لم تدخر المملكة العربية السعودية أي جهد بشري أو تقني أو مالي، في سبيل تأمين وإنجاح أداء المسلمين الركن الخامس من أركان الإسلام، ونجحت القدرات في تعزيز الخبرات وتراكمها بحكم طول المراس، ما يسّر على المسلمين أداء الشعائر في أمن وطمأنينة واكتفاء من كافة الخدمات اللازمة للنظافة والصحة والتنقلات.
وأكدت"عكاظ" أن خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد، يوليان جهوداً حثيثة لتوسعة الحرمين وتطوير المشاعر وراحة الحجيج، وتجنّد المملكة ما يقارب ١٠٠ ألف من الكوادر البشرية المتخصصة في إدارة الحشود من مدنيين وعسكريين لخدمة أكثر من مليوني حاج يجتمعون لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، يتكلمون بأكثر من 100 لغة، وينتمون لأكثر من 200 جنسية في محدودية من الزمان والمكان.
ومنذ ما يزيد على ٨٠ عاماً والمملكة تراكم خبراتها في التعامل بمهارة مؤسساتية أكسبتها فرقا أمنية احترافية عالية في ظل مراكز مزودة بأعلى التجهيزات، وتحضر الجهات الأمنية عبر ما يزيد على 100 ألف ضابط وفرد من خلال 30 مركز شرطة ونقطة أمنية وضبط إداري لقيادات عدة؛ منها قيادة الدوريات الأمنية بمشاركة 400 دورية أمنية راكبة و100 دورية دراجات نارية، و60 دورية سرية، وتخصص المملكة مليارات الريالات لإنجاح موسم الحج، كما يسهم في خدمة الحجاج المواطنين في مكة المكرمة والمدينة المنورة ومؤسسات الطوافة التي يردد كل فرد من منسوبيها عبارة «تعبكم راحة».
و يقول شكيب أرسلان في كتابه (الارتسامات اللطاف في خاطر الحاج لأقدس مطاف)، عندما تأسست الدولة السعودية ودخل الملك عبدالعزيز مكة المكرمة، كان همه الأول بسط الأمن وتأمين طرق الحجاج، فعم الأمن والأمان ربوع المملكة؛ لا سيما منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وأضاف «لو لم يكن من مآثر الحكم السعودي سوى هذه الأمنة الشاملة الوارفة الظلال على الأرواح والأموال التي جعلت صحاري الحجاز وفيافي نجد، آمن من شوارع الحواضر الأوروبية، لكان ذلك كافياً في استجلاب القلوب واستنطاق الألسن في الثناء عليه».
وأكد أرسلان أن الملك عبدالعزيز لم يدخر جهداً في تأمين سبل الأمن والراحة للحجاج، وانتقد كلا من تركيا وسلطات الاحتلال؛ لما يفرضونه من قيود شديدة على الحجيج. وأشار إلى أن العديد من الدول لا تقدم الأموال الموقوفة للحج. ويروي كيف سقطت عباءته من السيارة عندما كان في الطريق إلى الطائف فأخذ الناس يمرون عليها فيرونها ملقاة على قارعة الطريق فلا يتجرأ أحد أن يلمسها، بل شرعت القوافل تتنكب عن الطريق عمداً حتى لا تمر على العباءة، فوصل خبرها إلى أمير الطائف حينها فأرسل سيارة من الطائف أتت بها، وأخذ بالتحقق عن صاحبها وأعادها له مرسول الأمير.
ويؤكد أرسلان أن قوافل الحجاج من جدة إلى مكة المكرمة أشبه بخيط غير منقطع من الإبل تتهادى تحت الشقادف، وكثيراً ما تضيق بها السبيل على رحبها، وكان الملك من شدة إشفاقه على الحاج وعلى الرعية لا يرفع نظره دقيقة عن القوافل والسوابل ولا يفتأ ينبه سائق سيارته بعدم العجلة، لشدة خوفه أن تمس سيارته شقدفاً أو تؤذي جملاً أو جمالاً، وهكذا شأن الراعي البر الرؤوف برعيته، الذي وجدانه معمور بمعرفة واجباته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة