جاء مشروع قانون الجمارك الجديد ليعالج السلبيات التى كشف عنها تطبيق القانون الحالى، ولمجاراة التحولات الكثيرة التى شهدها المجتمع خلال تلك الفترة لاسيما التغيرات الجذرية فى النظام الاقتصادى المصرى نحو التحول إلى النظام الحر، وما يحكم ذلك من مبادئ السوق والعرض والطلب، وتحرير التجارة الدولية، وكذلك ما انضمت إليه مصر من اتفاقيات دولية منها ما يهدف الى فتح أسواق للصادرات المصرية، والتعاون فى المجال الاقتصادى مع دول أخرى، ومنها ما يهدف إلى تبسيط الإجراءات الجمركية وتسهيل التجارة.
ونظراً لما كشف عنه التطبيق العملى للقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963 المعمول به حالياً من تحديات ورغبة فى مواجهة ما طرأ من مستجدات اقتصادية واجتماعية ومواكبة التطور العالمى فى مجال التجارة الدولية، فقد راعى المشرع أن يكون مشروع القانون المعروض مرناً لمجابهة كافة الظروف والاحتمالات، فتضمن أحكاماً أصلية لها صفة القواعد الدائمة، فى الوقت ذاته تضمن المشروع النص على سلطة وزير المالية فى إصدار بعض القرارات المنظمة للموضوعات التى تتغير وفق مقتضيات الأحوال وبذلك يحافظ القانون على مرونته دون أن يمس جوهره، كما روعى تبسيط وتيسير الإجراءات الجمركية، وإزالة الأوضاع التى كانت مثاراً للشكوى فى ظل قانونى الجمارك وتنظيم الإعفاءات الجمركية الحاليين.
ويستهدف المشروع المساهمة فى تحقيق التوجهات الاستراتيجية فى رؤية مصر 2030، وتحسين موقع مصر على مؤشرات القياس الدولية فى مجالات تيسير التجارة الدولية وتشجيع الاستثمار وممارسة الأعمال، وتشجيع المشروعات الاقتصادية الوطنية وتيسير التجارة الدولية، وزيادة حوكمة إجراءات الرقابة الجمركية والحفاظ على الأمن القومى، وزيادة درجة رضا المواطنين، وجودة استئداء مستحقات الدولة من رسوم وضرائب سيادية.
كما استهدف المشروع نظم المراجعة اللاحقة، وإدارة المخاطر، ونظام التخليص المسبق، والعمل بمنظومة النافذة الواحدة، التعامل الجمركى على البضائع المتعاقد عليها بنظام التجارة الالكترونية الحديثة، كما يستهدف المشروع تطوير الرقابة الجمركية بما يحفظ الأمن القومى وذلك باستحداث منظومة المعلومات المسبقة للبضائع الواردة للبلاد بمد الرقابة لتبدأ من الميناء الأجنبى والتنبؤ بالمخاطر قبل ورود البضائع للبلاد.
ويعمل المشروع على دعم كفاءة إحكام الرقابة الجمركية بما يمكن الدولة من استئداء مستحقات الخزانة العامة وذلك بتتبع البضائع بالنظم الإلكترونية الحديثة، وتعظيم استخدام الفحص بالأشعة، والقضاء على الممارسات غير المشروعة، وتعظيم دور التدقيق اللاحق والرقابة بعد الإفراج، وتقرير دور الجمارك فى إجراء هذا التدقيق فيما يخص المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة بهما.
فضلا عن الانتقال من البيئة الورقية إلى البيئة الرقمية، وترسيخ الأساس القانونى للعمل بمنظومة النافذة الواحدة لمكافحة الفساد، ما يهدف إلى تخفيف العبء على الموازنة العامة للدولة، وتبسيط الإجراءات، وتيسير العمل التنفيذى، وتحقيق اللامركزية، فضلاً عن ارساء مبادئ الشفافية، وتوسيع قاعدة المنافسة وتدعيمها، ومواجهة ما تكشف من قصور وخلل فى الأحكام المتعلقة بالمخالفات والتهريب الجمركى وتأثيرهما السلبى على مسيرة التنمية الاقتصادية وعدم تحقيق الردع العام أو الخاص فى ظل العقوبات الحالية، لذا جرى تحديد الصور الخاصة بالمخالفات وتعديل الغرامات المقررة لها.
وكذلك إحكام الرقابة على أنظمة السماح المؤقت، وعدم السماح بالتصرف فى الأصناف والمصنوعات للسوق المحلى دون الرجوع للجمارك مع تقصير مدة السماح المؤقت لضمان سرعة حركة التجارة، كما تم تحديد صور التهريب الجمركى، بما من شأنه تقليل مساحة الاجتهاد الممنوحة للموظف فى مواجهة المتعامل، وتعديل العقوبات المقررة حال ارتكاب أى من هذه الصور، مع النص على إمكانية الحكم بمصادرة البضائع محل التهريب الجمركى حتى و إن لم تكن من الأصناف الممنوعة، كما تضمن المشروع النص على أن تكون جريمة التهريب الجمركى إحدى الجرائم المخلة بالشرف، مع الأخذ فى الاعتبار أنه لن يُنظر إلى طلب التصالح الذى يقدم فى شأن هذه الجرائم إذا مضى أكثر من 60 يوما من تاريخ صدور الحكم النهائى فيها، وسداد مقابل التعويض الجمركى كاملاً.
كما حرص مشروع القانون على تحقيق التوازن ما بين كل من دواعى الأمن القومى وأهداف النظام الاقتصادى من جهة وقواعد حرية التجارة الدولية والتزاماتها ومتطلبات مجتمع الأعمال من جهة أخرى.
واستحدثت المادة (89) نصاً يقضى بالإحالة الى اللائحة التنفيذية لهذا المشروع لتحديد القواعد والمعايير اللازم توافرها للترخيص للشركات بالعمل بنظام المشغل الاقتصادى والمميزات الخاصة بهم، التزاماً من مصلحة الجمارك بالتيسير على المتعاملين وحركة التجارة الدولية من خلال منح حزمه من المميزات تقدم من خلال برنامج إدارة المخاطر أساسها خفض زمن الإفراج، وذلك لكافة الأطراف الملتزمة بالقوانين واللوائح ذات الصلة بالعمل الجمركى، مما يسمح بزيادة تدفق حركة تداول البضائع الواردة والصادرة، وتوحيد تطبيق المعاملة الجمركية على مستوى جميع المنافذ الجمركية وكذا دعم الاقتصاد الوطنى بدعم المصدرين المصريين فى عمليات التصدير
كما استحدثت المادة (86) من المشروع نصاً مستحدثاً لإخضاع البضائع المتعاقد عليها بنظام التجارة الإلكترونية للقواعد والشروط والأحكام الواردة بالمشروع حال إصداره ولائحته التنفيذية، وذلك اتساقا مع اتفاقية تبسيط وتيسير الإجراءات الجمركية (كيوتو).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة