في واحدة من أكثر المناطق تضررا بانفجار بيروت، يضع متطوعون صناديق معبأة بمواد غذائية ومستلزمات خاصة بالنظافة في سيارات استعدادا لتوزيعها على المحتاجين.
وبالقرب من ميناء المدينة حيث وقع الانفجار الهائل، يقوم متطوعون آخرون بما يلزم لاستبدال النوافذ التي هشمها الانفجار.
ولا تتلقى أي مجموعة من المجموعات التي يعمل باسمها هؤلاء المتطوعين دعما من الحكومة. والواقع أنهم يقولون إنهم يقومون بملء فراغ في جهود إعادة الإعمار لم تقم السلطات اللبنانية بواجبها نحوها.
وقال حسين قزعون، وهو مزارع خضروات في الأساس، "عم نلعب دور الدولة حاليا، الدولة لازم تعمل الشغل اللي نحن عم نعمله، بس عم نعمله لأن انفرض علينا".
وبدأ قزعون والعديد من أصدقائه يتجمعون في محطة بنزين مهجورة سموها نيشن ستيشن أو محطة الأمة وحوّلوها لمركز لتوزيع التبرعات.
وأضاف "إذا عندك طريقة تساعدي العالم (الناس) أكيد رح تاخديها، مش رح تشوفي إنه فيه مساعدة معقول تعطيها وعالم عايزة وما تجربي تساعديهن".
فالاحتياجات هائلة، حيث أسفر الانفجار عن مقتل حوالي 180 شخصا وإصابة آلاف آخرين وتشريد 300 ألف شخص. ويواجه الناجون الآن مهمة ضخمة تتمثل في إعادة بناء المنازل والشركات المتضررة وسط أزمة اقتصادية جعلتهم غير قادرين حتى على الحصول على مدخراتهم.
وهناك جماعات تطوعية أخرى في منطقة مار مخايل لها مشاركة في موجة احتجاجات شعبية بدأت في أكتوبر تشرين الأول 2019 ضد فساد الدولة وسوء إدارة الاقتصاد.
ويُحّمل كثير من السكان مسؤولية الانفجار على الفساد الحكومي القائم منذ سنوات وعدم الكفاءة والتدهور الاقتصادي المستمر منذ شهور سبقت التفجير. ويقولون إن جهودهم تبعث رسالة على الصعيدين المحلي والعالمي مفادها أنه ليس لديهم من يدعمهم إلا أنفسهم.
وقالت أليكسي خوشدليان، وهي من كبار السن أثناء حضورها للحصول على مساعدة من نيشن ستيشن أو محطة الأمة "الشباب لعبوا دور كتير.. كتير منيح، الدولة ما سألت عنا، الشباب كلهن ركضوا علينا، كلهن ونحن عم نجي هون ناخذ أكل وناخذ تياب، كل شي... شو ما بدنا عم يعطونا إياهن".
وأوضح قزعون أنه عندما تواصلت الحكومة مع مجموعته فإنها لم تعرض تقديم أي مساعدة ملموسة، لكنها طلبت بيانات بخصوص من يتم مساعدتهم. ورفضت المجموعة تسليم هذه البيانات بسبب مخاوف من استخدام هذه المعلومات كرشى للسكان في الانتخابات المقبلة.
ورغم حُسن النوايا فإن الحاجة في لبنان أكثر بكثير مما يستطيع أن يقدمه المتطوعون وحدهم.
فبينما كان يسير متطوعو إحدى المجموعات في الشوارع بصناديق تبرعات يتجهون بها لأناس بعينهم قابلهم نحو ستة أشخاص من السكان يطلبون المساعدة. وأبلغهم المتطوعون أن عليهم الاتصال بالخط الساخن للمجموعة لكن بعضهم وصل بهم الفقر لدرجة أنهم لا يستطيعون شحن هواتفهم لإجراء الاتصال.
وقالت المتطوعة ساريا سركيس "إنه أمر صادم لأنك... تعتقد أن هناك عددا محددا من الأشخاص أو الأُسر التي تحتاج مساعدة ثم أينما وليت وجهك تجد أن هناك المزيد والمزيد.. والمزيد".
وأضافت "إنه أمر محزن.. محزن حقا".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة