بعد 13عامًا من العزل، سمح البابا تواضروس الثاني، للعلامة القبطي الدكتور جورج حبيب بباوي بالتناول من الأسرار المقدسة، وأرسل له الأنبا سيرافيم أسقف أنديانا بأمريكا، وذلك لأول مرة، بعد قرار المجمع المقدس الصادر بعزله من الكنيسة سنة 2007 بإمضاء من البابا الراحل البابا شنودة الثالث، و 66 أسقف أخرين.
قرار العزل
وجاء فى قرار العزل :"أن المجمع المقدس قرر فرزه وعزله من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بسبب انحرافاته واللاهوتية والعقائدية والطقسية ونشرها وتشوية فكر الآخرين بها وتشبثه بأخطائه وتنقله بين المذاهب المختلفة، وفرز وعزل كل من يؤمن بنفس أفكاره المنحرفة وبالتالي لا يسمح له ولهم بالاشتراك فى أي سر من أسرار الكنيسة القبطية الأرثوذكسية".
قرار المجمع المقدس
رد جورج بباوي على الانضمام لكنائس أخرى
وقد أصدر الدكتور جورج حبيب بباوي ردا على ما جاء بقرار المجمع المقدس عبر موقعه "موقع الدراسات القبطية والأرثوذكسية"، أكد من خلاله أنه منذ أن:" أُبعِدَ عن الكنيسة القبطية، لم ينضم إلى أي كنيسة أخرى، بل ظل يخدم في الكنائس الأرثوذكسية الروسية واليونانية وغيرها، ولأنه مدرِّس جامعي، فإنه يُدعى لإلقاء محاضرات متتابعة في الكنائس ومعاهد اللاهوت الأرثوذكسية وغيرها، وهو ذات ما كان يقوم به أثناء وجوده في مصر، حيث خدم في كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة – المعهد الإكليريكي للأقباط الكاثوليك بالمعادي – جامعة الروح القدس المارونية – كلية اللاهوت للشرق الأدنى ببيروت – الجامعة الأمريكية ببيروت".
العزل والفرز وفق نص بيان المجمع المقدس
واستشهد المؤرخ عزت اندراوس عبر موقع "موسوعة تاريخ الأقباط" بمجلة الكرازة – الناطقة باسم الكنيسة- العددان11-12 1مايو 2009، تحدث خلالها عن العقوبات الكنسية ، ودرجات وأنواع العقوبة، مؤكدا أن العقوبات الكنسية تختلف باختلاف نوعية الخطية ومدى تكرارها فهى تقع على من يخطئ وعلى من يقصر فى واجباته الروحية ، وكل خطأ له وزنه وقدره وقد وضع الآباء قاعدة قانونية هامه هى :"لا يجوز فرض عقوبتين على خطية واحدة ".
عقوبة الفرز للعلمانى
ويستثنى من هذه القاعدة الهرطقة والبدعة، وكل انحراف عن الإيمان السليم فهناك خطية عقوبتها بالنسبة إلى العلمانى الفرز، وأما بالنسبة للكاهن فتكون عقوبته عليها هى إسقاط درجته الكهنوتية "الشلح" مع عدم فرزه من جماعة المؤمنين، ولكن إذا وقع الكاهن فى هرطقة تفرض عليه العقوبتان معا، فيسقط ليس فقط من درجته الكهنوتية ، وإنما من كل درجات الكهنوت مهما بلغ علوه فيها ، وكذلك يفرز من جماعة المؤمنين وهكذا حدث مع آريوس القس ومع كل من تبع هرطقته من الأساقفة والقسوس والشمامسة، وهكذا حدث مع نسطور بطريرك القسطنطينية ومن قبله مع مقدونيوس بطريرك القسطنطينية، ومع الراهب يمكن أن يسقط من كهنوته ورهبنته معاً إذا هرطق ، ويفرز من جماعة المؤمنين، أى توقع عليه ثلاث عقوبات، بحسب المؤرخ عزت أندراوس.
والفرز أو العزل هو الطرد من جماعة المؤمنين Excommunication وهى كلمة مشتقة من جزئين Ex بمعنى خارج أو خارجاً وCommunity بمعنى الجماعة ، فيكون معنى العقوبة هو طرد المخطئين خارجاً من جامعة المؤمنين وهى غير الحرم "الحرمان" Anathema التى توقع على الهراطقة، والشخص المحروم من الكنيسة يقال عنه Anathemaied أما الشخص المبعد من الكنيسة فيقال عنه Excommunicated أما الكاهن الذى يسقط من درجته الكهنوتية فيها عنه Depsed والقطع من الكهنوت يسمى Depoces هذا غير إيقاف الكاهن، وما حدث للدكتور جورج هو عزل وليس حرمان،
ويوضح المؤرخ عزت أندراوس، الفروق بين التعبيرات السابقة، قائلا: " لكى نفرق بين كل هذه الأنواع من العقوبات لأن كثير من العامة لا يعرفون غير كلمة "محروم" .. كما يحدث أحياناً أن الكاهن فى حالة غضب يصدر حكمه على أحد المؤمنين فيقول له : أنت محروم !، وذلك دون أن يحدد معنى أو نطاق هذا الحرم ! ، هل حرمان من التناول مثلاً ؟ أم حرمان من دخول الكنيسة ؟ أم حرمان من جماعة المؤمنين؟ .. وهل هو حرمان لمدة معينة؟ أم حرمان دائم؟ ولا يفهم الإنسان المعاقب معنى هذا الحرمان ، وربما لا يكون فى ذهن الكاهن معنى محدد لهذا الحرم !! ولكنها مجرد كلمى صدرت فى ساعة غضب؟؟، ومن المفروض أن يعتمد الحرم على قوانين وعلى إجراءات معينة".
هل تم توقيع عقوبة "الحرمان" على الدكتور جورج حبيب بباوي؟
لم يصدر قرار "حرمان" للدكتور جورج بباوي، وقد تساءل العديد من الأقباط، هل تمت محاكمة الدكتور جورج بباوي، هل تم أعطاؤه فرصه للدفاع عن الاتهامات التي وجهت له؟، هل تم عمل جلسه استماع امام لجنه موقره؟، هل القرار تم مناقشته داخل المجمع؟، بعد اتهامات لأفكاره منذ قرابة 45 عاما، وأجاب نص بيان المجمع المقدس على ذلك بأن ما حدث "فرز وعزل".
البابا تواضروس يطبق القانون 13 من "مجمع نيقية"
تحدث أحد المنسقين لتناول جورج من الأسرار المقدسة لـ"اليوم السابع"، وأكد أن لقاءات جمعت بين وسطاء وكهنة والبابا تواضروس مطالبيه بتناول بباوي لظروفه الصحيه، وذلك منذ أكثر من 20 يوما، فوافق البابا وطلب هاتفه وعنوانه و تواصل مع الأنبا سيرافيم أسقف أنديانا ومتشيجن وأوهايو وطلب منه التوجه لمناولة الدكتور جورج، وفعلا قبل قرابة 12 يوما ذهب الأسقف ومعه القس إسطفانوس كاهن كنيسة انديانا إلى منزل الدكتور حبيب بباوي وتمت مناولته.
الحدث وصفه الأقباط المؤيدون بـ"التاريخي"، والرافضين بـ" لا يجوز"، ولكن مصدر بالكلية الإكليريكية قال لـ"اليوم السابع" أن البابا تواضروس الثاني طبق القانون 13 من قوانين المجمع المسكوني الأول، مجمع نيقية المُلقب بـ "المجمع الكبير" سنة 325 ".
ونص القانون على أن :"يبقى القانون القديم معمولا به ، فيما يختص بالمحتضرين – مرضى على فراش الموت- يجب ألا يحرم المحتضر ، أو المشرف على الموت من الزاد الاخير الذى لا غنى عنه . أما اذا لم يرقد بعد ان صفح عنه ، واعيد الى الشركة ، فليقف مع مصاف المشتركين بالصلوات لا غير بالإجمال ، يجب أن يمنح الاسقف القربان المقدس، للشخص المحتضر الذى يطلبه ، بعد الفحص".
محاولات بباوي الدفاع عن نفسه
على مدار عقود هاجم العديد من أساقفة الكنيسة أفكار جورج بباوى، ليخرج بمقالات وفيديوهات للدفاع عن نفسه، وعلى رأس المهاجمين الأنبا بيشوي مطران كفر الشيخ ودمياط والبراري الراحل، الذى نشر تسجيلات صوتية لجورج من محاضرات له، تحمل ما اعتبره انحرافات، ليرد عليه الأخير بخطاب عام 2015 قال فيه : "أعيش مسيحيا وسوف أموت مسيحيا، وما يقال عني لا قيمة له بالمرة، طالما لا يمس الإيمان والاتهامات التي نشرها الأنبا بيشوي مضحكة لأنها بلا دليل وبعيدة تماما عن الأرثوذكسية"، متابعا، أنه لا يريد أن يتواجه مع الأنبا بيشوي في ساحة القضاء المصري بخصوص شرائط الكاسيت الخاصة بالكلية الإكليريكية – فرع طنطا، والتي تم نشرها على الموقع متهما الأنبا بيشوي بتزويرها، قائلًا إنها مواجهة لا تشرفه.
وتابع بباوي فى خطابه: "لقد تعذَّر عليك محاكمتي، وصدر قرار حرماني في غيابي، وأنت أول من يعلم أن كل الاتهامات التي وجهت لي من اختراعك أنت والأنبا شنودة، وأنها لا أصول لها، الاتهام الذي تقبله الكنيسة هو اتهام موثَّق بما نُشِرَ من وقائع ومقاطع كاملة غير مبتورة وليست كالتي قمتم أنت والراهبة شريكتك في تزويرها، تلك الراهبة التي لا تنام ولا تعرف الراحة، ولن تعرفها لأنها تعرف أنها شريكتك في هذه الخطايا، وأشير عليك بأحد ثلاثة أمور من أجل حياتك الأبدية: إمَّا أن تعود إلى الدير راهبا، فإن كان ذلك مستحيلا فعليك أن تكون مسيحيا وأبا كريما، وأن تتمسك بنعمة الأسقفية خادما كمسيحي لا يحمل الأحقاد ولا يصنع المشاكل، أو أن تعترف بكل ما فعلت للأب الروحي للكل، البابا تواضروس وأن تعمل كل ما في وسعك لأن تخدم معه لا لكي تؤلب الأتباع وتنفق أموال الأيتام والفقراء على مشروعات العداوة".
وتعود خلافات الدكتور جورج حبيب مع عدد من الأساقفة إلى عشرات السنوات، حيث كان من المقربين جدًّا من البابا الراحل الأنبا شنودة الثالث، حتى قبل توليه البابوية، وتمتع بثقة ومحبة كبيرة منه لدرجة أن البعض وصفه البعض بأنه "الفتى المدلل" للبابا، حتى بدأ يلقى بعض التعاليم المخالفة لفكر الكنيسة في ذلك الوقت أثناء تدريسه للاهوت، فمنعه أسقف البحث العلمي الراحل الأنبا جريجوريوس في العام 1978 عن تدريس اللاهوت وجعله مدرسًا للغة الإنجليزية فقط.
ومنعه البابا شنودة في العام 1983 من التعليم تمامًا في الكلية الأكلريكية، بعد أن نشر مقالًا في مجلة الهدى البروتستانتية، يصف فيه حركة مارتن لوثر، وأفكار جون كالفن، بأنهما عودة لتعاليم الآباء، فانتقل إلى التدريس في أكلريكية طنطا، قبل أن يمنعه أسقف الغربية الراحل، الأنبا يؤانس، عن التدريس بها، رغم علاقة المحبة التي كانت تربط الاثنين، قام جورج بعد ذلك بالتدريس في بعض المعاهد اللاهوتية في الخارج بعيدًا عن الكنيسة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة