وجهها منحوت عليه الشقاء الذى عاشته عندما قاسمت زوجها فى تولى مسئولية الأرض والأبناء، وبابتسامة جميلة منها تعيدك إلى الزمن الجميل الذى عاشته، بالرغم من إقامتها بمنزل بسيط من الطوب اللبن، يخلو مما تذخر به المنازل حاليا لكن تجدها أسعد إنسانة على الأرض بالرضا الذى يسكن قلبها بأن زمانها كان هو الزمن الجميل وأيام الخير والبركة، تجلس كل يوم على حصيرة من البلاستيك أمام منزلها البسيط تتسامر مع جيرانها فى أمورهم وتقع قصة فصولها قصة كفاحها بأرض سراج الدين مركز بلبيس محافظة الشرقية.
إنها السيدة المسنة "نجيبة" صاحبة الـ 96 عاما، قضت 80 منها تعمل بأرضها الزراعية بيدها لتربى ابنائها بعد غياب زوجها لأيام وشهور عن المنزل بحكم عمله طباخاً لفؤاد باشا سراج الدين، وسردت السيدة التى قاربت من المائة عام رحلتها لـ"اليوم السابع"، قائلة، اسمى "نجيبة يوسف عطوة" تزوجت فى الثانية عشر من شخص يدعى "محمد" وزمان كانت البنات تتزوج فى هذا السن، وهن أطفال يصبحن أمهات، ورزقنى الله منه بستة أبناء توفى ثلاثة منهم فى الطفولة وتبقى معى ولد وبنتين، وزوجى كان وشى حلو عليه، وطلب للعمل طباخاً لـ"فؤاد باشا سراج الدين" فى عزبته الكائنة بالناحية بسراج الدين، وكان يقضى فى قصره الأيام والشهور، فتوليت رعاية الأبناء والحقل.
"يارب ترزقنا وتحنن علينا وتدينا رزقنا وإحنا تحت أمرك يارب".. كانت تبدأ عملها فى الحقل بهذا الدعاء، قائلة، أى حاجة فى "الغيط" كنت أقوم بها أجمع حشيش فى طيات ملابسى وأحمل الذرة على الحمار من للبيت وتوليت كافة أمور الأرض، وكانت أيامنا بسيطة كحياتنا نأكل الغداء والعشاء بالأرض، وزوجى كان يساعدنى فى أجازته فى أمور الطهى وكان يطهو كل شىء حتى المحشى، وكان طباخ نظيف والباشا كان بيحبه، وعمره ما حكى لنا عن أى أمور خاصة فى قصر الباشا، وعندما كنا نقول له أحكى لنا ماتراه كان يضحك ويقول أرى الصبايا الحلوة بتاعة مصر.
وأضافت نجيبة، كان أجره بسيط جدا وظل طوال حياته يعمل طباخاً للباشا، وبالرغم من أننا على قد حالنا لكن كان بيتى كله خير ومفتوح للقريب والغريب والناس عندما كانت تغضب من بعضها كانت تأتى تتصالح فى بيتى، وبعد وفاة زوجى توليت رعاية ابنائى وأرضى رعاية كاملة، وكنت أزرع وأقلع وأبيع المحصول نصرف ونعيش.
"مفيش حاجة على مزاجى"، وعند سؤالها عمن تحب سماع الموسيقى والغناء، قالت كنت أحب السيدة "أم كلثوم" وحاليا لا يوجد شىء على مزاجى، لكن بحب أغنية "تسلم الأيادى تسلم ياجيش بلادى"، موضحة أنها تحب من رؤساء مصر الزعيم "جمال عبد الناصر" الذى جعل للفلاح كرامة، والرئيس "عبد الفتاح السيسي"، وكثيرا ما تدعو له قائلة: "ربنا ينجح مقصودة ويكفيه شر الشر وشر اللى يحفر وراه".
وعن قضاء يومها قالت: قضيت أكثر من 80 عاما من حياتى أعمل فى أرضى، وتوقفت آخر 4 سنوات بحكم السن والشيخوخة، وأستيقظ مع صوت إذاعة القرآن الكريم، لتأدية صلاة الفجر وأذكر ربنا، ونتناول الإفطار بصحبة نجلتى الأرملة التى تعيش معى، وبعود لغرفتى وفى الظهيرة أجلس على الحصيرة أمام المنزل، ولدى قطة تعيش معى فى الغرفة ولا تفارقنى أبدا.
وعن أمنيتها فى الحياة، قالت : أتمنى من ربنا زيارة قبر الرسول، لأنه لم تساعدنى ظروفى فى تأدية فريضة الحج أو مناسك العمرة، ومن فترة سيدة عرضت على أن تسفرنى أحج بيت الله وكانت أمنية حياتى، لكن رفضت أسافر من غير ابنى الوحيد، ولكونى سيدة كبيرة وأحتاج لمن يتولى رعايتى هناك، لكن كل شئ نصيب لو لنا نصيب هنروح".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة