قضية العصر.. كيف لمتهم حوكم فى جنحة بناء أن يحاكم مرتين؟.. المشرع حدد للعقوبة شق جنائى وأخر إدارى.. الثانى واجب التنفيذ لا يلحقه التقادم لاستمراريته.. وخبير يُجيب عن الأسئلة الشائكة

الأربعاء، 29 يوليو 2020 12:00 ص
قضية العصر.. كيف لمتهم حوكم فى جنحة بناء أن يحاكم مرتين؟.. المشرع حدد للعقوبة شق جنائى وأخر إدارى.. الثانى واجب التنفيذ لا يلحقه التقادم لاستمراريته.. وخبير يُجيب عن الأسئلة الشائكة التصالح فى مخالفات البناء - أرشيفية
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قانون التصالح في مخالفات البناء رقم 17 لسنة 2019 صدر فى حقيقة الأمر بموافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب، وذلك لكونه يتضمن آثر رجعي يقضي بسريان أحكامه علي وقائع نشأت في ظل قوانين سابقة قبل صدوره خروجا علي قاعدة الأثر الفوري المباشر للقانون، وانحساره عن الوقائع التي حدثت في الماضي، فقد اتخذت الدولة العديد من الإجراءات القانونية، وأصدرت عدة قوانين وقرارات تنفيذية لمعالجة ظاهرة البناء المخالف.

وفى الحقيقة تم تمديد مهلة التصالح في مخالفات البناء حتى نهاية سبتمبر 2020، وبناء على ذلك تم تصنيف المخالفات الجائز التصالح فيها، وحيث أن الحكومة عازمة على تطبيق الإزالة الوجوبية بكل حزم حتى للوحدات السكنية المشغولة بالسكان، وتعتبر أحد أهم وأبرز المخالفات التي شهدتها السنوات السابقة والتي كانت تشغل الحيز الأكبر للقضايا داخل المحاكم هي مخالفات البناء، وذلك على الرغم من تعديل العقوبة أكثر من مرة علي المخالف سواء عقوبة الحبس أو الغرامة ورفع الحدين الأدنى والأقصى للعقوبة في القانون رقم 119 لسنة 2008 "قانون البناء الموحد".    

images

كيف لمتهم أن يحاكم مرة أخرى أو يسأل عن فعلته مرتين؟

فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على قانون التصالح رقم 17 لسنة 2019 بشأن مخالفات البناء، وذلك بعد أن وجد المشرع أن المخالفات في تزايد مستمر وأن العقوبة لا تحقق رادع بسبب عدم توافر أماكن للسكن واضطرار المواطن إلي البناء علي الأراضي الزراعية، ودون الحصول علي التراخيص، مما دعا المشرع إلي إقرار قانون التصالح مع المخالف مقابل دفع رسوم والمحافظة علي البناء من قرارات الإزالة، ولقد أثار هذا القانون ولا يزال العديد من التساؤلات لعل أهمها كيف لمتهم حوكم فى جنحة بناء بدون ترخيص وقضى له بالبراءة أو سدد غرامة كيف عليه أن يحاكم مرة أخرى أو يسأل عن فعلته مرتين – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض أحمد غريب.

فى البداية - ما يستعصي على فهم العامة، وللأسف بعض المتخصصين من رجال القانون أو المحامين والسؤال الذى يثور كيف لمتهم حوكم فى جنحة بناء بدون ترخيص وقضى له بالبراءة أو سدد غرامة كيف عليه أن يحاكم مرة أخرى أو يسأل عن فعلته مرتين حيث أن أى محضر بناء بدون ترخيص أو محضر مخالفة الرسومات الهندسية يتطور على شقين وهو "1-الشق الجنائى، 2- الشق الإدارى"، بمعنى ما من محضر حرر لواقعة بناء بدون ترخيص أو محضر مخالفة رسومات هندسية إلا ويتبعه، ويلازمه قرار إداري وهو الإزالة بالنسبة للبناء بدون ترخيص وقرار تصحيح أعمال بالنسبة لمخالفة رسومات الترخيص – وفقا لـ"غريب". 

download

الخلط بين الشق الجنائي والإداري

بالنسبة للشق الجنائى - ينتهى إما بالإدانة وتنفيذ الحكم أو بالبراءة أو انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة أو بسداد الغرامة المقررة، وهنا لا يمكن الرجوع لتلك القضية في شقها الجنائى وإلا عد ذلك مخالفة للقانون والدستور، ثم نأتى للشق الإداري فالكثير منا كان يعتقد أنه بحصوله على حكم فى الشق الجنائى فى واقعة البناء بدون ترخيص سواء بالبراءة أو بغيرها كما أسلفنا يعتقد أنه قد انتهى الأمر، ونسي أو تناسي أن هناك قرار إداري واجب النفاذ، ويظل واجب النفاذ حتى ينفذ أو يلغى ولا يؤثر في ذلك انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للشق الجنائي سواء بالبراءة أو بسداد الغرامة – الكلام لـ"غريب".

القرار الإداري قائما واجب التنفيذ لا يلحقه التقادم

ومن هنا يأتي الخلط - فكنا في تناولنا لقضايا البناء بدون ترخيص نهتم بالشق الجنائي، ونعول فى الشق الإداري على تقاعس الإدارة أو عدم إمكانية التنفيذ لأسباب عدة، ولكن يبقى ويظل القرار الإداري قائما واجب التنفيذ لا يلحقه التقادم فهو حالة مستمرة، أما عن صدور حكم من الإدارية العليا بأن تراخى الإدارة عن تنفيذ القرار لا يعطيها الحق في تنفيذه لا حقا فهو حكم خاص بالدعوى الصادر فيها، وليس قانون يستفيد منه الجميع بمعنى يستفيد منه من أقام الدعوى فقط وعلى من يرغب في الاستفادة من الحكم إقامة دعوى خاصة به، وعليه صدر قانون التصالح ليوفق ما بين تنفيذ القرار الإداري والمخاطر التى يسببها تنفيذ القرار وأعطى لكي ذى مصلحة توفى تنفيذ القرار مقابل مبلغ مادي وليس عقوبة. 

images (1)

أما فيما يخص قانون التصالح فى بعض مخالفات البناء فيما يتعلق بمطالبة البعض بعدم سريان القانون بأثر رجعي نرى أن هذا الرأي لا يستقيم مع تسمية القانون، فالقانون عرف بأنه قانون تصالح والتصالح لا يكون إلا فى وقائع تمت قبل صدوره وإلا ما سمى بقانون التصالح، فالمواطن يتصالح على أعمال، وأفعال تمت بالفعل ولا تتصالح على أعمال لاحقة سوف تتم فما يتفق على إتمامه لاحقا فهو إجازة لتلك الأعمال وليس تصالح فيها، فالقانون صدر ليعالج أخطاء وقعت في الماضي قبل صدوره بل إنه منع التصالح مع الأعمال اللاحقة على صدوره.

ماذا عن من ينتظر حكم قضائى بعدم دستورية قانون التصالح؟

فى الحقيقة كل من ينتظر الحكم بعدم دستورية قانون التصالح تأسيسا على مبدأ عدم سريان القانون بأثر رجعي وأنه لا جريمة ولا عقوبة بدون نص وأن العقوبة شخصية، نؤكد أن فلسفة هذا القانون بنيت على تطبيقه بأثر رجعي، وإلا فقد معناه فهو جاء ليوفق ويصلح أعمالا تمت بالمخالفة للقانون، أى أنها تمت فهو جاء ليصلح بين جهة الإدارة بما لها من سلطة تنفيذ قرارات الإزالة وبين صاحب مصلحة فى ألا تتم الإزالة وجاء ليصلح وضع بين جهة الإدارة الرافضة لتوصيل المرافق للأبنية المخالفة، وبين صاحب مصلحة فى توصيل تلك المرافق وجعل لذلك مقابل اى جعل مقابل مادي للتصالح، ومن ثم لا يمكن اعتباره عقوبة، فإذا فشلت تلك المصالحة بين الطرفين تعود للإدارة سلطتها فى تنفيذ القرار الإداري. 

مخالفات-البناء-على-الأراضي-الزراعية-1200x675

من هنا نفهم أنه ليس هناك تعارض بين قانون التصالح ومبدأ عدم تطبيق لقانون بأثر رجعي، فكما أوضحنا أن فلسفة هذا القانون تقوم أساسا على تطبيقه بأثر رجعي، كما أن هذا القانون لم يستحدث جريمة ولم يقر عقوبة فالجريمة وقعت سابقآ، وجاء هو ليعالجها ومن ثم فلا جريمة استحدثت ولا عقوبة قررت بمقتضى هذا القانون، ونرى أن يعمل الجميع على التخفيف من آثار تطبيقه من حيث تنفيذ الإزالة أو من حيث قيمة مقابل التصالح، ولكن التعويل على عدم دستورية القانون للأسباب المذكورة، ونعتقد أن ذلك ليس فى محله، وقد يحكم بعدم الدستورية ولكن لأسباب أخرى.  

ملحوظة:

للعلم هذا القانون كان ينتظره كثيرا من الناس، واستفادوا منه وهم من منعت عن عقاراتهم المرافق، ولم يكن أمامهم قبل صدور القانون سوى تصحيح الأعمال، ليتمكنوا من توصيل المرافق وتصحيح الأعمال كانت مكلفة لهم أكثر من قيمة التصالح فالموضوع نسبى، فبالتأكيد الجميع ضد الإزالات العشوائية، وضد التشريد وضد خراب البيوت، ولكن على الجميع أن يفهم صحيح القانون، فهذا رأى قانوني لا علاقة له بتأييد القانون من عدمه.  

ننشر-غرامات-التصالح-في-مخالفات-البناء-على-الأرض-الزراعية-1200x675
 
 
116582463_3218584261564386_3624787504836186856_n
 
الخبير القانونى أحمد غريب

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة