-
محى الأمية وإنتقل للثانوية ويخطط للجامعة وإنشاء شركة خاصة
-
ويؤكد : طموحى ليس له نهاية ولم أفكر أن أقول لأحد أعطينى
-
ورفضت عرضا للإقامة بالحرم المكى مقابل توفير احتياجاتى وكان ردى مكانى هو وطنى
قصة تحدى فريدة من نوعها للإعاقة عمرها 36 عاما، هى بطلها "محمد الحر"، ابن مدينة العريش، بشمال سيناء، ولد بإعاقة فى اكتمال نمو أطرافه جعلته مقعدا يواجه حياته معتمدا على عقله ولسانه، ومن على مقعد متحرك استطاع أن يطلق أول مشروع تجارى وعمره 6 سنوات، حتى أصبح صاحب مشروع لخدمات الهواتف المحمولة، ووكيلا لكبرى الشركات فى هذا المجال.
تحديات يواجهها البطل قاهر المستحيل يوميا رواها لـ"اليوم السابع"، "الحر فون" كما يطلق عليه أهالى شمال سيناء، وهو الإسم الذى إختاره لنفسه، بدأ بقوله :"لم أشعر يوما أنى معاق، كما لم أشعر انى كنت أشكل عبئ أو ثقل على أحد، بدأت من الصفر حتى أصبحت فى نعمة أحمد الله عليها جاءت من عرق جبينى ".
أشار الحر، إلى أنه الابن رقم "7" من بين أشقائه الـ"9"، ولد بإعاقة، تمثلت فى ضمور أطرافه وتوقف نمو جسده بشكل طبيعى، وتعرض لكسر فى قدمه وهو فى سن الخامسة عشر حتى أصبح قعيدا تماما، موضحا أنه خرج للدنيا دون أن يرى والدته، التى توفت وهو فى الثانية من عمره، وتولت رعايته شقيقته حتى تزوجت وهو فى سن الثامنة.
وعاد "قاهر المستحيل"، بالحديث عن طفولته الأولى، وخلالها كما يقول بدأ بفرض شخصيته وصرف نظر كل من حوله عن إعاقته، والتعامل معه كإنسان طبيعى، فكان قراره عمل مشروع صغير لتوفير مصروفه، وهو عبارة عن "حلة ترمس"، يجلس بها على الشارع أمام منزلهم ليبيع منها للمارة، ونجح المشروع وما وفره من بيع الترمس قام بشراء حلويات بسيطة وإحضار "ترابيزة" ومن عليها يبيع للطلبة أمام مدرسة قريبة من منزلهم، وكانت الفكرة ناجحة ويوما بعد الآخر تطورت وكبرت وبدلا من علبة حلويات أصبح حوله كميات من البقالة، وأصبح يعتمد على نفسه بشكل تام وله مصدر دخل يساعده .
وقال محمد الحر، أنه خلال هذه الفترة لم يتمكن من الذهاب للمدرسة، لكن مدرسا لاينساه يدعى "فتحى حبشى" قام بتعليمه ذاتيا حتى أجاد تماما القراءة والكتابة بكل تشكيلاتها، ويعتبر هذا المعلم من أفضل ممن تركوا أثرا على حياته.
وتابع "الحر"، الحديث بقوله أن مرحلة تحدى جديدة واجهها، وهى انتقال أسرته لمنطقة جديدة فى العريش فى منزل بمنطقة شبه خالية من السكان وقتها، وفيها شعر أنه يموت لأنه بلا عمل وجاءت نقطة تحول فى حياته أن أحد أشقائه فتح مشروع محل هواتف على مسافة قريبة من بيتهم، وكان يتردد عليه حتى فهم خلال شهور كل مقتضيات العمل فى مهنة بائع فى محل هواتف، ولكن شقيقه أغلق المحل وعاد هو للجلوس فى المنزل، وبعد فترة طلب من والده تجهيز محل له وإستقر الرأى على تخصيص مساحة بسيطة تواجه الشارع الرئيسى من منزلهم كمحل صغير، وبالفعل فيه بدأ ومنه إنطلق وخلال فترة وجيزة كان محله واجهة تسوق لكل أهل منطقته، التى فيما بعد تعمرت وأصبحت كتلة سكانية مهمة فى العريش.
وتابع الشاب البطل، أن طموحه لم يتوقف فقد أعاد ترتيب محله وبضائعه، وفكر فى الإنطلاقة بفروع أخرى فى منطقة سكنية أكثر إزدحاما، وعلى مسافة ليست بعيدة عن بيته وهى ضاحية السلام، وبعد تشغيل الفرع واجه مشكلة إغلاق محيطه، ومن جديد حاول فى مكان آخر، وإستقر به فى موقع أفضل، وأصبح إضافة لتوفير كل ما يتعلق بالهواتف وكيلا لإحدى شركات الدفع الإلكترونى بالقاهرة فى محافظة شمال سيناء وموردا لخدماتها لعملاء على مستوى المحافظة، جميعهم أصبحوا يعتمدون عليه، وجاء هذا بعد نحو 6 سنوات من تشغيله لمحله الصغير.
وأشار الشاب محمد، إلى أنه فى عمله حاليا أصبح 8 شباب يعملون معه، ويعتبرهم مساعدين له ويرفض مقولة أنهم "عمال" معه، ويعتمد فى نظام عمله أن من يساعده فى مهنته هو شريك له فى نجاحه وماله، لافتا إلى أن المساعدة لا تعنى مساعدته كمعاق ولكن كصاحب رأس مال هم شركاء مساعدين فى إدارته بنجاح يحقق ربح للجميع، موضحا أنه خلال هذه الفترة إلتحق بفصول محو الأمية، ومنها حصل على شهادة وإستكمل تعليمه بدخول الثانوى تجارى، ووصل للصف الثانى ولديه نية لأن يواصل دراسته حتى التخرج من كلية التجارة .
وتابع محمد قائلا، أنه لايزال يوميا يواصل عمله من مكتبه بمحله الذى منه إنطلق بجوار منزله فى حى عاطف السادات بالعريش، ولاينهى يومه قبل المرور والإطمئنان على باقى أعماله فى الفرع الأخر والمرور مستقلا كرسيه المتحرك الكهربائى على الوكلاء له فى البيع بمحلاتهم، ومناقشة كل متطلباتهم أو مشاكل يواجهونها ويختم يومه بمراجعة كل أعماله الحسابية.
اثناء-عمله
وقال محمد، أنه لم يسعى لطريق إلا ويصل لما يريده منها، لأنه يضع مبدأ الإعتماد على نفسه وليس على الأخرين أيا كانت الصعوبات، وأنه ورغم ظروفه تمكن من أداء العمرة 3 مرات، وكانت هناك أيتين كانت لهما الأثر فى حياته وجعلته لا يفكر مطلقا أن يقول لماذا أنا خلقت هكذا؟، ففى إحداها شاهد فى الحرم المكى كيف أن معتمرا حضر وهو يعانى سمنة مفرطة أحالت دون دخوله من الأبواب وعجز من حوله على مساعدته بحمله فى حين أنه عندما حضر بسهوله الكل تسابق فى حمله ووضعه فى المكان الذى يريده، والأخرى وهو فى طريق للمدينة المنورة شاهد شابا فى عمره من دولة اليمن على كرسى ولا يوجد جزء فى جسده يستطيع تحريكه وهو مقعد تماما، وبعد رؤية المشهدين عاد بطاقة أقوى على مواجهة أى صعاب وأنه أفضل بمراحل كثيرة من غيره.
وأضاف الشاب السيناوى، أنه فوجئ وهو فى الحرم المكى برجل خليجى يعرض عليه أن يبقى فى مكة خادما بالحرم، ويحصل على ما يريد لكنه رفض، مما أثار إستغراب صاحب العرض وكان رده أنه يريد أن يبقى بمكانه فى وطنه وله شخصيته فى المكان الذى يريده وليس قصد الإستهانة من عرض الكل يتمناه أن يبقى فى الحرم، لكن لا يريد أن يكون محل شفقة وأن يكون وجوده نابع من قدرته الشخصية على الحضور للعبادة وليس لأحد فضلا فيه.
وقال محمد الحر، إن علاقته بأسرته قوية، وهو يعيش بينهم ودائما والده الذى أصبح حاليا رجل مسن على المعاش يفخر به، ويقول أنه أفضل نموذج نجاح بين أبنائه، وأن له "أصحاب" كثيرين، وكل من حوله أصحابه، لكن له صديق واحد وهو "علاء الزميلي"، لافتا إلى أن كل شخص فى ظروفه يجب أن يعلم أن الأسرة هى السبب الرئيسى فى نجاحه أو فشله و تحويله لمعاق فعلى، وما على كل أسرة فيها من هو مثل حالته إلا أن تشجعه وتتركه ينطلق كشخص عادى دون إظهار أى إحساس أن ينقصه أى شيء .
واستطرد الشاب محمد، أنه فى هذا السياق كثير ما لا يعترف بما تقام من فعاليات للمعاقين ويعتبرها لا أهمية لها طالما لم تفيد المعاق، وقال: "أنا لا أحضرها ولا أضيع وقتى لحضور مؤتمر من أجل أن أسمع حكايات وإطراء تضيف إحباط وتشعرنا أننا نختلف"، وأن طموحه ليس له نهاية، لأنه لو حدد نهاية سيتوقف عندها وهو يريد أن يصل لمحطات ومنها ينطلق لأخرى، مشيرا إلى أن محطته القادمة التى يجهز لها هى إنشاء شركة خدمات إلكترونية خاصة به تحمل اسمه، وتعتمد على ثقة عملائه به ولا يرى أن هذا مستحيلا وفى هذه الشركة يخصص مكتب خاص بذوى الهمم، يعتمد على مشاركتهم فى تقديم الخدمات إلكترونيا.
واختتم الشاب المكافح: "أنه لا ينتظر أى مساعدة من أحد، أو تقديم له أى خدمة له، لأن خبرته علمته إنه إذا انتظر سيبقى فى حالة انتظار أن يأخذ، وهو لن يضيع وقته وعمره فى الانتظار ويسعى للحصول على ما يريد، وهو لم يفكر أو يرد بخاطره يوما أن يقول لأحد أعطنى".
امام-مقر-عمله
رجل-تحدى-كل-صعوبات
فى-طريقه-لمتابعة-اعماله
لايعرف-المستحيل
محمد-الحر-قاهر-المستحيل-بشمال-سيناء
مع-محرر-اليوم-السابع-امام-محله
يتجول-متابعا-اعماله
يتحدث-لمحرر-اليوم-السابع-عن-تجربته
يقول-انه-لايعترف-بالاعاقة
يلقبونه-الحر-فون
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة