التقاضى عن بعد فى حقيقة الأمر صار ضرورة ملحة مع بقاء فيروس كورونا المستجد، دون الوصول إلى مصل له حتى كتابة تلك السطور، وحتى يقضى الله أمراَ كان مفعولا، فقد باتت التكنولوجيا واقع نعيشه، وأصبحت تؤثر فى كل شيء فى المجتمع حيث تدخلت فى مجالات كثيرة فى حياتنا تدخلا يصلح ولا يفسد- إلا بأيدينا - ففى مجال الطب والهندسة والزراعة وعلوم الفلك والطيران والبحث العلمى والبنوك والتجارة والصناعة، نعم أنها التكنولوجيا التى لا ينكر فضلها أحد، فإذا كان ذلك كذلك فان التقاضى مازال محروما من خدماتها إلا قليل القليل.
اليوم وقد أصبح أعمال التكنولوجيا فى مجال التقاضى ضرورة ملحة لا غنى عنها وخاصة فى ظرف مثل ذلك الذى يتعرض له العالم اجمع الآن، فان التقاضى عن بعد هو الحل الأمثل لمواجهة تلك الظروف وتحقيق العدل على قدم المساواة، وذلك لأن الكثير من القضايا التى إذا تأخر الفصل فيها تضر بمصلحة صاحب الحق بينما تكون ميزة للمجرم أو مغتصب الحق.
منظومة التقاضى عن بعد بتوجيه من الرئيس السيسى
وبالأمس صرح المستشار عمر مروان، وزير العدل، أن منظومة التقاضى عن بعد ستجعل المحامى يرفع الدعوى من مكتبه دون الذهاب إلى المحكمة، مشيرا إلى أن هذا الإجراء تم بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسى فى الرقمنة، وذلك بعد أن وجه الرئيس بتوفير الدعم المالى اللازم لميكنة المحاكم، وتابع: "لدينا العقول القائمة على هذا المشروع.. الفكرة تحولت إلى واقع وأنا رأيت ذلك بعينى فى تجربة سابقة".
وبحسب "مروان" فى تصريحات صحفية - الوزارة بدأت الخطوات الأولى على الطريق فى تقديم الدعاوى القضائية عن بعد، حيث تبدأ تفعيل تلك العملية 15 يوليو المقبل سيتم إجراء تجربة على أرض الواقع فى رفع دعوة قضائية عن بعد بمحكمة القاهرة الجديدة الكلية، وستتم معالجة الأخطاء أن وجدت ومن ثم تعميمها على كافة المحاكم، كما أن الخطوة الثانية ستتمثل فى إجراءات التقاضى أمام القضاة ستكون عن بعد أيضاً، لافتاً إلى أن الإجراءات المتبعة فى التقاضى عن بعد تم بين وزارتى "العدل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات".
الرول عبر الشاشات لمنع التكدس فى قاعات المحاكم
وفى سياق آخر، التقى رئيس محكمة أسيوط الابتدائية، أمس، بالمحامية أسماء ماهر، عضو لجنة الكورونا بنقابة المحامين، بموجب تفويض من النقيب العام رجائى عطية لمناقشة طلب تقدمت به النقابة عن إمكانية تفعيل الشاشات الاليكترونية لعرض الرولات بالدوائر شديدة الزحام كالجنح، والأسرة والمدنى، وذلك مع مهندس المحكمة والفنيين والمختصين بذلك مع التصريح لنقابة بتوصيل هذه الدوائر الإلكترونية لهذه الشاشات بالشاشات الذى سوف توفرها النقابة بكل استراحة موجودة بكل مبنى.
من جانبها، قالت "ماهر"- فى تصريح لـ"اليوم السابع"- أنها فور تقديمها للطلب تواصلت مع رئيس محكمة أسيوط رحب بالفكرة فى محاولة لتجنب الازدحام داخل قاعات المحاكم وبالأخص مع إمكانية النقابة فى توفير شاشات الكترونية لجميع الاستراحات، وخاصة أن الظروف أصبحت ملحة لعدم الزحام والتباعد الاجتماعى والسعى إلى ميكنة كل الخدمات إلكترونيا.
وبحسب "ماهر" - مع متابعتى لمكتب المستشار رئيس محكمة أسيوط الابتدائية فى هذا الطلب، وأيضا مطالبة النقابة العامة بتفعيل شاشات العرض الإلكترونى للرولات بكل محاكم الجمهورية - وخاصة أسيوط - وخاصة أن بكل استراحة من استراحات أسيوط شاشة تليفزيونى أحضرتها النقابة ليس لها أى استخدام، فمن الممكن استخدامها كعرض للرول بكل محاكم أسيوط.
خبير قانونى عن الرولات عبر الشاشات: فكرة تستحق الإشادة
من ناحية أخرى – قال الخبير القانونى والمحامى محمد ميزار – أن الخطوة التى أقدمت عليها نقابة المحامين بشأن خدمة تفعيل شاشات العرض الإليكترونية لعرض رولات الجلسات وربطها بشاشات عرض داخل قاعات نقابة المحامين هى خطوة مهمة وفعاله وجديرة بالاهتمام، ونأمل من سيادته التكرم بالموافقة عليها وعلى أن يشتمل الأمر مع هذه الخدمة أماكن انعقاد الدوائر المدنية والجنائية وتحديد القاعات.
ويضيف "ميزار" فى تصريح لـ"اليوم السابع" - طالما أن هذه الخدمة متوفرة بمبنى مجمع محاكم أسيوط، فيتعين تفعيلها منعا للتكدس والزحام فى ظل هذه الأوقات العصيبة التى يتعين علينا فيها اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية وتدابير السلامة والتباعد الاجتماعى حفاظا على الجميع من مخاطر انتشار الوباء وتماشيا مع استمرار العمل بكافة قطاعات الدولة ومنها وزارة العدل وكامل المنظومة القضائية.
وأشار إلى أنه ينبغى النظر إلى تعميم الأمر فى كل المحاكم المصرية، وعدم اقتصارها على محكمة بعينها، كما ينبغى النظر إلى عدة عوامل أخرى، وهى أنها مقتصرة على الزحام على رول الجلسات فقط، وهناك أماكن أخرى تمثل زحاما شديدا مثل غرف المحضرين ومكاتب سكرتارية الجلسات وجداول المدنى والجنح والتى تشهد أعداد كبيرة رغم ضيق غرفها، ولكن الأمر فى مجمله هو أحد الحلول الوقتية غير المكلفة والتى لا تستغرق وقتا طويلا فى تنفيذها وهذه الخدمة متوفرة فى بعض المحاكم المصرية، وما قبل زمن كورونا ومنها محاكم القاهرة الجديدة ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية بالعباسية.
تداعيات كورونا تستلزم تطوير المنظومة القضائية بشكل مستمر
وبما أن تداعيات فيروس كورونا مازالت ممتدة بما يتعين علينا التعايش معه، فإن الوقت قد حان لاتخاذ كافة سبل دعم وتطوير المنظومة القضائية بما يتوافق مع مستحدثات العصر ومن إنجاز كافة الخدمات إلكترونيا، وهو ما سعت الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة العدل نحو تحقيق ذلك، وإطلاق العديد من المواقع التى تقوم على تقديم تلك الخدمات للمحامين ولجمهور المتقاضين ومن بينها فكرة الاستعلام عن الرول للدعوى وهى إحدى الخدمات المقدمة من محكمة الاستئناف بالقاهرة والكشف عن الدعاوى وما تم فيها وكذلك ما تم بالدعاوى أمام مكاتب الخبراء – الكلام لـ"ميزار".
وهناك دور فعال للوزارة فى توقيع اتفاقية مع وزارة الاتصالات على حلول تكنولوجيا المعلومات فى تقديم خدمة التقاضى وهو الأمر الذى نحتاج إليه فعليا أن تكون هناك منظومة قضائية الكترونية شاملة لتطبيق نظام التقاضى عن بعد فى مصر، وذلك ليشمل كل الدعاوى الجنائية والمدنية ودعاوى الأحوال الشخصية حيث أن العديد من الدول العربية قد قامت بتطبيق نظام التقاضى عن بعد وحققت نجاحا ملموساً فيه وفى مصر لو طبقت على الدعاوى المدنية والأحوال الشخصية، سيكون الأمر سهلاً وسيكون لها مردود جيد فى تخفيف التكدس والزحام الشديد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة