منذ طفولتها فتحت عيونها على مساعدة المحتاجين وتخفيف ألم المرضى، فكانت جدتها مشهورة فى القرية بصاحبة "اليد الطيبة" التى يذهب إليها الكثيرون لتعالجهم وتخفف عنهم الألم، فى كل مرة تشاهد جدتها تشفى المرضى كانت تريد أن تصبح خليفتها وأن يكون لديها نفس السحر الذى كان بيد جدتها ويكون لها دور فى تخفيف ألم المرضى.
فاتت السنوات وحققت ما تتمناه وعلى خطى الجدة أصبحت سحر واحدة من الممرضات اللاتى يذهبن لبيوت المرضى وكبار السن لتشفيهم وتخفف عنهم الألم دون مقابل.
43 عام هو عمر سحر سليمان التى قضت 13 عاما منها فى خدمة المرضى، فلم يحالفها الحظ بالالتحاق بكلية التمريض لكنها تعلمت فنون التمريض وعملت مساعد تمريض بأحد المستشفيات، ووفرت جزءا كبيرا من وقتها لمراعاة المرضى فى البيوت دون أجر، وعلى الرغم من حالتها الصحية السيئة لم تخشى أو تتردد لحظة واحدة فى مساعدة مرضى كورونا فى البيوت من خلال تركيب المحاليل والحقن، فقد تكون الأكثر عدوى بالفيروس نتيجة إصابتها بالضغط والسكر، لكنها لا تخاف من العدوى أو الموت.
عاش "اليوم السابع" يوما مع صاحبة اليد الطيبة "سحر سليمان" فى منزلها حتى نزولها لإحدى حالات الشلل لمراعاتها فى المنزل، وروت سحر قصتها لـ"اليوم السابع" قائلة "بحب لما ألاقى حد موجوع أكون سبب إنى أقلل الوجع بتاعه وأخفف عنه، كنت بدور فى أى مكان على أى حالة محتاجة، وكنت بسيب رقم تليفونى لأى حد محتاج مساعدة وبقولهم إنى ممرضة لو فيه سيدة قعيدة محتاجة إنى أساعدها فى العلاج والأكل وغيره".
"جدتى هى اللى ربتنى على حب الخير ومساعدة المرضى"، هذا ما قالته سحر عن حبها للتمريض ومساعدة المحتاجين مضيفا "جدتى كانت ست على الفطرة ومش متعلمة بس كانت بتشفى كل الناس بأيديها الطيبة كانت زى المجبراتية كدا أى حد عنده كسر أو ألم فى منطقة معينة فى الجسم بمجرد إنها تدلكها كانت بتخفف عنهم وتشفيهم من غير ما يحتاجوا لدكاترة، كنت بشوف فى عيونها حب الخير وتخفيف الألم على المحتاجين".
وأضافت الحمد لله زوجى وأولادى معترضوش على اللى بعمله بالعكس زوجى دايما بيقولى إحنا ربنا كارمنا عشان اللى إنتى بتعمليه وبتساعدى الناس وتخففى عنهم، وابنى دايما بيساعد فى شغل البيت لو أنا مش موجودة فى يوم".
وتابعت "من أصعب الحالات اللى رحتلها ست قعيدة ومعاها أربعة أبناء ومحدش كان بيسأل عليها، رحت لها لقيت فى جسمها دود من كتر الإهمال وعدم النظافة ودى حاجة قتلتنى وصعبت عليا جدا كنت ببكى عليها ومكنتش بحكى لحد بس كنت متأثرة أوى بيها، وكنت كل ما أروح عندها أحس بحاجة بتخطفنى، بعد ما توفت مرات ابنها كلمتنى وقالتلى إنتى آخر حاجة نطقت بيها وكانت بتدعيلك قبل ما تموت".
وأضافت "من ضمن الحالات التى أقوم برعايتها الآن سيدة تبلغ من العمر 48 عاما وتعانى من الشلل، ولديها ابن واحد فقط، سمعت عنها من أهل الخير وأذهب إليها باستمرار، أجلس معها لرعايتها والاهتمام بأكلها وعلاجها".
ما تقوم به سحر هو عمل إنسانى نابع من قلبها وحنيتها لكن بعد انتشار حالات كورونا قد يكون الأمر أكثر خطورة فعند ذهابها لأى من الحالات المصابة فى المنزل قد تلتقط العدوى بسهولة وقد تكون معرضة للخطر، لأنها صاحبة أمراض مزمنة، لكن لم تخف سحر من العدوى أو الموت وقررت أن تذهب أيضا لحالات كورونا فى المنزل بعدما تخلى عنهم الكثيرون.
وعن ذهابها لحالات كورونا قالت سحر "واحدة صاحبتى قالتلى إن فيه حالات كورونا وبيتعبو أوى على ما يلاقو حد يديهم حقن أو يركبولهم محاليل، وطلبت منها إنى أروح قالتلى إزاى إنتى مريضة ضغط وسكر ومناعتك ضعيفة ومعرضة للخطر قلتلها لا مش خايفة وهروح وسيبها على الله".
اتصلت بيا أول حالة زوجها كان مريض كورونا وسألتنى بتاخدى فلوس أد إيه قلتلها مباخدش أجر استغربت جدا قالتلى إزاى ومصدقتش نفسها، ولما رحتلها كانت بتشكرنى ومكنتش مصدقة إنى فعلا جيت من غير فلوس.
واستطردت حديثها "قبل ما بروح للحالات بتعقم وبأخد كل الإجراءات الاحترازية من ارتداء الكمامة والجلافز، وببقى فى قمة سعادتى لما بكون سبب فى شفاء حد أو تخفيف ألمه.
وأنهت حديثها قائلة ياريت كلنا نساعد بعض ونشوف أى حد محتاجة ونروحله ومنخافش، أنا لما بوصل مكان ببقى عارف إن اللى فيه تعبان أو مضايق وببقى فرحانة إنى قدرت أريحه كفاية إنى لما ببص فى عينيه بلاقيه سعيد إنى خففت عنه الألم، بحس إنى طوق نجاة للمرضى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة