واصل مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء، فضح جماعة الإخوان الإرهابية، مؤكدا أنه ليس جديدا على تلك الجماعة استغلال الأزمات الداخلية والخارجية للهجوم على الدولة المصرية، ومحاولة إظهار مؤسسات الدولة الوطنية فى موضع الضعيف المقصر، ويستخدمون لأجل ذلك الكذب وترويج الشائعات، محاولين تضخيم الآثار السلبية للأزمة وتهميش دور المؤسسات الوطنية فى تقديم الحل، وهدفهم من ذلك بالطبع الترويج لأنفسهم كبديل يستطيع تقديم الحلول والقضاء على الأزمات.
- استغلال أزمة وباء كورونا:
كعادتها فى استثمار الأزمات استغلت جماعة الإخوان جائحة كورونا فى التشكيك فى قدرة الدولة المصرية على مواجهة الوباء، وفى صحة الإجراءات التى تم اتخاذها، وحاولت زرع الفتنة بين الدولة والأطقم الطبية، وتحريض الأطباء على الإضراب والاستقالة، ودعوا الناس للتظاهر وكسر الإجراءات الاحترازية التى تبنتها الدولة من التزام البيوت قدر المستطاع والبُعد عن التجمعات.
وهم إنما يأخذون هذا التوجه لأن نجاح الدولة بمؤسساتها الوطنية فى مواجهة تلك الأزمة سيؤدى إلى زيادة ثقة الناس بالدولة والالتفاف الشعبى حولها، مما سيعمق عزل تلك الجماعة سياسيًّا واجتماعيًّا، ويصعب من إمكانية خلق مناخ سياسى مناسب لها.
- استغلال تلك الأزمة فى التحريض ضد مؤسسات الدولة وأفرادها:
قد استغل التنظيم الإخوانى تلك الجائحة من خلال التحريض وبث الشائعات لإثارة البلبلة والذعر بين الناس؛ فأشاعوا وروجوا أن مصر تصدر فيروس كورونا للعالم، وأن السفر إليها كان أحد أسباب الإصابة بالوباء فى أمريكا وهو كلام لا يصدر إلا من عدو يريد تشويه سمعة مصر لا ابن من أبنائها، ثم ما ذنب تلك الدولة التى كانت مصدرًا لذلك الوباء أيًّا ما تكون، وهى ليست مصر قطعًا، لكن أليس الأمر قدريًّا؟ وهل من المعقول أن يقوم أحد أبناء تلك الدولة بالتجنى عليها وتشويهها واتهامها بتصدير الأوبئة والابتلاءات وكأنه يريد عزلها والإضرار بها سياسيًّا واقتصاديًّا؟!
وإمعانًا فى محاولات التشويه واتهام الدولة المصرية بأنها تعمل ضد الإسلام، أصدروا بعض الفتاوى التى تربط ذلك الوباء بالعقاب الإلهى، على أساس أن مؤسسات الدولة المصرية تعمل ضد أحكام الدين الإسلامى وتتآمر عليه مما استوجب نزول العقاب.
كما استغلوا قرار غلق المساجد -والذى أصدرته كثير من البلاد الإسلامية كإجراء احترازى يقلل من تجمع المواطنين الذى يزيد من سرعة انتشار الفيروس- ذريعة للتشكيك فى النوايا والاتهام بعداوة الدين والتآمر والعمل ضد أحكامه، ثم دعوا الناس لكسر قرار الغلق أو الالتفات حوله من خلال عمل تجمعات للصلاة بديلة عن المساجد فوق أسطح البنايات وداخل بعض المساجد الأهلية بعد إغلاقها، مع أن ذلك القرار أجازته جميع القيادات الدينية وعلى رأسها الأزهر الشريف، وهو المتوافق مع مقاصد الشريعة القاضية بحفظ النفس.
بل وقام أحد الأشخاص الموالين لتلك الجماعة ببث فيديو ظهر فيه وهو يدعو كل مصاب بأعراض المرض أن يقوم بمصافحة أفراد الجيش والشرطة والقضاء والإعلام بغية نشر الذعر بين أفراد تلك المؤسسات وإرباك أدائها الوظيفى. وهو توجه راديكالى لا يعبأ بمفهوم الإنسانية، ولا يعبأ بالمصلحة الوطنية التى هى فوق الأشخاص والأحزاب والجماعات والخلافات، بل ولا يعبأ بتلك الأرواح البريئة المحرمة.
وكان الأولى بهم -إن كانوا يدينون فعلًا بالولاء والمحبة لهذا الوطن- تنحية أى خلاف جانبًا والسعى والعمل على مساعدة الدولة ومؤسساتها لتخطى الأزمة، لكنهم قاموا بخلاف ذلك على الدوام وخاصة فى تلك الأزمة؛ حيث صبوا جل اهتمامهم على توجيه الاتهامات للدولة المصرية، فاتهموها مثلًا بعدم المصارحة وغياب الشفافية، خاصة فيما يتعلق بعدد الإصابات والوفيات، وشككوا فى الأرقام التى أعلنتها وزارة الصحة، وأطلقوا الشائعات بكثافة حول وجود إصابات لا تعلنها الحكومة، وهو ما يتنافى مع البيانات الرسمية المتوالية لوزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، وهو اتهام يعكس فرحتهم بتلك الأزمة، ورغبتهم أن يتفاقم الأمر ويخرج عن سيطرة الدولة، وكأنهم يريدون أن يقدموا أنفسهم كبديل ولو على حساب أرواح الناس ولو كان الثمن فادحًا.
وقد أصدرت وزارة الصحة بيانًا يؤكد الشفافية الكاملة بخصوص الإعلان عن حالات الإصابة والوفاة، وذلك بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية التى أشادت بالطريقة التى تعاملت بها مصر مع فيروس كورونا ونجاحها فى السيطرة على معدلات انتشار الفيروس.
- الاتهام الدائم للدولة المصرية بعدم المصارحة وغياب الشفافية خاصة فيما يتعلق بعدد الإصابات والوفيات والتشكيك فى الأرقام التى أعلنتها وزارة الصحة:
على الرغم من التزام مصر ببروتوكول مكافحة الفيروس والتزامها بالشفافية الكاملة إزاء الإعلان عن أعداد المصابين والوفيات، واتباع سائر تعليمات منظمة الصحة العالمية شأنها فى ذلك شأن الكثير من دول العالم، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين كان لهم رأى آخر، وصورة أحبوا أن تكون هى الصورة الحقيقية لمصر، رغم بعدها تماما عن الحقيقة والواقع.
فروّجت الجماعة بكل قوة وكرست آلتها الإعلامية كاملة منذ بداية انتشار الجائحة إلى أن مصر أخطر بؤر انتشار الفيروس فى العالم، ففى الوقت الذى اتجهت فيه أنظار العالم إلى الصين مصدر الوباء، ثم إلى البلاد المنكوبة بشكل كبير، كإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وحتى الولايات المتحدة الأمريكية، كانت أنظار الإخوان تتجه إلى مصر، محاوِلة رسم صورة تعكس مدى كرهم لوطنهم لدرجة دفعت الإعلامى الإخوانى طارق أبو شريفة، ليصدر تقريره عبر قناة مكملين تحت عنوان: «غلق مدرسة ووضع الطلاب والمعلمين فى حجر صحى ووفاة أول حالة مصرية بالكورونا فى الدقهلية»!.
وهذا العنوان للتقرير ملىء بالتناقض والمبالغة يحاول من خلاله عضو الإخوان تصوير الحالة فى مصر، وكأنها خرجت تماما عن السيطر لدرجة يوضع فيها طلاب مدرسة بأكملها ومعلميها فى حجر صحى، مع العلم أن ذلك فى بداية انتشار موجة الوباء، مما يعنى تفاقم الوضع بشكل لا يمكن احتواؤه مع مرور الوقت والوصول إلى ذروة الانتشار.
والذى يدعو للدهشة هو أنه فى الوقت الذى روّجت فيه جماعة الإخوان لدعاية ضخمة فيما يتعلق بفيروس كورونا فى مصر، كان لجناح الإخوان المسلمين فى تونس توجه آخر، فكان لوزير الصحة التونسى والقيادى بحركة النهضة الإخوانية موقف داعم لضبط النفس والاستقرار، حيث دعا الشعب التونسى إلى عدم نشر الشائعات، والوقوف بجانب الدولة فى محاربة الوباء.
ولا شك أن ذلك التناقض الصارخ يدل على مدى تحكم المصالح الفئوية واستراتيجيات الجماعة الانتهازية فى مواقف الجماعة وتحركاتها، فالموقف تجاه قضية ما لا يعدو كونه ردة فعل للمصالح الخاصة، فإذا كانت الجماعة مطرودة من المشهد السياسى المصرى وتواجه تأزمًا ضخمًا فى علاقتها المجتمعية مع المواطن المصرى، فمن الطبيعى أن يكون موقفها معاديًا للدولة والمجتمع، دافعة فى اتجاه عدم الاستقرار والانهيار الاقتصادى والسياسى، وإذا كانت فى موقع سلطة ما أو مدعومة من سلطة أخرى، فإن مواقفها تدور فى ذلك الإطار كما هو الحال فى مواقف الجماعة تجاه كل ما يخص حكومة أردوغان التركية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة