البرلمان الذي يستعد المصريون لإعادة انتخاب أعضائه مجدداَ بعد انتهاء مدته الأولي بات له دور حيوي ومحوري في مصر الحديثة، إذ أن الدستور منح البرلمان الحق في إقرار السياسة العامة للدولة، كما أنه يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، ويتطلب إعلان الحرب أو حالة الطوارئ موافقةَ أغلبية أعضائه.
كيف أصبح مجلس النواب رقيباَ وشريكا فى قرارات الدولة؟
بعد أعوام عاشها المصريون ينظرون كيف سيكون وضع برلمانهم، شكلوا بأصواتهم مجلس نواب جديد، وفقاً للمادة 101 من الدستور الذي تم الاستفتاء عليه عام 2014، له سلطة تشريعية هي الأعلى في تاريخ مصر الحديث، إذ لا تجعله شريكاً في اتخاذ القرارات مع الرئيس فحسب، بل بات رقيباً عليه، فإن كان مجلس النواب مكلف بإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، فهذا أيضاَ يلزم موافقة أغلبيته قبل إعلان الحرب أو حالة الطوارئ، كما يحق له إعادة كتابة الدستور بموافقة أغلبية ثلثي المجلس.
البرلمان يوافق على إرسال عناصر من القوات المسلحة فى مهام قتالية خارج البلاد
وبالأمس - عقد مجلس النواب جلسة سرية لنظر الموافقة على إرسال بعض عناصر من القوات المسلحة المصرية فى مهام قتالية خارج البلاد، وعملاً بحكم المادة 152 من الدستور والمادة 130 من اللائحة الداخلية للمجلس، وذلك بعد أن دعا الدكتور علي عبدالعال، رئيس المجلس أعضاء المجلس، للانعقاد في جلسة سرية حضرها 510 من أعضاء المجلس، وذلك أمس مساء الإثنين 20 يوليو الجاري، للنظر في الموافقة على إرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة المصرية، للدفاع عن الأمن القومي المصرى فى الاتجاه الاستراتيجى العربى ضد أعمال الميلشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية إلى حين انتهاء مهمة القوات.
الشعب المصري لم يسمع بجلسات التفويض من مجلس النواب من قَبل
فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على مسألة تفويض مجلس النواب على إرسال بعض عناصر من القوات المسلحة المصرية فى مهام قتالية خارج البلاد، وذلك فى الوقت الذى لم يسمع الشعب المصري بجلسات التفويض من مجلس النواب من قَبل، لأن الدستور المصري قبل 2014 لم يتضمن المادة 152، التي تنص على أن: "رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا يعلن الحرب، ولا يرسل القوات المسلحة في مهمة قتالية إلى خارج حدود الدولة، إلا بعد أخذ رأى مجلس الدفاع الوطنى، وموافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثى الأعضاء، فإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجب أخذ رأى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وموافقة كل من مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطنى" – بحسب الخبير القانونى والمحامى سامى البوادى.
الدستور الجديد يشترط موافقة ثلثى مجلس النواب على إرسال القوات المسلحة في أي مهمة قتالية
فالدستور الجديد يشترط موافقة ثلثى مجلس النواب على إرسال القوات المسلحة في أي مهمة قتالية، الأمر الذي لم نشهده من قبل في التاريخ المصري الحديث، ففي معظم الحروب التي شهدتها مصر، كان إرسال القوات المسلحة لأي أغراض قتالية قرار يصدُر من رئيس الجمهورية مباشرةً، فبعد أن تصدت الحكومة والبرلمان سويا لمواجهة موجات حرب الشائعات التي تتعرض لها مؤسسات الدولة المصرية لاسيما عبر "السوشيال ميديا"، ومحاولة التشكيك فى الإنجازات التى تشهدها البلاد فى مختلف المجالات، وتكاتفا سوياً فى التصدى لكافة أشكال "السموم" التى تحاول القوى الكارهة بثها فى نفوس المواطنين، من خلال سياسة الشفافية التى رسختها القيادة السياسية – وفقا لـ"البوادى".
القاهرة ترفض التدخلات التركية فى الشأن العربى
ونظرا لرفض القاهرة التدخلات التركية السياسية والعسكرية في الشأن العربي، التي تفتقر إلى أي سند شرعي، بل وتنتهك قرارات مجلس الأمن، سواء كان ذلك في العراق أو في سوريا أو في ليبيا، ولأن مصر لن تدخر جهدًا لدعم الشقيقة ليبيا ومساعدة شعبها على العبور ببلادهم إلى بر الأمان، وتجاوز الأزمة الحرجة الحالية، استناداً إلى أن الملف الليبي يعتبر إحدى الأولويات القصوى للسياسة الخارجية المصرية، أخذاً في الاعتبار أن الأمن الليبي يشكل جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري والعربي، فقد وافق مجلس النواب، أمس، في جلسة سرية على إرسال عناصر من القوات المسلحة في مهام قتالية خارج حدود الدولة، في الاتجاه الاستراتيجي الغربي، ضد أعمال الميليشيات الأجنبية.
كيفية إجراءات اتخاذ القرارات المصيرية للدولة من البرلمان
ووفقاَ للائحة الداخلية المُنظمة لعمل المجلس يحق للمجلس عقد جلسة سرية بناء على طلب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو رئيس المجلس أو وفقًا لطلب مقدم من 20 نائبًا، لا يجوز حضور هذه الجلسة إلا لأعضاء المجلس ورئيسه، ومن يرخص لهم بالحضور، ولا يجوز حضور أي من العاملين بالمجلس، عدا الأمين العام، ويجب أن تكون سرية حفاظا على الأمن القومي المصري، ومجلس النواب هو الممثل الشرعي للشعب، وليس شخص واحد مثل رئيس الجمهورية، هذا إجراء قانوني، يضفي الشرعية على قرار إرسال قواتنا إلى الخارج، لذا كان ضروري هذه الجلسة اليوم لاتخاذ قرار بشأن منح تفويض للرئيس عبدالفتاح السيسي لإرسال قوات عسكرية مصرية إلى ليبيا، وذلك بعد أن طالبت مشايخ قبائل ليبيا، الرئيس بتدخل الجيش المصري حال اختراق خط سرت الجفرة بأي عمل عسكري، إذا تمادت تركيا والميليشيات في التدخل في الشأن الليبي مناشدين وقتها يتدخل الجانب المصري – الكلام لـ"البوادى".
وتحقيقا لوعد الرئيس عبدالفتاح السيسى لمشايخ القبائل الليبية بأن مصر لا تقبل بتقسيم ليبيا وتدعم وحدة واستقرار البلاد، داعيا إلى وقف الاقتتال والانتقال إلى المسار السياسي، وذلك لأن مصر وليبيا، شعب واحد ومصير واحد، وأن الميليشيات المسلحة لها تأثير سلبى وتكون الدولة أسيرة لها، فقد أعطي البرلمان كلمته بالإجماع بالموافقة علي إرسال قوات مصرية إلي خارج البلاد لمواجهة الميلشيات الأجنبية في ليبيا، فقد جاء هذا القرار التاريخي لصد التواجد الأجنبي المتزايد في ليبيا خاصة بعد توقيع حكومة الوفاق لاتفاق مع تركيا، ما دفع الأخيرة لإقامة قواعد بحرية وجوية في ليبيا، بالإضافة إلى نقل المرتزقة لدعم حكومة الوفاق للسيطرة على النفط الليبى وتهديد أمن دول الجوار.
الرئيس عبد الفتاح السيسى
شعب مصر لن يسمح بتكرار سيناريو الفوضى
تلك الحرب الضروس التى تعرضت ومازلت تتعرض لها مصر، حرباً غير تقليدية من أشرس أنواع الحروب، وتعتمد على خلق حالة من البلبلة وإشاعة جو الإحباط وهز الثقة الموجودة بين المواطنين ومؤسسات الدولة وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة والتشكيك فى مقدرات المؤسسات التى تحمى هذا الوطن وعلى رأسها القوات المسلحة، ولم تتأخر السلطة التشريعية عن مساندتها ودعمها واتفاقها التام معها، وفى الحقيقة فإن شعب مصر لن يسمح بتكرار سيناريو الفوضى، لذا فعلى جميع المؤسسات أن تعمل على ضمان واستقرار أمن وسلامة هذا الوطن، ويراقب بحرص الحكومة ويدعهما مواجهة ما تتعرض له البلاد راجيا دوما توضيح الحقائق للمواطنين فى إطار من الشفافية يقضي على أي تأثير سلبي لأي شائعات تؤثر علي هز ثقة المواطنين في مؤسسات وطنه وقيادته في إدراكهم لخطورة المرحلة على خطط التنمية.
ولمواجهة هذا التحدي لابد من كشف الحقائق ووضعها نصب أعين المواطن الواعي، وهذا هو الدور الهام لوسائل الإعلام، وضرورة تعزيز دور الإعلام الرسمى للدولة وتدعيمه بكاف الإمكانيات لمجابهة الإعلام الخارجى والقنوات "المأجورة" و" الموجهة" وحماية حق المواطن فى الحصول على خدمات إعلامية بأجود المعايير وأفضل الشروط، مع ضمان التزام المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة بتطبيق معايير وضوابط المحتوى الإعلامي التى يضعها المجلس الأعلى والتزامها بمقتضيات الأمن القومي.
وبهذا القرار برهن البرلمان على أنه خارج دائرة الجدل المحتدم بين القوى السياسية التي تتحاور داخل أروقته، وأنه جميعه على قلب مصري واحد يعى المسئولية الملقاه علي عاتقه وفقا للدستور ولم يعد بمقدوره التخلي عنه بكافة أطيافه السياسية لممارسة صلاحياته الدستورية ذات الصلة بموضوع الحفاظ علي مقدرات الوطن وأمنه وحدوده أو أي مهام أخرى للحفاظ علي حق العروبة والجوار ومناصرة من استنصرنا ليزداد الموقف تضافر وتكاتف ويصنف الوطن شعبا وجيشا قيادة وجندا حكومة ونواب في خندق موحد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة