الإبداع ليس له حدود ولا مكان، فالمبدع لا ينتظر الأجواء المهيئة والغرف الشاسعة لإخراج الفن الذي يعشقه، ورغم بعد مدينة الأقصر عن العاصمة مركز الإبداع والمبدعين وقلة الدعم المقدم لنجوم الفن بمختلف أشكاله، إلا أنه يوجد بصيص نور فى قلوب المحبين للفن، فلدينا عينة مميزة من نجوم مبدعون يقومون بتهيئة الظروف لصالحهم لإخراج مواهبهم الفنية المختلفة من فنون تشكيلي ولوحات زيتية ولوحات بالخطوط العربية بالأشكال المختلفة، ولوحات مرسومة بالمسامير لأول مرة بالصعيد وآخرى ينقشها طفل صغير يعشق الفن ولوحات للمجاذيب ومشايخ الطرق الصوفية وآخرى للفتيات والملامح الصعيدية الجميلة، جميع تلك الأشكال من الإبداع تجمعت فى مكان بسيط غرفة وصالة.
قرر 3 شباب من أبناء الفنان التشكيلي الراحل محمد السنوسى مدير الفنون التشكيلية بقصر ثقافة الأقصر، والذي كان له باع كبير فى الفن التشكيلي ودعم المواهب بجنوب الصعيد، وورث الموهبة منه أبناؤه الثلاثة عمل مقر لرعاية المواهب ودعمها بكل المتطلبات لإخراج الإبداع من أيديهم وعرضها أمام الجمهور بصورة تليق بأبناء الصعيد.
وفى هذا الصدد إلتقى "اليوم السابع" وقضى ليلة داخل مرسم الفنان الأقصرى الراحل محمد السنوسى إبن محافظة الأقصر، والذي يضم عدد من المواهب الشابة المتخصصين فى الفنون التشكيلية المتنوعة ما بين عمل لوحات بالخط العربى ولوحات من الطبيعة الأقصرية ولوحات للأطفال وأعمال نحت ورسم بالمسامير والصلصال وغيرها، حيث رافق "اليوم السابع" فى جولة داخل المرسم الشاب الشاذلى السنوسى المشرف على المرسم وراعى المواهب الشابة داخله، والذي أكد أنهم قرروا استكمال مسيرة والدهم المميزة فى المجال الفنى ورعاية الشباب والأطفال الموهوبين، لرفع اسمه فى مختلف المجالات، حيث يشارك الشباب فى المسابقات والمعارض الفنية ويحصلون على مراكز متقدمة على مستوى الجمهورية.
وقال الشاذلى السنوسى، أنه لديه عدد من نجوم الفن المبدعين داخل المرسم ومنهم إبراهيم أحمد الفنان بالرسم بالمسامير، وحسن محمود متخصص فى مجال النحت ومحمود السنوسى الفنان التشكيلي للوحات المختلفة، وأطفال يشكلون بالصلصال وخلافه من نجوم الفن المبدعين من شباب الأقصر، مؤكداً على أنه توجد لوحات متنوعة لوالده داخل المرسم بجانب لوحات متنوعة وتماثيل ومشغولات يدوية نفذها الشباب والأطفال داخل المرسم حيث يشاركون بها فى مسابقات وجوائز متنوعة.
وأوضح راعى المواهب الشاذلى السنوسي داخل المرسم، أنهم قرروا منذ فترة طويلة عمل المرسم بهذا الشكل البسيط والمكون من غرفة وصالة طويلة فى الطابق الأرضي بوسط مدينة الأقصر، للمساهمة فى جمع النجوم من المواهب المختلفة واستكمال مسيرة والده، عبر مشاركة لوحاته الفنية تكريماً له، وبعدها قرر أن يسير على نهج والده فى الخط العربى وعمل لوحات فنية بالخطوط العربية المتنوعة والمشاركة بها فى المعارض، وشقيقهم الدكتور صالح السنوسى بكلية الفنون الجميلة فى قسم التصوير هو الداعم الأكبر لهم فى كل تفاصيل العمل، حيث يشاركهم فى كافة المتطلبات ويوفر لهم كل شيئ من البداية، حتى بدء الأهالى يعرفون إبداعاتهم ويطلبون منهم مشاركتها فى المعارض الفنية والتزيين والتجميل للمنازل والجداريات والمساجد وغيرها، موضحاً أنه يقوم بعمل كتابات الخط العربى بأشكال متنوعة فى واجهات منازل الحجاج وهو متخصص فى هذه الرسومات والأشكال أمام منزل من يزور بيت الله الحرام لإضافه أجواء من البهجة والسعادة لهم لدى عودتهم من بين الله الحرام.
فيما قال محمود السنوسى أحد الشباب المبدعين داخل المرسم، أنه رسام ويعمل منذ 7 سنوات بعد ان اكتسب الموهبة بالفطرة وقرر تنميتها فى جولات بالمعارض وعمل اكثر من لوحة حتى وصل لمستوى مميز، ويشارك حالياً فى عدد من المعارض المختلفة بالصعيد وحول مصر، ومن أبرز لوحاته لوحات المجاذيب الفنية التى يرصد فيها الشخصيات الصوفية فى حلقات الذكر والساحات الدينية بالأقصر.
ويضيف محمود السنوسي فى لقاء لـ"اليوم السابع"، أنه ورث عن والده الفن التشكيلي بالفطرة فهو غير دارس للفن الأكاديمي كباقى المبدعين بمصر، ولكن والده المرحوم محمد سنوسى مدير الفنون التشكيلية بقصر ثقافة الأقصر ومشرف مراسم الأقصر المركزية التابعة للهيئة العامة للقصور الثقافة الجماهيرية، كان قبل وفاته بعمل بكل قوة فى ملف هام وهو عودة المراسم من جديد للصعيد، حيث وقتها كانت المراسم تقام على غرار مراسم الشيخ عبد الرسول بالبر الغربى، باستضافة الفنانين باستراحة المراسم بقصر الثقافة المجاور لمعبد الأقصر وسط المدينة قبل نقله من مكانه الآن، موضحاً أن المراسم وقتها كانت بداية على الطريق الصحيح رغم قلة الإمكانيات المتاحة، وكانت خطوة لا يمكن تجاهلها فى سبيل الوصول إلى رفع مستوى التذوق الفنى والارتقاء بالبلاد، وأكبر خدمة لفنانى مصر العظام للدراسة والتذوق والتشبع من منبع حضارة مصر الخالدة، وكانت كل أمانيهم وقتها أن تدوم وتتطور وتدعم من كل الجهات حتى استمرت حتى وقت قريب من العقد الأول من الألفية الثالثة.
وأوضح الفنان التشكيلي محمود السنوسى، أنه ظل يتعلم فى الصغر كل أساسيات العمل للوحات بالزيت فهو متخصص فى هذا الشأن وبعد تمكنه من رسم اللوحات بشكل قوى وأعجب بها كبار الفنانين، قرر الدخول فى مضمار جديد من الفن التشكيلي وهو رسم لوحات لكبار مشايخ الصوفية والساحات الدينية وتصوير المجاذيب فى حلقات الذكر بحكم تواجده الدائم فى الساحات الدينية، وعمل لوحات للمجاذيب تشع منها الطاقة والروح الداخلية للمجذوب خلال حلقات الذكر، والتى أعجبت الكثير من محبينه وداعميه، مؤكداً على أنه وفريق المرسم يشاركون بصورة دائمة فى كافة الفعاليات الفنية بالأقصر والصعيد، وشاركوا فى تجميل واجهات المنازل بالبر الغربى وكذلك عمل لوحات على كورنيش النيل ولوحات فنية أمام محطة سكك حديد الأقصر لبث روح الفن الكامنة داخلهم فى مختلف أنحاء الأقصر لتستفيد منها بلدهم.
فيما إلتقى "اليوم السابع" بفنان آخر داخل المرسم وهو الفنان النحات حسن محمد من منشأة العمارى والذي يبلغ من العمر 23 سنة، حيث إنطلق فى مجال النحت منذ عامين بعد أن تخصص فى النحت بكلية الفنون الجميلة، موضحاً أنه فى البداية يعملون على نحت الحيوانات المختلفة كالقطط والبوم والفيل والحصان وغيرها من الحيوانات البسيطة التى تكسبهم النحت فيها خبرة قوية فى العمل، حيث يتلقون معلومات وحصص تعليمية داخل الكلية على كافة خطوات وفنون النحت، مؤكداً على أنه يتلقى الدعم من القائمين على المرسم على النحت وترسيخ موهبته حيث قام بعمل نحت لأطراف الجسد والنحت البارز وكذلك الكبش والبقرة وغيرها من الحيوانات.
ويضيف النحات حسن محمد لـ"اليوم السابع"، أنه لا يعمل بالنحت فقط ولكن يقوم بعمل رسومات مختلفة وشارك فى نحت ميادين كبيرة بالتماثيل، حيث شارك مع جروب فى تمثال بميدان 6 أكتوبر بالعاصمة وتوقف العمل لظروف كورونا، كما شاركوا فى رسومات بمدينة العمال على الشوارع وتزيينها، وفى البر الغربي عدد من الجداريات المميزة لتزيين وتجميل المدن أمام السائحين لخدمة الأقصر بصورة أفضل بالفن الذي يقدمونه.
وعن فترة العمل فى التمثال يقول النحات حسن محمد، أنه يجب كل تمثال أن يأخذ وقته الكامل فى العمل والنحت من الألف للياء، حيث أن الفنان يحتاج أن يأخذ وقته بالكامل خلال العمل فى تمثاله الخاص ليخرج العمل بشكل جمالى وحب لدى النحت، فالفنان يجب ألا يعمل وهو خارج المود الجيد فالفن يحتاج لمزاجية لعمل لوحات وتماثيل تليق بالفنان أمام جمهوره.
كما إلتقى "اليوم السابع" داخل مرسم السنوسى لرعاية ودعم المواهب الفنية بالأقصر، بالطفل محمد إبراهيم الشهير بـ"الشبراوى"، والذي يقوم بعمل تماثيل ومجسمات لأشكال مختلفة بالصلصال، حيث يشاهد الفيديوهات على اليوتيوب وقرر عمل أشكال مختلفة منها بالصلصال ويقوم بعملها داخل المرسم يومياً مع أصدقاؤه الذين يدعمونه ويوفرون له الصلصال لعمل المجسمات واكتساب الموهبة بشكل أكبر.
وفى نهاية الجولة قال الشاذلى السنوسى المشرف على المرسم وراعى المواهب الشابة داخله، إن المرسم ومن ظهر داخل مجموعة بسيطة من المواهب والمبدعين فى مجال الفن ويحتاجون لدعم أكبر خلال الفترة المقبلة، فيما قال شقيقه محمود السنوسي أنهم يقدمون كل ما لديهم لدعم تلك المواهب لتوصيلهم للمعارض الفنية المختلفة فأساس الفنان هو العمل وهم يقدمون الدعم للجميع للعمل داخل المرسم فى أجواء فنية وإبداعية تساعدهم لتوصيل أفكارهم الفنية.
مرسم السنوسى (6)
مرسم السنوسى (9)
مرسم السنوسى (10)
احدى-ابداعات-شباب-المرسم-بميادين-الأقصر
احدى-لوحات-الفنان-السنوسى-الأب-داخل-المرسم
اشكال-مميزة-داخل-مرسم-السنوسى
أعمال-الشباب-فى-تجميل-أكشاك-الكهرباء
تصميمات-مميزة-لنجوم-مرسم-السنوسى
ساعة-على-شكل-مركب-داخل-المرسم
شباب-مرسم-السنوسى-فى-صورة-تذكارية
لوحات-لحث-الأطفال-على-ارتداء-الكمامات
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة