ثورة إنسانية وطبية وتعليمية مُلهمة.. 7 سنوات على رحيل سوسن الطوخى
صاحبة فكرة إنشاء مركز متخصص لعلاج أمراض قلب الأطفال مجاناً..
كما يتجدد الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو كل عام، تتجدد بالتزامن ذكرى واحدة من رائدات التعليم الجامعى والهندسة والعمل الاجتماعى والخيرى. وكما كانت ثورة المصريين على حُكم الإخوان تجسيدا لإرادة وطنية جامعة، وانحيازا صلبا وعميقا للهوية المصرية، كانت مسيرة سوسن الطوخى ورحلة حياتها تجسيدا لهذا الترابط الإنسانى والاجتماعى، وللمسؤولية العميقة التى يستشعرها كل مصرى أصيل تجاه الوطن وأهله.
غادرت سوسن الطوخى عالمنا فى الثانى من يوليو 2013، بعد رحلة حافلة من العمل والعطاء، تركت خلالها آثارا سامقة، ما تزال شاهدة على صدق ما آمنت به، وعظمة ما أنجزته، وعُمق ما استلهمته من الأهل وما تركته فى الأبناء، لتُمثّل بكل ما سطّرته على صعيد التعليم والهندسة والعمل التطوعى ومشروعات الخير والطب، قصة بالغة الصدق والإنسانية، وشاهدا عظيما على أن «السيرة أطول من العمر».
سوسن الطوخى
درست سوسن محمد الطوخى الهندسة، وحصلت على الدكتوراه، ثمّ حققت نجاحا عمليا فى المجال، يتأكّد بالنظر لسيرتها الطويلة، إذ إنها مؤسس وعضو مجلس أمناء جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، ورئيس مجلس إدارة معهد أكتوبر العالى للهندسة، وعضو مجلس أمناء مؤسسة سعاد كفافى. وقادتها تلك الروح إلى إنجاز نجاحات عدّة استلهمتها من شخصية الوالدة «سعاد كفافى»، لكنها وطّدت ذلك الأثر وعمّقته وتركته فى أرواح المحيطين من الأهل والأبناء، حتى بات بالإمكان معاينة روح وجمال «سوسن» بعد سنوات من رحيلها، بالنظر إلى شقيقها أو ابنتيها. إذ سار خالد الطوخى، رئيس مجلس أمناء جامعة مصر، على درب الوالدة والأخت، محافظًا على عهد العمل فى خدمة العلم والتعليم.
أسهمت فى تطوير معهد أكتوبر للهندسة، كما كان لها باع طويل فى العمل التطوعى، فهى صاحبة فكرة إنشاء مركز سوسن الطوخى لعلاج أمراض قلب الأطفال مجانا، الذى يعمل منذ مارس 2015 فى مستشفى سعاد كفافى الجامعى، مقدما خدماته لغير القادرين عبر إجراء عمليات قلب مفتوح وفق أحدث النظم الطبية وتقنيات القسطرة التشخيصية والعلاجية، وحظيت بشعبية كبيرة فى 6 أكتوبر وأرجاء الجيزة، بعدما أطلقت مشروعات خدمية عديدة، منها: تنظيم دورات تثقيف سياسى وإنشاء فصول محو أمية للنساء، وأفراح جماعية لليتيمات، وتدشين مشروعات لتدوير المخلفات، وتبنى طلاب المعهد غير القادرين، وهو الأمر الذى أوصت باستمراره بعد رحيلها وما يزال متواصلا.
وعن حياتها وسيرتها المهنية، فقد وُلدت فى يوليو 1957، وحصلت على دكتوراه الهندسة المعمارية، ومن مؤلفاتها كتاب «نظريات العمارة - الجزء الأول»، و«نظريات العمارة للهندسة المعمارية - الجزء الثانى»، و«مدن صحراوية». وشاركت فى مشروعات كبرى، منها: أرض المروحة فى القطامية، وتطوير ميدان الأوبرا وحديقة الأزبكية، وتطوير محطة مصر وموقف أحمد حلمى. وكانت رئيس مجلس إدارة المعهد العالى للهندسة بـ6 أكتوبر، وعضو مجلس أمناء ومؤسس جامعة مصر، واستشاريا ومعماريا فى عدة شركات كبرى، ومديرا لمركز الدراسات الاستشارية للعمارة والتخطيط لخدمة المجتمع، كما عملت مستشارا للجنة التعليم بالبرلمان، وعضوا بالاتحاد الأوروبى للتحكيم الدولى الهندسى، وعضوا بالمنطقة الدولية لإدارة المشروعات «PHI» بأمريكا، وعضوا بمجلس إدارة مؤسسة UMAR لمعماريى دول البحر المتوسط، وعضوا بالمجلس العربى للطفولة والتنمية، وعضوا بمجلس سيدات الأعمال فى «الشارقة» بالإمارات، كما مثّلت مصر فى هيئة المعماريين العرب.
وحصلت الراحلة على شهادات تقدير عديدة: شهادة استشارى من نقابة المهندسين، وشهادة من هيئة المعماريين العرب، وشهادة من الصندوق المصرى السويسرى، وشهادة من جمعية المهندسين الكويتية، وشهادة من مكتبة الإسكندرية، وشهادة من التحكيم المعمارى الأوروبى، ولها يد إبداعية بيضاء على جامعة مصر إذ صمّمت أوبرا مسرح الجامعة وأرض الامتداد الخاصة بتوسعاتها، بما يؤكد أنها واحدة من أمهر المعماريين المصريين. وعلى صعيد إنجازاتها فى معهد أكتوبر للهندسة، فقد صنعت صرحا علميا ذا سُمعة أكاديمية لامعة، وهو ما يتواصل حتى الآن على يدى ابنتيها «بسمة وندى»، اللتين تديران المعهد بطريقتها المعهودة، ملتزمتين بالمسؤولية الاجتماعية الموروثة عن الأم، التى يذكر من تعاملوا معها قولها: «يمكن أن أعمل 24 ساعة يوميا دون تعب، هذا ما تعلمته من الهندسة، وكما كنا لا ننام أثناء الدراسة، لا يجب أن ننام أثناء العمل».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة