يحظى فيلم up، بشهرة واسعة بين الأطفال والكبار على حد سواء بسبب قصة الحب والوفاء الفريدة التى يجسدها فيلم الأنيميشن، ولعل أبرز مشاهد الفيلم تلك اللحظة التى يربط فيها كارل، آلاف البالونات بمنزله ليحلق به بعيدًا عن الأرض لمئات الكيلومترات عبر السماء من أجل أن يحط به على تلك البقعة التى حلم دومًا بزيارتها مع زوجته الراحلة، وبهذا يكون قد حقق كارل الوعد الذى قطعه لزوجته الراحلة إيلى، بزيارة برارى أمريكا الجنوبية.
وبعيدًا عن أفلام الرسوم المتحركة وعالم الخيال السينمائى، فإن الطيار الأمريكى جوناثان تراب - فى الأربعينيات من عمره - حقق أيضًا رحلة الطيران بمنزل معلق بعدد هائل من بالونات الهيليوم، ولكن هذه المرة فى الحياة الواقعية، حيث تمكن من عبور القناة الإنجليزية وحلق فوق جبال الألب، كما أنه استخدم مقاعد المكاتب والقوارب الصغيرة والمنازل، وكل شىء يمكن الطيران به بواسطة بالونات الهيليوم الضخمة.
ويقول جوناثان تراب، "تخيل عندما كنت طفلًا.. كنت تفكر إذا كنت تستطيع الحصول على ما يكفى من بالونات الهيليوم.. فهل يمكنك أن تطفو بعيدًا؟.. وعادة ما يقال لنا، لا، هذا غير ممكن لن تكون قادرًا على الطيران ببالونات الهيليوم، لكننى عدت إلى هذه الفكرة كشخص بالغ، وقلت إذا كان بالونًا واحدًا يوفر وحدة رفع، فلماذا لا تكون لدينا القدرة على زيادة حجم ذلك؟.. وهذا ما نفعله".
وأضاف الرجل الأربعينى، فى حديثه لـ"CNN"، "أحلق بمقعدى.. اسمى تراب وأنا مدير مشروعات فنية فى شركة استشارية كبيرة لتكنولوجيا المعلومات كوظيفة يومية، لكن لدى هواية شغف غير عادية وهى أخذ بالونات الهيليوم المخصصة للألعاب وتجميعها فى مجموعات ضخمة للطيران المأهول.. هذه بالونات لم يكن الغرض منها أبدًا دعم الرحلات المأهولة، لكن هذا ما جعلناها تفعله.. 70100 لازلت أصعد.. وحملنى هذا الشغف عاليًا فى أكثر من 12 رحلة عبر عدة سنوات.. أحيانًا أكون وحدى، فقط جسدى فى حزام صغير جدًا، وأحيانًا نطير بأشياء أكبر، فقد حلقت بمنازل، وقمت بنقل اثنين من المنازل بالبالونات".
وتابع: "كنا نحلق ببالونات الهيليوم المخصصة للألعاب هذه قبل فيلم ديزنى "UP"، لكننى سأقول هذا.. فيلم "UP" ألهمنا أيضًا، وجاءت فكرة تحليق منزل تحت بالونات الهيليوم المخصصة للألعاب من فيلم ديزنى"، وأضاف "أحد الأمور التى أحبها فى تحليق بالونات الهيليوم هذه، هو أنها تتمتع بالقدرة على الرحلات الاستكشافية الحقيقية.. وما أتحدث عنه هو رحلات على ارتفاع 23 ألف قدم فى عربة مفتوحة تحملها بالونات الهيليوم فقط".
ولفت جوناثان تراب، إلى أنه كان على ارتفاع 13 ألف قدم بينما يعبر جبال الألب، وقال: "الأمر يختلف من مجموعة صغيرة، أى عشرات البالونات، إلى مجموعة شاهقة كبيرة للغاية، أى 365 من هذه البالونات الضخمة.. وقد حلقنا بمجموعات لمدة 10 ساعات، و12 ساعة، و14 ساعة، وكانت أطول مدة قطعناها فى رحلة واحدة هى 466 ميلًا".
وأوضح: "عندما أقلع، لا أعرف أين سأهبط، سأختار مكانًا آمنًا للهبوط فى الرحلة.. لكننى أحلق مئات الأميال دون معرفة المكان الذى سأهبط فيه بالظبط"، ولفت إلى أن ما يقوم به هو مزيج من الفن والعلم، أما الفن فهو عبارة عن مجموعة من البالونات الملونة الجذابة، لكن العلم أمر جاد للغاية وأتعامل معه بجدية.. فهناك حياة بشرية على المحك، حياتى وحياة هؤلاء الذين أشارك السماء معهم وحياة من تحتى".
وأشار الطيار الأمريكى: "نعمل مع إدارة الطيران الفيدرالى من حيث الحصول على شهادة اعتماد الطائرة، واستغرقنى الأمر حوالى عام للذهاب إلى مدرسة الطيران والحصول على رخصة طيار، وبعد حوالى عام من الاختبارات والتدريب والشهادات قمنا بأول رحلة لنا باستخدام كرسى مكتبى العادى كعربة لتلك الرحلة"، وأضاف "عندما تكون هناك، لا يقتصر الأمر على الترفيه والاسترخاء، وإنك تطفو بعيدًا، لديك لحظات من ذلك، لكن هناك الكثير من الوقت الذى تقضيه فى التفكير.. (حسنًا، هل أسير فى الاتجاه الصحيح؟.. هل لدى أى مجال جوى حيث توجد عوائق أمامى.. حسنًا، نصعد إلى 120، على ارتفاع 18 ألف قدم)".
واستطرد: "أحاول إيصال هذا الرجل إلى رقم ضغط يبلغ صفر.. وتتمكن من التحليق بالطائرة، وإذا كنت أصعد واحتاج إلى بدء الهبوط، فإننى بحاجة إلى تنفيس الهيليوم، أما البالونات فهى قابلة للتحلل الحيوى، لذا يمكننا أيضًا قطع البالونات، ويكون قطع البالونات بشكل فردى"، وأوضح "إذا يوجد عملية حسابية كاملة وتتغير فى كل رحلة اعتمادًا على ما أحلق به".
وقال الطيار الأمريكى: "شعور الانطلاق لا مثيل له، فهو ليس مثل أى شىء آخر.. أن تحلق صامتة تمامًا، لا تصدر أى أصوات، ونقترب من غروب الشمس، إنه جميل حقًا هناك، لا يوجد محرك دوار، وليس هناك دعامة، وليس هناك محرك طائرة، ولا يوجد موقد مثل منطاد الهواء الساخن، ولا يوجد هدير للرياح مثل ركوب طائرة شراعية، لكن العملية صامتة تمامًا".
وللإجابة عن سؤال "إذا، ما هدف هذا، ولماذا أفعل ذلك؟"، قال: "السبب هو أن تعيش حياة ممتعة.. هذا هو أجمل طلوع للقمر أراه فى حياتى كلها.. والأمر يثرى حياتى بالنظر إلى الوراء والتفكير فيما أنجزناه"، وأضاف "لدى كل تلك اللحظات كذكريات ثمينة تجعلنى أشعر بالدفء فى سن الشيخوخة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة