قضت محكمة جنح مستأنف عين شمس، فى حكم فريد من نوعه ببراءة محامى من تهمة خيانة الأمانة بعد قبول استئنافه على حكم حبسه سنة، وكفالة ألف جنيه، لاتهامه بتبديد الصيغة التنفيذية للحكم الصادر لصالح أحد الأشخاص، ولامتناعه عن تسليمها اقتضاءاً لحقه في الأتعاب المستحقة له عن 17 سنةً عمل.
توضيح: المحكمة في حيثيات الحكم الصادر بالبراءة رسّخت مبدأ قضائياَ تأسيساً على انتفاء الركن المعنوي لجريمة التبديد: "إن المستند المتنازع عليه صيغة تنفيذية لحكم مدعى بتبديده لا يصلح الاستفادة به أبدا إلا للصادر لصالحه الحكم دون غيره، وعليه فلا طائل للمتهم من إضافته لملكه قط، فالمحكمة تتشكك في توافر القصد الجنائي لجريمة التبديد موضوع الدعوي في حق المتهم بما تنتهي معه لعدم ثبوت التهمة ثبوتاً يقينياً ومن ثم تقضي المحكمة ببراءة المتهم من التهمه المسندة إليه".
المحكمة ترسخ لمبدأ قضائى
صدر الحكم في القضية رقم 6457 لسنة 2019 جنح مستأنف شرق القاهرة، برئاسة المستشار محمد الضبع، وعضوية المستشارين أدهم أبو شادى، وأحمد البارودى، وبحضور وكيل النيابة محمد معبد، وأمانة سر سعيد مصباح.
الوقائع.. المحامى يتسلم الصيغة التنفيذية نيابة عن موكله ويحتبسها
فى غضون عام 2016 اتهم الدكتور "م.،"، المحامي "ع.ع"، بتبديد الصيغة التنفيذية للحكم الصادر فى الدعوى 12010 لسنة 2 ق اقتصادية القاهرة أضرارَ بمالكها المجني عليه "م. ص"، والمسلمة إليه بصفته وكيلاَ، وذلك بأن قام باستلامها من المحكمة الاقتصادية بموجب الوكالة الصادرة له من المجنى عليه وهو توكيل 1166 لسنة 2011 توثيق المرج بقصد تسليمها للمجني عليه إلا أنه احتسبها لنفسه أضرارا به.
النيابة قدمت المحامى "ع.ع" للمحاكمة الجنائية، وبتلك الجلسة باشرت محكمة الدرجة الأولى نظر الدعوى الجنائية على النحو الثابت بمحضر تلك الجلسة، حيث لم يمثل المتهم، وقضت المحكمة غيابياَ بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة 1000 جنية وحيث أن المتهم لم يعلن بذلك الحكم وطعن عليه وتداولت المعارضة بالجلسات وبجلسة 6 أبريل 2019 قضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاَ وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
المحامى المتهم يقدم الصيغة التنفيذية ويكشف سبب حبسها
تأييد الحكم هو الأخر لم يلقى من المحامي عدنان عبد المجيد قبولاَ حيث طعن عليه بالاستئناف وتحدد لنظر استئنافه جلسة 9 أبريل 2019 حيث باشرت محكمة جنح المستأنفة نظر ذلك الاستئناف حيث مثل المتهم بشخصه وبرفقته محامون كما مثل المدعى بالحق المدني بشخصه وبرفقته وكيلين، وطلب المتهم ومحاموه البراءة تأسيساَ على بطلان قيد ووصف النيابة العامة والحق فى حبس السند موضوع الدعوى اقتضاء لحقه فى الأتعاب وفقا لقانون المحاماة، وسبق التجاء المدعى بالحق المدني للادعاء المدني قبل تقديمه للبلاغ موضوع الدعوى، وقدموا حوافظ مستندات ومذكرات بالدفاع طالعتهم جميعا المحكمة، ومن بين ما قدم حوافظ مستندات من قبل المتهم حافظة دون على غلافها أن بطياتها أصل الصيغة التنفيذية للحكمين 1199 – 1201 لسنة 2 ق اقتصادية القاهرة موضوع التبديد الذى نسبته النيابة العامة للمتهم.
موضوع الاستئناف
المحكمة عن موضوع الاستئناف قالت أنه لما كان الفقه قد استقر على أنه: "حيث أنه من المقرر أن قوام جريمة خيانة الأمانة هو تحقق فعل التسليم، فلا قيام لجريمة خيانة الأمانة إذا لم يصدر تسليم المال بإرادة صحيحة من مالك المال أو الغير لحساب المالك إلى المتهم تسليماَ ناقل للحيازة الناقصة بحيث يتحقق للمتهم السيطرة الكاملة على المال ولكن لحساب مالكه".
محكمة النقض تضع قواعد تبديد الأمانة
وأحكام محكمة النقض جميعها قد استقرت فى شأن جريمة التبديد أنه التأخير فى رد الشئ أو الامتناع عن رده إلى حين لا يتحقق به الركن المادى لجريمة التبديد ما لم يكن مقروناَ بانصراف نية الجانى إلى إضافة المال الذى تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه اضرارَ بصاحبه، كما قضت المحكمة أيضاَ أن دفاع المتهم بأن امتناعه عن رد العقد هو رغبته فى اقتضاء دينه من المجنى عليه يؤثر فى مصير الدعوى الجنائية وجوب الرد عليه بما يفنده مخالفة ذلك قصور.
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أنه فى سبيل تكوين عقيدتها واستخلاص الصورة الصحيحة للواقعة قد استنبطت أن الخلاف بين المجنى عليه والمتهم منذ بلاغ الأول حتى تاريخ حجز الدعوى للحكم هو ادعاء المتهم أن المجنى عليه لم يؤدى له اتعابه المتفق عليها أو حتى الأتعاب القانونية التى نص عليها قانون المحاماة، ونفى المدعى بالحق المدنى ذلك الادعاء وتقرير المتهم الدائم أنه على استعداد لتقديم الصيغة التنفيذية التى بحوزته والتى استلمها وكيلاَ عن المدعى بالحق المدنى والمدعى بتبديدها، وذلك مقابل أداء المدعى بالحق المدني لأتعاب المحاماة المستحقة له ثم أخيراَ وبنهاية الجلسات تقديمه لمستند للمحكمة زعم انه الصيغة التنفيذية المدعى بتبديده إياها.
كيف حافظ قانون المحاماة على أتعاب المحامى؟
وتلخص المحكمة ما جاءه المتهم من أنه جدالاَ قانونياَ اعطى فيه لنفسه الحق فى حبس الصيغة التنفيذية سالفة الذكر زعما منه أن قانون المحاماة قد خول له مكنة ذلك ومنع المستندات التى حازها بصفته وكيلاَ عن المدعى بالحق المدنى عن الأخير اقتضاء لحقه فى الأتعاب واستعداده لتسليمه لذلك المستند عقب وفاء المدعى بالحق المدنى للأتعاب ومن ثم فقد أطمأنت المحكمة أنه منذ تاريخ استلام المتهم لذلك المستند موضوع الدعوى بصفته وكيلاَ بالأجر عن المجنى عليه بموجب عقد وكالة وحتى تاريخ نهاية جلسات المحاكمة لم تنصرف نيته أبداَ إلى تملكه أو إضافته إلى ذمته أو تغيير حيازته عليه من حيازة عارضه وناقصة إلى حيازة كاملة مهما كان إصراره فى الامتناع عن رده أو تأخره فيه طالما لم تتأكد هذه النية وهو القصد الجنائى الذى تطلبته أراء الفقه جميعه.
المحكمة في حيثيات الحكم رسّخت مبدأ قضائياَ بأن المستند المتنازع عليه صيغة تنفيذية لحكم مدعي بتبديده لا يصلح الاستفادة به أبدا إلا للصادر لصالحه الحكم دون غيره وعليه، فلا طائل للمتهم من إضافته لملكه قط، فالمحكمة تتشكك في توافر القصد الجنائي لجريمة التبديد موضوع الدعوي في حق المتهم بما تنتهي معه لعدم ثبوت التهمه ثبوتا يقينيا ومن ثم تقضي المحكمة ببراءة المتهم من التهمه المسندة إليه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة