كشفت الدكتورة هالة رمضان القائم بأعمال رئيس المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عن نتائج الدراسة التي أجراها المركز بعنوان "التعليم عن بعد في مصر وأزمة فيروس كورونا المستجد (مرحلة التعليم الأساسي)" والتي أفادت بأن 71.1% من أولياء الأمور اعتمدوا في مواصلة تعليم أبناءهم على مشاهدة الفيديوهات التعليمية المسجلة، في حين تفاعل 42.5% منهم عن طريق برامج تفاعلية مثل زووم، كما أقر 33.3% من أولياء الأمور باعتمادهم على تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل واتس اب والتليجرام.
وقالت رئيس المركز والمشرفة على الدراسة في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن المركز أجرى الدراسة بهدف التعرف على الاختلاف الذي طرأ على مفهوم التعليم عن بعد لدى أفراد المجتمع المصري من ذوي الصلة بالعملية التعليمية من أولياء أمور، ومعلمين، وقائمين على الإدارة والخبراء، وذلك في ضوء التغيير المفاجئ للنظام التعليمي، إضافة إلى الكشف عن الآثار الإيجابية والسلبية لأسلوب التطبيق على أرض الواقع، ودراسة الآليات المستخدمة في تطبيق التجربة ومدى كفاءتها في تحقيق التواصل الفعال بين الطالب والمعلم، ووضع تصور مستقبلي في ضوء رؤى أفراد عينة الدراسة للسيناريوهات القادمة لنظام التعليم عن بعد في مصر.
وأشارت الدكتورة هالة رمضان إلى أن عينة الدراسة شملت 1110 (مفردة)، منهم 374 فردا من أولياء أمور الطلاب في التعليم الحكومي والخاص لجميع المراحل التعليمية المختلفة بدءا من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الثانوية، باستثناء التعليم الأزهري نظرا لطبيعته الخاصة، كما شملت العينة 318 معلما لنفس المراحل التعليمية بالتعليم الحكومي والخاص، وتضمنت أيضا عينة من المتخصصين والخبراء والقائمين على إدارة العملية التعليمية مثل الموجهين والمدربين العاملين في المديريات التعليمية بواقع 418 فردا.
وأوضحت مديرة المركز أنه من بين الوسائل التعليمية التي اعتمد عليها الطلاب في إعداد المشروع البحثي هي المنصة الرقمية، وكانت أكثر الاستجابات الملفتة هو أن 34.3% من المعلمين أشاروا إلى أنها وسيلة جيدة لتعليم الطلاب مهارات البحث في المعلومات، بينما أشار 32.4% من المعلمين بأن هناك صعوبة في الدخول إليها، أي أن المعلمين انقسموا في آرائهم حول جدواها كأي فكرة جديدة، كما أن 24.8% من المعلمين أشاروا إلى أنها وسيلة فعالة لتوظيف التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية.
وتناولت الدراسة رؤية وتقييم المعلمين لأسلوب المشروع البحثي، حيث أظهرت النتائج أن 73% من المعلمين رفضوا الفكرة وأقروا بأن لها عددا من السلبيات، في حين وافق عليها 27% من أفراد عينة المعلمين وعددوا بعض الإيجابيات كسبب لهذا التقييم.
وحول أسباب تقييم فكرة المشروع البحثي إيجابا أو سلبا من قبل أفراد المعلمين، أظهرت النتائج أيضا أن هناك 73.3% من عينة المعلمين رأوا أنها تجربة جديدة مفيدة للطلاب لتدريبهم على التعليم الذاتي، بينما رأى 69.8% أنه يكسب الطلاب مهارات جديدة للبحث عن المعلومات، في حين أشار 60.5% بأن المشروع يستبدل طريقة التعليم بالحفظ والتلقين بطريقة التفكير والبحث.
وفي المقابل أعرب عدد من المعلمين عن شعورهم بعدم الرضا عن فكرة المشروع البحثي كوسيلة للتقييم، حيث يرى نسبة 77.2% من أفراد عينة المعلمين أن نسبة كبيرة من أولياء الأمور قد قاموا بشراء البحث "جاهز"، وكانت النسبة التالية لها 75% يقرون بأنه (البحث) لا يعبر بدقة عن مستوى التحصيل الدراسي للطلاب، وكان في المرتبة الثالثة نسبة 70.3% رأوا أن من سلبيات فكرة المشروع أنه لم يتم تدريب الطلاب على إعداده مسبقا.
كما تناولت الدراسة رؤية وتقييم الخبراء والقائمين على العملية التعليمية لأسلوب المشروع البحثي كبديل للامتحانات، حيث بينت النتائج أن 56.6% من أفراد عينة الخبراء رأوا أنها فكرة ملائمة وهي النسبة الأكبر، في حين أقر 43.4% منهم بعدم رضاهم عن الفكرة كبديل لأسلوب الامتحانات التقليدية.
وتطرقت الدراسة إلى معرفة مدى امتلاك أولياء الأمور للوسائل المساعدة للتعليم عن بعد، فتبين أن نسبة 94.1% من أولياء الأمور تمتلك جهاز حاسب آلي مكتبي، وحاسب آلي محمول، في مقابل نسبة قليلة بالمقارنة بلغت 5.9% فقط لا يمتلكونها.
وفيما يتعلق بالطلاب، فتمتلك نسبة 73.9% من الطلاب جهاز تابلت داخل المنزل، وهي النسبة الأكبر نظرا لشيوع هذه الوسيلة وسهولة حملها وانخفاض سعرها، كما أنها لا تحتاج إلى مهارات عالية في التعلم، وجاء امتلاك اللاب توب في المرتبة التالية بنسبة تعدت نصف العينة بقليل حيث بلغت 54.4%، ومن بعدها جاءت نسبة امتلاك الأبناء للهاتف المحمول والتي بلغت 36.1%، وأخيرا كان امتلاك الكمبيوتر المكتبي في المرتبة الأخيرة بنسبة قليلة بلغت 14.7%، وهو ما يعني أن هناك نسبة لا يستهان بها من الطلاب يمتلكون بالفعل وسائل تمكنهم من ممارسة عملية التعليم عن بعد على اختلافها.
وتناولت الدراسة التي أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية استطلاع رأي أولياء الأمور من عينة الدراسة بشأن جودة خدمة الإنترنت، حيث أفادت النتائج بأن نسبة قاربت النصف من إجمالي أولياء الأمور أقرت بأن جودة الشبكة يمكن وصفها ب "جيد" وبلغت تلك النسبة 48.9%، ومن بعدها في ترتيب النسب جاء وصفها ب"جيدة جدا" بنسبة بلغت 29.1%، وأخيرا كانت النسبة الأقل لمن وصفها بدرجة "ممتاز" وبلغت 7.2%، وهو ما يشير إلى أن سرعة شبكة الإنترنت وجودتها تعد عاملا مهما أمام تطبيق التجربة بنجاح، وأن ضعف تلك الجودة قد يؤدي إلى صعوبة المهام على الطالب.
وبشأن دور المعلم في عملية التعليم عن بعد أثناء أزمة كورونا، أظهرت النتائج الميدانية أن نسبة 75.2% من عينة المعلمين أقرت بأنه كان هناك تواصل فعال بين المعلم والطالب، بينما ذكرت نسبة 24.8% فقط أنه لم يكن هناك تواصل بين الطلاب والمعلمين.
وعن مزايا التعليم عن بعد، ذكرت الدراسة أن المزايا التقنية جاءت في المقدمة، حيث تمثلت في تنمية المهارات التكنولوجية والبحثية للطلاب، وكذلك مهارات التعلم الذاتي، ومواكبة التطورات والتغيرات الحديثة، يلي ذلك السماح للطلاب باستكمال عامهم الدراسي رغم وجود أزمة كورونا، والقضاء على مشكلة الدروس الخصوصية وما يرتبط بها من سلبيات، علاوة على تنمية مهارات عدد كبير من أولياء الأمور في التعامل مع تجربة التعليم عن بعد واستخدام التقنيات الحديثة، واعتبار هذا النمط من التعليم وسيلة تفاعل جيدة.
وفيما يتعلق بتحديات التعليم عن بعد من وجهة نظر عينة الخبراء والقائمين على العملية التعليمية، أوضحت الدراسة أن نسبة 98% من أفراد العينة أقروا بوجود تحديات في مقابل 2% أقروا بعدم وجود صعوبات أو معوقات، حيث أجمع أغلب القائمين على التعليم من أفراد العينة أن أبرز تلك المعوقات يتثمل في المعوقات التقنية مثل: (عدم توفر الإمكانيات التكنولوجية اللازمة لدى الجميع) بنسبة 80%، يلي ذلك (بطء شبكة الإنترنت في مصر) بنسبة 76%، ثم المعوقات الخاصة بالعنصر البشري والتي تتعلق بمدى استعداد الطلاب والمعلمين لاستخدام هذا الأسلوب في التعليم مثل: (عدم امتلاك الطلاب بنسبة 67% والمعلمين بنسبة 66% لمهارات التعليم عن بعد)، بالإضافة إلى صعوبة تعامل ودخول الطلاب على قواعد البيانات بنسبة 40%.
ويمكن تفسير هذه الصعوبات بالتحول المفاجئ لاستخدام هذا النمط من التعليم في ظل الظروف الراهنة، وذلك في ظل عدم المعرفة لبعض الفئات بتقنيات استخدام الكمبيوتر والإنترنت، وما يترتب عليه من عدم القدرة على الوصول إلى مصادر المعلومات المرغوبة، وبالتالي التخوف من عدم تحقيق الأهداف المرجوة من سير المنظومة التعليمية بهذا الشكل.
أما عن التحديات التي تواجه تجربة التعليم عن بعد من وجهة نظر المعلمين، فأظهرت الدراسة إجماع أغلب المعلمين على وجود بعض التحديات والمعوقات أمام تطبيق أسلوب التعليم عن بعد في الوقت الحالي بنسبة 98.4% في مقابل 1.6% فقط لا يرون تلك المعوقات، حيث تشكل العوامل الاقتصادية تحديا أساسيا أمام تطبيق هذه التجربة في الفترة الحالية، فجاء ضعف إمكانيات بعض الأسر في مقدمة هذه المعوقات، بنسبة 73.8% ، ثم العوامل التقنية مثل بطء شبكة الإنترنت بنسبة 72.5%، وعدم استعداد الطلاب وكونهم غير مؤهلين لاستخدام تقنيات هذا الأسلوب في التعليم في الوقت الحالي بنسبة 70.3%.. يلي ذلك أيضا كون المدرسين غير مؤهلين، ثم العبء على أولياء الأمور، باعتبارهم شركاء أساسيين في المنظومة التعليمية.
يشار إلى أن هيئة البحث المعنية بالدراسة تشكلت من الأستاذة الدكتورة هالة رمضان، الدكتورة ريهام محي الدين، الدكتورة منى بدير، الدكتورة أماني فوزي، الدكتور عبدالله سليمان، عهود عبدالوهاب، ومها عبدالحكيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة