موزة العبار
ناهيك عن التصدع العميق الذى خلّفته نتائج أحداث غزو صدام حسين لدولة الكويت الشقيقة، والذى دفع الفلسطينيون بسببه أثماناً باهظة، أضيفت إلى معاناتهم، وذلك بسبب مواقف الرئيس الراحل ياسر عرفات المؤيدة لغزو صدام وسياساته الحمقاء تجاه جيرانه، الأمر الذى أدى إلى مغادرة أكثر من نصف مليون فلسطينى الكويت، وفقدت منظمة التحرير الفلسطينية مصداقيتها، وتراجع دعمها كثيراً! إلا أن السياسة الخارجية لدولة الإمارات تجاه القضية الفلسطينية ثابتة ومحددة ولا مزايدة على ذلك، لأن الإمارات تنطلق فى نهج سياستها الخارجية على ثوابت أخلاقية وإنسانية ودينية راسخة، لن تغيّرها المتغيرات ولا التحولات ولا الأحداث الجارية على الساحة، سياسات ثابتة منذ قيام دولة الاتحاد فى عهد مؤسسها وبانى نهضتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذى قدّم الكثير من أجل الفلسطينيين وقضيتهم العادلة، سواء دعم سياسى أم مادى أم معنوي، وشهادة التاريخ فى حرب أكتوبر العام 1973 عندما خرج زايد الرجل العربى المسلم بوقفته التاريخية المشهودة مطلقاً صيحته المدوية متجاهلاً كل التهديدات الغربية، قائلاً: «إن الذين قدموا دماءهم فى معركة الشرف قد تقدموا الصفوف كلها، وإن النفط العربى ليس بأغلى من الدم العربي، إننا على استعداد للعودة إلى أكل التمر مرة أخرى، فليس هناك فارق زمنى كبير بين رفاهية البترول وبين أن نعود إلى أكل التمر"
واقتحم «زايد الخير حكيم العرب» المعركة بالسلاح الجبار الذى يملكه، فبادر بكل شهامة إلى قطع النفط عن الدول المساندة لإسرائيل، وتبعته باقى الدول العربية المصدرة للنفط، ما شكل ضغطاً فاعلاً على القرار الدولى بالنسبة لحرب أكتوبر المجيدة.
إن دولة الإمارات ماضية بثبات فى دعمها للقضية الفلسطينية، لأن هدفها هو دعم الشعب الفلسطينى ككل وليس تياراً معيناً، حيث تركز دولة الإمارات فى دعمها للشعب الفلسطينى على القطاعات التنموية والحيوية المهمة، والتى تتصل مباشرة بحياة الفلسطينيين، من أجل تحسين معيشتهم والنهوض بمستقبلهم، فعلى مدى سنوات قدمت دولة الإمارات المليارات لدعم القضية الفلسطينية وتحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين، وما زالت يد الخير الإماراتية تغيث الفلسطينيين، حيث وقعت الإمارات مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) اتفاقيات لدعم برامج التعليم لـ«أونروا» فى قطاع غزة، وذلك بهدف ضمان استمرار حصول الطلاب والطالبات فى فلسطين على التعليم الأساسى فى بيئة مدرسية ملائمة تتوفر فيها أساسيات التعليم.
ومما لا شك فيه أن المنح الإماراتية تعزز من سير العملية التعليمية فى القطاع، بما فى ذلك تطوير أساليب ومناهج التعليم وتطوير المهارات.
يقيناً ومما لا شك فيه فإن معاهدة السلام التاريخية التى وقعتها الإمارات وإسرائيل فى الثالث عشر من أغسطس 2020، تعتبر معاهدة مشروطة بوقف ضم الأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية، والتى كانت إسرائيل على أهبة الاستعداد للاستيلاء عليها وطرد الفلسطينيين منها، ناهيك عن أهمية التزام إسرائيل بمبدأ حل الدولتين.
إن الإمارات هى «دولة السلام والتعايش السلمي» وتثبت بمواقفها الفعلية المشرّفة على مدى خمسة عقود مضت، أنها خدمت القضية الفلسطينية أكثر مما خدمها مدعى «الممانعة والمقاومة»، والذين على مدى سنوات لم يخدموا القضية بأى شيء يذكره التاريخ ويسجله، إلا شعارات مطاطة لا تخدم القضية الفلسطينية، بل تعقدها وتزدريها بشكل مؤسف.
نقول للمغرضين والحاقدين على «إمارات الخير والسلام والتسامح»، هل تناسيتم أو تجاهلتم متعمدين فضيحة «كونترا غيت» بين النظام الإيرانى وإسرائيل فى الثمانينيات؟! وهل تناسيتم أيضاً حركة حماس والتى تدعمها إيران وتحتضنها من أجل شق الصف الفلسطيني؟! ونقول لأردوغان إن ألاعيبك واتفاقياتك السرية العسكرية والأمنية مع إسرائيل باتت مكشوفة ومعروفة للعالم أجمع!
"أسوأ من الأمونيوم"
سمير عطا الله
أما فى صحيفة الشرق الأوسط فكتب سمير عطا الله عن أزمة بيروت مقالا تحت عنوان: "أسوأ من الأمونيوم" وجاء فيه: هذا المشهد غير ممكن في أى بقعة أخرى على وجه الأرض، لكنه عادي، في المساحة الجغرافية المعروفة باسم لبنان، وخلاصته أن قلب العالم أجمع على البلد المصاب بنكبة من نكبات الإنسانية فائقة التصور، وقلب السلطة الحاكمة على المقاعد الوزارية وشكل الحكومة. وفيما العالم أجمع يبحث للبنان النازف الجسد، الملقى على قارعة الطريق، عن حكومة في مستوى هذا التحدي التاريخي، تبحث السلطة عن حكومة خالية من خصوم جبران باسيل ومحشوة باختياراته.
هذا المشهد السياسي العاري، كثير على لبنان. كثير على أي بلد فيه 200 قتيل و7 آلاف جريح و300 ألف بلا مأوى، والتضخم فيه مريع، ومستشفياته لم تعد قادرة على استقبال مرضى «كورونا» ومصابي زلازل الإهمال. لا تزال فرق الإنقاذ تعثر على بقايا الضحايا، في المياه وتحت الركام. ولا تزال فرق التفتيش تعثر في المرفأ على شتى أنواع المواد الحارقة والمحظورة، مثل الأمونيوم الذري الذي فجّر جحيم لبنان. ولا تزال السلطة تبحث عن رئيس حكومة يرضى عنه وعن حكومته جبران باسيل.
ولا يزال لبنان، الذي يعاني من أسوأ حادث في تاريخه، منذ الزلزال الذي ضرب بيروت أيام الرومان، لا يزال بلا حكومة. وسياسيوه بلا رحمة وبلا رأفة وبلا أي شعور إنساني. كأنما هذه الطبقة السياسية من غير هذا الشعب الذي خرج بالآلاف يداوي مصاب المساكين والحزانى الذين حوَّلهم الانفجار الإجرامي إلى تائهين في مقبرة جماعية مفتوحة.
مررت في مراحل كثيرة من العمر تمنيت خلالها لو لم أكن لبنانياً. مراحل عتب وغضب من أناس لم يتعلموا أن يحبوا هذه العطية الرائعة. ومن أناس ينكرون أرضهم، أو يبيعونها، أو يتآمرون عليها. ومن شعب لم يتعلم عبر الأجيال، التعايش في الجمال والتشارك في الهواء والطمأنينة.
لكن اليوم لا أريد أن أترك هذه الأرض المعذبة لمثل هذه الفئة من السكان. حرام لبنان. حرام أي شعب على الأرض تعرض لسماع ذلك الانفجار الذي مزق بيروت ولا يزال يدوي في الآذان وفي القلوب. لكنه لم يصل إلى آذان السياسيين بعد. أما قلوبهم، فلن يصل إليها أبداً. وكما كان الزوار يتركون نعالهم عند الأبواب، هكذا يفعل هؤلاء عندما يدخلون دنيا السياسة في لبنان. يتركون قلوبهم خارجاً ويدخلون.
ليس لمن يعتقد أنني أبالغ، أو أكتب كلاماً شاعرياً، إلا أن يقرأ نوعية الكلام في الحرب الدائرة بين الحزبيين. ليس فقط على وسائل التواصل، المحدودة، أو التي يمكن توقيعها بأسماء مستعارة، بل علناً في الصحف والتلفزيونات الناطقة باسم تلك الأحزاب. عندها، أجل، يتمنى المرء لو أنه لم يكن لبنانياً، ولا اُضطر إلى قراءة هذا النوع من الخطاب السياسي. أنا لم أكن أقرأه من قبل. ولم أقرأه الآن إلا بطريق الصدفة وما يرسله الأصدقاء من نقل لا ضرورة له. فما يصل إلينا لماماً يكفي للتأكد المؤلم، من أن الفظاعة الكبرى ليست فيما أُهمل من أمونيوم على المرفأ، بل فيما تم تعمده من تبادل السموم.
كورونا عظة وعبرة
علي محمد الحازمى
سلط على محمد الحازمى في مقاله بصحيفة عكاظ على الإيجابيات من وراء وباء كورونا، حيث قال: عندما نفتش عن بعض الإيجابيات بين ركام عاصفة جائحة كورونا التى لا تزال تجتاح كل أرجاء العالم دون استثناء، مما لا شك فيه أنّ واحدة من تلك الإيجابيات هى تغير الكثير من الأولويات فى الخطط المستقبلية لكثير من الدول، فبعد أن كانت تلك الخطط تتذيل أسفل القائمة انتقلت إلى أعلاها، وتأتى فى مقدمة تلك الأولويات اليوم الأمن الغذائى لدرجة أن الكثير من الخبراء يربطها بالأمن القومي.
يعدّ مالتوس الباحث السكانى والاقتصادى أول من تحدث عن مشكلة الغذاء والسكان، فقد لاحظ مالتوس تزايد السكان على شكل متوالية حسابية وتزايد الموارد الغذائية على شكل متتالية حسابية لا يتزايدان بنفس المعدل مع مرور الزمن، مما قد يجعل الموارد الغذائية لا تكفى لعدد السكان، لذلك سواء اتفقنا مع مالتوس أو اختلفنا تظل مشكلة الأمن الغذائى هاجساً يؤرق كثيراً من الدول.
كثير من الأبحاث التى تناولت قضايا الأمن الغذائى قد بينت على أنها قضايا ستزداد أهمية فى المستقبل، ولكن جائحة كورونا عجلت بهذا المستقبل البعيد وجعلته واقعاً نعيشه اليوم، حيث عانت بعض الدول خذلاناً من بعض الأسواق العالمية لتلبية احتياجاتها الغذائية، مما أكد لتلك الدول الحقيقة المرة والتى مفادها أن الارتهان إلى دول أخرى لتلبية احتياجاتها الغذائية يضعها فى خطر على المدى القصير والطويل معاً، وتأكد لها أيضاً أن النظام العالمى لتجارة الأغذية أضحى أقل مصداقية عن ذى قبل، لذلك أقول باختصار إن الأمن الغذئى هو التحدى القادم للدول.
على الرغم من أن المملكة حققت خلال هذه الجائحة نسب اكتفاء ذاتى متقدمة فى العديد من المنتجات الزراعية، حيث تجاوزت نسبة الاكتفاء الذاتى من التمور 125%، ومن الخضار والدواجن نسبة 60%، إلا أن المشوار بهذا الخصوص يحتاج لكثير من الجهد والخطط الإستراتيجية وذلك من أجل تعظيم دور القطاع الزراعى فى توفير الاحتياجات الغذائية، إضافة إلى الدور الحيوى الذى سيلعبه من حيث زيادة مستوى الناتج المحلى وزيادة فرص التوظيف فى هذا القطاع المهم.
المملكة لا تنقصها الإمكانيات المادية والمناخية فهى تتمتع بكل المقومات المتكاملة لنجاح إستراتيجية الأمن الغذائي، لذلك يجب الاستفادة والتركيز على مفهوم الميزة النسبية لجميع مناطق المملكة وما تتمتع به من مقومات سواء من حيث المناخ أو الموارد المائية، ويأتى دعم المزارعين الصغار على رأس أولويات هذه الإستراتيجية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة