التحركات المصرية نحو منظومة شرق المتوسط الناشئة وفقًا لمقاربة جديدة لسياستها الخارجية يُمكن تسميتها بـ "دبلوماسية التنمية"، جوهرها تطوير نمطا من العلاقات الإقليمية قائما على الانخراط في مشروعات تنموية اقتصادية وتجارية تحقق المنفعة المشتركة لكافة أطرافها، بما يؤكد دورها كشريك أمني وسياسي رئيسي والعمل كضامن للأمن والاستقرار ومحفزًا للتنمية، فضلًا عن كونها تعكس نهج تشكيل التكتلات الإقليمية والتحالفات متعددة الأطراف الذى فضلته الدولة المصرية مؤخرًا للتعاطى مع التحديات المتصاعدة والتهديدات المحدقة بمنظومتي الأمن القومى المصرى والعربى، بما يُمكنها من لعب أدوار سياسية وأمنية محورية وإحداث خروقات بالملفات المُعقدة وتحقيق مكاسب اقتصادية وتجارية طويلة الأمد.
• تندرج الآلية الثلاثية "مصر – قبرص – اليونان" ضمن نمط الانفتاح على دوائر غير تقليدية للسياسة الخارجية المصرية لا تنظر إلى أوروبا باعتبارها كتلة واحدة وإنما ثلاث دوائر تتحدد وفقًا درجة الاستجابة والتماهي مع الشواغل الأمنية والسياسية المصرية، بحيث تنقسم إلى دائرة شرق المتوسط، ودائرة شرق ووسط أوروبا، ودائرة غرب أوروبا التي كانت المستهدف التقليدي للسياسة الخارجية سابقًا، وعلى كل حال، فإن الدائرة الأولى عملت كجسر مهم لمصر نحو الاتحاد الأوروبي لاعتبارات الجوار الجغرافي الذي جعلها حائط صد متقدم ضد انتقال مخاطر ومهددات الإرهاب والمهاجرين غير الشرعيين من مناطق الاضطرابات والصراعات الأفريقية والشرق أوسطية إلى أوروبا عبر المتوسط، واللذان شكلا كابوسًا سياسيًا أرق الأنظمة الحاكمة في غرب أوروبا، كما أتاح للقاهرة فرصة تحسين الأزمتين الاقتصاديتين الحادتين باليونان وقبرص وبالتالي تخفيف الضغوط على الاتحاد الأوروبى، وهو ما أكسب مصر الثقة والثقل داخل الكتلة الأوروبية التي باتت أكثر تفهمًا ومساندة للرؤية المصرية.
• تُمثل آلية التعاون الثلاثي المصري القبرص اليوناني نموذجًا لمأسسة التعاون والتكامل الإقليمي، إذ يحرص أطرافها الثلاثة على دورية انعقادها؛ فقد عُقدت القمة الأولى بالقاهرة في نوفمبر 2014، والثانية بقبرص في أبريل 2015، والثالثة باليونان في ديسمبر 2015، والرابعة عام 2016 بالقاهرة، والقمة الخامسة بقبرص في نوفمبر 2017، والسادسة باليونان في أكتوبر 2018، والسابعة بالقاهرة في أكتوبر 2019، والثامنة بقبرص في أكتوبر 2020، ويلاحظ أن السنوات الثلاثة الأخيرة شهدت تثبيت شهر أكتوبر كموعد دوري لانعقاد القمة التي باتت تشكل ركيزة أساسية لضمان أمن واستقرار إقليم شرق المتوسط، ونواة لتطوير سياسات مشتركة في ظل تقاسم المصالح والمخاوف والتوجهات.
ولفتت الدراسة أنه ترتكن الشراكة الثلاثية إلى المصالح والقيم المشتركة وتساهم في دعم السلام والأمن والتنمية الاقتصادية في إقليم شرق المتوسط، من خلال التنسيق حيال الملفات الإقليمية والدولية في قطاعات الأمن والطاقة والاقتصاد والثقافة والبيئة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة