يبدو أن دول العالم على موعد مع شرارة لحرب تجارية جديدة بين القوى الاقتصادية الكبرى، التى تؤثر بقراراتها فى مجريات الحراك الاقتصادى على كافة المستويات، إذ تعود للأذهان الآن الإرهاصات الأولى للحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، لكن هذه المرة المواجهة ربما تكون بين الاتحاد الأوروبى وأمريكا، بسبب ضرائب الشركات الرقمية.
فرنسا أصبحت على خط المواجهة التجارية مع أمريكا، إذ قالت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الأسبوع الماضى، إنها ستفرض رسوما جمركية إضافية بنسبة 25 % على واردات فرنسية بقيمة 1.3 مليار دولار، وذلك ردا على ضريبة فرنسا الجديدة على الخدمات الرقمية، لكنها سترجئ تطبيق الرسوم الجديدة بما يصل إلى 180 يوما.
وقال مكتب الممثل التجارى الأمريكى إن الخطوة ستؤثر على سلع فرنسية مثل مستحضرات التجميل وحقائب اليد. وقال إن إرجاء التطبيق سيتيح مزيدا من الوقت لحل المشكلة، بما فى ذلك إجراء مناقشات فى إطار مجموعة التعاون الاقتصادى والتنمية.
تأتى الخطوة الأمريكية فى أعقاب تحقيق أمريكى خلص إلى أن الضريبة الفرنسية تنطوى على تمييز ضد شركات تكنولوجيا أمريكية مثل جوجل وفيسبوك وأبل.
وتشمل الرسوم الأمريكية ضد فرنسا، مستحضرات التجميل وحقائب اليد الفرنسية، لكن تم إعفاء الشمبانيا وأجبان الكممبير والروكفور، وفق اللائحة النهائية.
وكان البرلمان الفرنسى أقرّ فى 11 يوليو 2019 فرض ضريبة على عمالقة الإنترنت، لتصبح بذلك فرنسا أول دولة تفرض ضرائب على "غافا" (اختصاراً لغوغل وأمازون وفيسبوك وآبل) وعلى غيرها من الشركات المتعددة الجنسيات المتّهمة بالتهرّب الضريبى، حسبما أوردته سكاى نيوز.
قررت الولايات المتحدة إجراء دراسة لتقييم تداعيات هذه الضريبة على الشركات الأميركية، فى حين هدّد الرئيس الأميركى دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية عقابية بنسبة 100 % على المنتجات الفرنسية، لا سيّما على الأجبان ومستحضرات التجميل وحقائب اليد، وانتهت الدراسة إلى أن الضريبة الفرنسية "غير معقولة" وتمييزية ضد الشركات الأميركية.
الاتحاد الأوروبى بدوره دعا الولايات المتحدة للعودة إلى المفاوضات بشأن الضرائب على الشركات الرقمية فى إطار منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، لكنه قال إنه مستعد لتقديم مقترح جديد على مستوى الاتحاد الأوروبى إذا فشلت تلك المحادثات.
وقال متحدث باسم بعثة المفوضية الأوروبية إلى واشنطن إن الاتحاد الأوروبى يرى أن العدالة فى فرض الضرائب على الاقتصاد الرقمى أولوية قصوى، وتقول واشنطن إن الضرائب على الخدمات الرقمية التى تفرضها فرنسا ودول أخرى تستهدف شركات تكنولوجيا أمريكية على نحو غير عادل، وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبى "لا زلنا ملتزمين بضمان أن جميع الشركات، بما فى ذلك الشركات الرقمية، تدفع نصيبها العادل من الضريبة عندما تكون مستحقة بحق“.
هذه الاضطرابات دفعت المستثمرين إلى اللجوء نحو الملاذات الآمنة، إذ شهد الطلب على المعدن النفيس "الذهب" ارتفاع بصورة كبيرة، وهو ما دفع سعر أوقية الذهب لتسجل 1800 دولار وهو أعلى مستوى للذهب منذ عام 2011 أى قرابة 9 سنوات، وذلك على خلفية فشل الدول فى التوصل لعلاج لفيروس كورونا حتى الآن، إضافة إلى ظهور بوادر لأزمة جديدة بين أمريكا ودول الاتحاد الأوروبى، بسبب ضرائب مفروضة على الشركات الرقمية.
ومن ضمن أسباب ارتفاع الطلب على الذهب كملاذ آمن، ما أعلنته جامعة طبية يابانية، الجمعة، فشل فعالية عقار "أفيجان" المضاد للفيروسات فى علاج مرضى فيروس كورونا فى مرحلة مبكرة من المرض.
وفى نفس الوقت، أكد الرئيس الأميركى دونالد ترامب أن العلاقة مع الصين تضررت بشدة بعد جائحة كورونا، والمرحلة الثانية من اتفاق التجارة لم تعد أولوية، معلنا أنه لن يفكر فى التفاوض مجددا مهددا بكين بعقوبات بسبب فيروس كورونا، وهذه التصريحات أدت إلى مزيد من القلق لدى المستثمرين، وتتزامن هذه التصريحات الرئاسية لأمريكا مع تصعيد خفى بين الولايات المتحدة وفرنسا بسبب ضرائب الشركات التكنولوجية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة