يعتقد البعض، أن الحصانة البرلمانية، هي التي تمنح أعضاء مجلس النواب سلطة مطلقة، إلا أنهم يجهلون أن الحصانة قد ترفع عن النائب، ذلك وفقا للقانون، وهنا يظهر السؤال هل يتجزأ إذن مجلس النواب برفع الحصانة النيابية؟ في الوقت الذى يعتبر فيه رفع الحصانة عن عضو مجلس النواب ليس بالأمر الهين سواء من الناحية القانونية أو التشريعية.
كيف حمى الدستور عضو مجلس النواب؟
المادة 113 من دستور 2014 نصت علي أنه: "فى غير حالة التلبس بالجريمة لا يجوز اتخاذ أي إجراء جنائي ضد عضو مجلس النواب في مواد الجنايات والجنح إلا بإذن سابق من المجلس وفى غير أدوار الانعقاد يتعين أخذ إذن مكتب المجلس، ويخطر المجلس بما اُتخذ من إجراءات في أول دور انعقاد وفى كل الأحوال، يتعين البت في طلب اتخاذ الإجراء الجنائي ضد العضو خلال 30 يومًا على الأكثر وإلا عد الطلب مقبولا"، علي أنه في غير أحوال التلبس لا يجوز اتخاذ أي إجراء جنائي ضد عضو مجلس النواب إلا بإذنه.
هل يتجزأ إذن مجلس النواب برفع الحصانة النيابية؟
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية تهم الملايين خلال هذه الأيام حول ماذا كان يصح لمجلس النواب أن يأذن برفع الحصانة بصفة كاملة أو بصفة جزئية؟ كما لو أذن المجلس برفع الحصانة عن العضو لاستجوابه أو سماع أقواله، فهل يلزم الرجوع إلى المجلس إذا أريد رفع الدعوي بعد ذلك أو اتخاذ إجراء آخر من إجراءات التحقيق غير ما إذن به المجلس؟ - بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.
نص المادة 113
من دستور 2014في البداية – نص المادة 113 من دستور 2014 سالف الذكر فهذا النص يقر مبدأ الحصانة البرلمانية وهي نوع من الحماية القانونية التي يعطيها الدستور لنواب الشعب في البرلمان، كنوع من الحماية السياسية والقانونية حتى يستطيع النائب أن يؤدي وظيفته الدستورية كاملة - كسلطة تشريعية - بعيدا عن تأثير السلطة التنفيذية على أعضاء البرلمان بالترغيب أو الترهيب، ومفاد تلك الحصانة أنه لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق سواء ما تعلق منها بشخص المتهم عضو مجلس النواب كالقبض عليه أو ما لم يكن ماساً بشخصه كسؤال الشهود إلا بعد الحصول على إذن المجلس برفع الحصانة دون أن يمتد الحظر إلي إجراءات الاستدلال، وذلك ما لم تكن الجريمة متلبس بها إذ حالة التلبس تجيز اتخاذ الإجراءات القانونية ضد عضو مجلس النواب دون إذن سابق من المجلس – وفقا لـ"فاروق".
المشرع أقر الأذن برفع الحصانة دون تجزئه
جري العمل في مجلس النواب علي أن الأذن باتخاذ إجراءات التحقيق ضد العضو يوجب الرجوع إلى المجلس مرة أخرى إذا ما أريد رفع الدعوى الجنائية إلي المحكمة ضد العضو، أما بالنسبة لإجراءات التحقيق فإن الرأي شبه مستقر علي أنها لا تتجزأ، فإن إذن المجلس برفع الحصانة لسؤال العضو واستجوابه استردت النيابة العامة سلطتها في اتخاذ كافة إجراءات التحقيق ضد العضو ولو لم يأذن المجلس إلا ببعضها، وبالتالي يجوز القبض علي العضو وحبسه احتياطيا وتفتيش مسكنه رغم أن المجلس لم يأذن سوي باستجواب وسماع أقواله.
والرأي السديد هنا أن الأذن برفع الحصانة لا يتجزأ في جميع الأحوال، فإن طلب الإذن من المجلس فليس للمجلس إلا أن يستجيب لطلب رفع الحصانة أو رفضه وليس من حق المجلس أن يأذن ببعض إجراءات التحقيق دون البعض ولا أن يأذن بالتحقيق ويشترط الرجوع إليه قبل رفع الدعوى، لأن علة اشتراط الإذن هي ضمان جدية الاتهام وخلوه من شبهه الكيد والتجني وهذا الضمان لا يتجزأ، فإذا صدر الإذن مقيد بقيد مما متقدم صح الإذن وترتب عليه أثاره وكان القيد كأن لم يكن، ويؤكد هذا النظر أن دور المجلس يقتصر عند النظر في طلب الإذن على التحقق من جدية الاتهام وموضوعيته، فإذا اتضح أن الطلب براء من شبه الكيد أو العسف السياسي وجب إصدار الإذن وليس للمجلس أن يتصدى لتمحيص أدلة الاتهام ومدى كفايتها للحكم بالإدانة، فذلك من شأن سلطة الاتهام و قضاء الحكم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة