لازالت أصداء الحكم الصادر من محكمة جنايات المنيا، تتوالى ببراءة شخص "أحمد محمد يوسف" محكوم عليه بالإعدام من تهمتى قتل واغتصاب المجني عليها "خلود. م"، وذلك لأن بين الحكمين ست سنوات كاملة أمضاها المتهم البريء متنقلًا ما بين زنزانة عادية إلى عنبر الإعدام ثم إلى زنزانة عادية مرة أخرى قبل أن يخرج للنور من جديد ويتنفس نسمات الحرية.
ملحوظة:
في غضون 8 سبتمبر 2015 - أصدرت محكمة جنايات المنيا، حكمها بالإعدام شنقًا على المتهم أحمد محمد محمود يوسف بتهمة قتل واغتصاب المجني عليها "خلود. م"، فيما قضت ذات المحكمة بهيئة جديدة بعد نقض الحكم الموافق 17 ديسمبر ببراءة المتهم بعد إعادة محاكمته بتهمة قتل واغتصاب المجني عليها.
هل يجوز التعويض للمتهم جراء سنوات سجنه؟
تفاصيل مرعبة ومؤسفة قضاها المتهم خلال السنوات الستة الماضية منذ وقوع الجريمة وحتى صدور حكم البراءة مرورا بعشرات الجلسات والتنقل بسيارة الترحيلات ما بين قاعات المحاكم والنيابات، فضلاَ عن مدى الأيام الصعبة التي قضتها أسرته من جراء هذه الأحداث، حيث كان من أصعب ما صرح به المتهم العائد من عنبر الإعدام قائلاَ: "حُرمت من أطفالى، وهم في أجمل أيام عمرهم، ولم أفقد إيماني ببراءتي".
تلك الأحداث جعلت "اليوم السابع" يلقى الضوء على إشكالية في غاية الأهمية طُرحت بعد صدور حكم البراءة على المتهم العائد من عنبر الإعدام، كون الواقعة من الصعب حدوثها حيث أنه يتم تخفيف العقوبة في معظم الأحداث والأحكام، ولكن هذه المرة المتهم يحصل على حكم البراءة، وذلك لعدم وجود أي أدلة فنية في مسرح الجريمة تدين المتهم، فكان السؤال هل القانون أعطى للمتهم الحق في التعويض عقب الحصول على حكم البراءة تعويضاَ عن الأيام المرعبة والقاسية التي قضاها في السجن خلال تلك الفترة – بحسب الخبير القانوني والمحامى محمود عبد القادر.
المتهم البرئ أحمد محمد يوسف
يحق له المطالبة بالتعويض من وزير العدل عن 6 سنوات قضاها بالسجن
في البداية – بين الحكمين ست سنوات كاملة أمضاها المتهم البريء متنقلًا ما بين زنزانة عادية إلى عنبر الإعدام ثم الى زنزانة عادية مرة أخرى قبل أن يخرج للنور من جديد ويتنفس نسمات الحرية، حيث يحق للشخص الصادر لصالحه حكم البراءة المطالبة بالتعويض من وزير العدل بصفته، ورفع دعوى قضائية أمام القضاء المدني للمطالبة بالتعويض عن الخطأ القضائي الذي سبب له أضرارا مادية حيث تتوفر في حالة هذا المحكوم ضده عناصر المسئولية التقصيرية وهي الخطأ في الحكم من قبل القضاء، وعنصر الضرر في سجنه ظلما 6 سنوات، وعلاقة السببية بينهما ومعنوية استنادا للمادة 163 من القانون المدنى الناصة على:
"كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض"، وتنص المادة 174 من القانون المدنى على: "يكون المتبوع مسئولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها، وتقوم رابطة التبعية، ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه، متى كانت له عليه سلطة في رقابته وفي توجيهه" – وفقا لـ"عبد القادر".
وماذا عن قيمة التعويض؟
أما عن قيمة التعويض ستكون بمقدار الأضرار المادية والمعنوية التي أصابته، وسيشمل التعويض ما فاته من كسب وما لحق به من خسارة، وقد ورد حكم نقض بذلك: "واستقر على أن التعويض مقياسه الضرر المباشر الذى أحدثه الخطأ شموله عنصرين هما الخسارة التي لحقت بالمضرور والكسب الذى فاته وللقاضي تقويمهما بالمال شرطه ألا يقل أو يزيد عن الضرر متوقعا كان أو غير متوقع، وذلك طبقا للطعن المقيد برقم 1733 لسنة 62 ق جلسة 1 فبراير 2000 – كما سبق لمحكمة النقض أن أصدرت حكما مماثلا بالتعويض عن الخطأ القضائي في الطعن رقم 2484 لسنة 65 قضائية.
مطالبات بإلغاء عقوبة الإعدام
وعن التعويض في أحكام القضايا التي تصدر عن طريق "خطأ مهنى" – يقول رئيس المحكمة السابق المستشار أحمد عبد الرحمن الصادق - أن القضايا تنظر وفقاً لأوراق الدعوى ويطبق عليها نصوص القانون، وفي حال ثبوت وجود خطأ مهني جسيم من القاضي في حكمه يجوز للمتضرر طلب التعويض، حيث أن التفتيش القضائي من حقه مراقبة أحكام قضاة المحاكم الابتدائية، وحول الشكاوى من قبل البعض من طول فترات الحبس الاحتياطي حتى يحصل المتهم على البراءة أو الإدانة، يؤكد: "الحبس الاحتياطي أجراء قانوني يطول أو يقصر بظروف التحقيق، وله مبررات إذا توافرت هذه المبررات من حق القاضي تجديد الحبس، وتختلف وفقا لظروف كل قضية، وفي النهاية هذه إجراءات والقاضي ليس دمويا يرغب في حبس المواطنين، فهو إنسان في النهاية لا يريد تعذيب الناس وأبعادهم عن أهاليهم لكن هناك تحقيق ورؤية وواقعة.
المحامى محمود عبدالقادر
وحول المطالب بإلغاء عقوبة الإعدام، يوضح "الصادق" في تصريح خاص - لا توجد اتفاقية دولية في العالم تمنع عقوبة الإعدام، حيث أن عقوبة الإعدام تطبيق على الجرائم الجسمية التي تختلف من بلد لأخر وداخل البلد الواحد وفقا لكل زمن، وهناك عشرات الدول توقع عقوبات الإعدام ليس مصر فقط، كما أن هناك ضمانات للمحكوم عليه بالإعدام كثيرة، منها وجوب الطعن على الحكم وإجراءات كثيرة أخرى، وفى النهاية القاضي لا يتأثر بالحديث عن الإعدامات ولا يحكم إلا بقناعته فهو ينظر مدى ارتكاب المتهم للجرم، ومن لا يرتضي بحكم معين فليطعن أمام جهة الطعن الأعلى، وهذه هي وسيلة التعبير عن رفض الحكم، أى أنه يجوز الاعتراض على أحكام القضاء بشكل قانونى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة