نجاح كبير حققه رجال البعثة الآثرية المصرية بمعابد الكرنك فى المشروع القومى الجديد لترميم ورفع كفاءة 29 تمثالاً من الكباش فى المنطقة الخلفية للفناء الأول بمعابد الكرنك، حيث أن الفريق المصري الذى يعمل تحت إشراف الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار، وبقيادة الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، ويضم فريق من المرممين من أمهر رجال وزارة الآثار والكرنك، نجحوا حتى الآن فى إنهاء ترميمات 13 تمثال من المجموعة فعلياً ويجري استكمال العمل في الـ16 تمثال المتبقيين خلال الفترة المقبلة.
ويقول صلاح الماسخ كبير مفتشى آثار الكرنك والمشرف على المشروع القومى لترميم وصيانة 29 كبش، أنه تم حتى الآن الإنتهاء من أعمال ترميم وصيانة ورفع 13 تمثال على وسائد جديدة صممت خصيصاً لحمايتها وزيادة عمرها الإفتراضى لمئات السنين المقبلة عقب تعرضها للضرر مؤخراً، موضحاً أن هذا المشروع يعد عالمى على أرض محافظة الأقصر تقوم به وزارة الآثار، حيث ظهر المشروع للنور عقب نقل 4 تماثيل ضخمة للكباش من المعبد إلى ميدان التحرير بالعاصمة، لتزيينه خلال الفترة المقبلة ضمن المشروع القومى للوزارة، وتبين أن التماثيل خلف الفناء الأول تحتاج لدعم كبير وترميم، وهو ما تمت الموافقة عليه ويتم حالياً العمل فى هذا المشروع المميز بترميم ورفع كفاءة 29 تمثالا من الكباش فى تلك المنطقة.
ويضيف صلاح الماسخ المشرف على المشروع فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه خلال الزيارة الأخيرة للدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار، وفريق الترميم المصرى الذي يعمل بالمشروع، أكد أنه سيتم الإنتهاء من ترميم باقى الكباش وافتتاح المشروع فى مؤتمر عالمى في يوم التراث العالمى العام المقبل، مشدداً على أن قصة المشروع العالمى بمحافظة الأقصر بدأت بقرار من الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء فى الخميس 26 ديسمبر 2019، وفى اليوم التالى بدأت عمليات النقل والتجهيز للكباش الأربعة لنقلها للقاهرة، ليكتشف رجال الآثار الكارثة التى تمثلت فى أن الكباش المتبقية والبالغ عددها 29 كبش أنها معرضة للدمار لكونها متروكة على مصاطب من الطوب الأحمر وتم ترميمها فى السبعينات بالأسمنت وتحولت أجزاء منها لرمال بصورة تعرضها للتلف فى أقرب وقت، وعلى الفور تم إصدار الموافقات للإنطلاق بالمشروع العالمى الجديد وهو ترميم 29 تمثال كباش خلف الصرح الأول بالمعبد.
وفى نفس السياق يقول الدكتور مصطفى وزيرى، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار إن الوزارة بدأت خلال الفترة الماضية فى أعمال مشروع ترميم مجموعة تماثيل الكباش الموجودة خلف الصرح الأول بمعبد آمون رع بالكرنك بمدينة الأقصر، وذلك بعد نقل 4 تماثيل منها إلى القاهرة لتزيين ميدان التحرير.
وأوضح الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للأثار، أن هذه التماثيل تتكون من 29 تمثالا لكباش، تقع داخل المعبد خلف الصرح الأول، وقد كانت فى حالة سيئة من الحفظ بسبب أعمال الترميم الخاطئة التى تمت عليها فى أوائل السبعينات عند إنشاء مشروع الصوت والضوء بمعابد الكرنك.
وتابع وزيرى، أنه تم ترميم ورفع هذه الكباش على طبقة من الرديم الحديث المغطى بمونة من الأسمنت والطوب الأحمر وقطع صغيرة من الأحجار الأمر الذى أثر سلبا عليها، وسمح بتسرب المياه الجوفية فيما بين الجزء السفلى لها، والوصول إلى قاعدة الكبش والتى أدت إلى تحويل بعض أجزاء منها إلى بودرة رملية، مشيراً إلى أن مشروع الترميم يقوم بوضع هذه التماثيل على مخدات أعلى قواعد حجرية متجاورة كلا على حدا، كما سيتم عمل معالجة لأرضية هذه القواعد وحمايتها من المياه الجوفية وإعادتها إلى مكانها الأصلى.
وأضاف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه يتم العمل فى هذا المشروع القومى داخل معابد الكرنك لأول مرة منذ فترة طويلة من الزمن، حيث تجرى حالياً بأعمال ترميم وصيانة لمجموعة تماثيل للكباش الموجودة فى الفناء الأول بمعبد الكرنك، وهى الكباش الموجودة فى الجهة الجنوبية من الفناء والتى كان عددها 33 كبشا قبل نقل أربعة كباش وتوجيهها لتزيين ميدان التحرير وسط العاصمة القاهرة مع مسلة من منطقة تانيس فى محافظة الشرقية، والتى تعود لعصر الملك رمسيس الثاني، وذلك تحت إشراف الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار.
وأوضح الأمين الأعلى للمجلس الأعلى للأثار، أنه يبلغ وزن كل كبش حوالى 5 أطنان ونص ويمثل الإله آمون رع ورمزه الكبش فى مصر القديمة، وكان رمز القوة والإخصاب عند المصريين القدماء، حيث تعتمد فكرة الترميم على محورين الأول نقل الكباش من مكانها وحفر خندق بعرض 2 متر تقريباً وعمق متر ونصف، وردم أرضية هذا الخندق بالزلط والرمال الحديثة، وذلك لمنع المياه الجوفية من التأثير السلبى على التماثبل لأنها منحوتة من الحجر الرملي، والذى يتأثر بسرعة بالماء والرطوبة الموجودة فى التربة، وكذلك وعمل قاعدة خرسانية حديثة لوضع التماثيل عليها بعد إنتهاء أعمال الترميم والصيانة والتى تتم بواسطة فريق متخصص من الآثريين والمصورين والمرممين والفنيين التابعين لوزارة الآثار، وتحت إشراف الوزارة مباشرة وبالتنسيق مع منطقة آثار الكرنك.
وأكد الدكتور مصطفى وزيرى، أن المحور الثانى للترميم هو دراسة النقوش والكتابات والمناظر الموجودة على قواعد هذه الكباش، وهى أول مرة فى تاريخ الدراسات والبحوث الأثرية تتم تسليط الضوء ودراسة هذه النقوش النادرة، ومن المقرر أن يتم الإنتهاء من هذا المشروع الضخم منتصف عام 2021م تقريباً، وتحت إشراف التمويل مباشر من وزارة الأثار المصرية والتى أخذت على عاتقها الانتهاء من هذا المشروع الطموح والعام، على الرغم من حالة الركود الاقتصادى والسياحى التى أصابت السوق المصرية بسبب تفشى فيروس كورونا المستجد بمصر.
وعن تفاصيل العمل فى الترميمات للكباش الـ29 بالكرنك، يقول الأثرى محمد جاد أخصائى ترميم آثار بإدارة ترميم آثار الكرنك، والمشارك بمشروع ترميم 29 كبشا خلف البيلون الأول بالكرنك، إن تلك الكباش عانت من عدة عوامل تلف أدت لظهور بعض المظاهر عليها أهمها الرطوبة والأملاح، فالرطوبة أثرت على أساسات القواعد الخاصة بالكباش، ما أدى لتفكك المادة الرابطة للحبيبات وتآكل الحجر نفسه، وأدى ذلك لهبوط بعض التماثيل وميول فى تماثيل أخرى، بالإضافة إلى انفصال بعض الأجزاء من التماثيل نفسها، حيث إن العملية توقفت بعد مشروع المياه الجوفية لأن أكبر عامل تلف أضر بتلك الكباش هو المياه الجوفية.
وأوضح جاد، أن تلك المياه كانت تأتى من نهر النيل لقرب المعبد من نهر النيل، وبعد مشروع المياه الجوفية خفت آثار الدمار على التماثيل بعض الشئ، ولكن مع درجة الحرارة المرتفعة أدى ذلك لظهور الأملاح، حيث إن تلك الأملاح تتسبب فى ضغوطات على الحجر مما يؤدى لتكسير الروابط بين الحبيبات مما يؤدى لما يسمى علمياً "نزيف الحجر أو البودرينج"، فيصبح الحجر رملى ويتآكل تماماً، ومن ضمن المظاهر أيضاً للدمار على التماثيل ظهور بعض النباتات فى فواصل الأحجار للكباش، وجذور النباتات تعمل على زيادة الضغط فى الفواصل مما يؤدى لزيادة الشروخ وهو ما يظهر حالياً على حالة التماثيل الـ29 التى يتم ترميمها، وكذلك يوجد نمو للبكتيريا فى الأماكن الرطبة بالحجر وظهور بعض التعفنات.
ويؤكد المرمم الآثرى محمد جاد فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن فريق الترميم والعاملين بالمشروع انطلقوا فى البداية بإزالة مونة الاستكمال القديمة التى تم ترميم الكباش بها وأدت لتضررها بشكل كبير، وهى مكونة من الأسمنت الأسود وهو محفز للأملاح وصلابته شديدة أشد من صلابة الحجر نفسه مما يؤدى لإنفصال وتدهور القشرة الملامسة للأسمنت الأسود، وبعد إزالة المونة وقبل أعمال الترميم تم تصوير الكباش بالكامل ورسم وكتابة تقارير ورصد مظاهر التلف كاملةً، وتم بعد ذلك فك كبش كبش بالترتيب من الخارج للداخل، حيث وجد الكبش الأول مفصول لعدة أجزاء بالإضافة إلى فقد فى الأجزاء السفلية، وتم عمل تدعيم بالأسياخ الستانلس للأجزاء المنفصلة وإعادة لصقها ببعض مواد اللصق الكيميائية المتعارف عليها فى ترميم الآثار حول العالم حالياً والمطابقة للمواصفات، كما تمت إعادة تركيب قواعد "مخدات جديدة" لتسهيل عملية الرفع وحماية الكبش قبل إعادته لموقعه مرة آخرى.
وأوضح أخصائى ترميم آثار بإدارة ترميم آثار الكرنك، أنه حتى الآن فيما يقرب من شهر من البدء فى المشروع تم الإنتهاء من 3 كباش وترميمها بالكامل، وجارى حالياً ترميم 7 كباش آخرى ليتم فى نهاية الشهر ترميم وإنهاء 10 تماثيل من الـ29 المتضررة، كما يرجى رفع مقاسات للأرض لعمل تربة إحلال وعزل للتربة لتجنب عملية الرطوبة مرة آخرى لحماية الكباش بعد إعادتها لموقعها الأصلى من جديد لعرضها بمشهد يليق بآثار الأقصر أمام السائحين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة