سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم8 يونيو 1920.. الحاج خليل عفيفى التاجر بالزقازيق يعود من ألمانيا بجثمان الزعيم محمد فريد بعد ثمانية أشهر من وفاته

الإثنين، 08 يونيو 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم8 يونيو 1920.. الحاج خليل عفيفى التاجر بالزقازيق يعود من ألمانيا بجثمان الزعيم محمد فريد بعد ثمانية أشهر من وفاته محمد فريد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة الرابعة والدقيقة الخامسة والأربعين من صباح 8 يونيو، مثل هذا اليوم، عام 1920، حين ظهرت الباخرة (حلوان) فى عرض البحر، وفى الساعة السادسة والنصف دخلت ميناء الإسكندرية يرفرف عليها العلم المصرى منكسا، وعلى ظهرها التابوت الذى يحتوى على جثمان الزعيم الوطنى محمد فريد، حسبما يذكر عبد الرحمن الرافعى فى كتابه «محمد فريد- رمز الإخلاص والتضحية»، مضيفا: «فى الساعة السابعة والربع رست الباخرة أمام رصيف الجمرك، ليصعد إليها عدد من قيادات الحزب الوطنى الذى يتزعمه فريد، ومع خشوع الجميع أمام الرفات تسابقوا إلى تقديم التحية إلى الرجل الذى يعد بطل الحدث، وهو الحاج خليل عفيفى تاجر الأقمشة بمدينة الزقازيق، الذى صمم على استقدام جثمان محمد فريد من ألمانيا إلى مصر بعد نحو ثمانية أشهر من رحيله».
 
كان جثمان فريد فى ألمانيا منذ وفاته يوم 15 نوفمبر 1919، بعد مرض أصابه فى غربته التى استمرت سبع سنوات متصلة، تنقل فيها بين دول أوربا للمطالبة باستقلال مصر عن الاحتلال الإنجليزي.. يؤكد «الرافعي»: «حين أيقن أنه سوف يفارق الحياة، دون أن يرى استقلال بلاده جمع إخوانه الموجودين حوله وأوصاهم بالاتحاد وقال لهم :أنا وأولادى وكل عزيز لديَ فداء لمصر، لقد قضيت بعيدا عن مصر سبع سنوات، فإذا مت فضعونى فى صندوق، واحفظونى فى مكان أمين، حتى تتاح الفرصة لنقل جثتى إلى وطنى العزيز الذى أفارقه وكنت أود أن أراه».
دخل فريد فى غيبوبة الموت، وأسلم الروح يوم 15 نوفمبر عام 1919.
 
يؤكد الرافعى، أن الدكتور عبد العزيز عمران أبلغ النبأ الفاجع إلى إخوانه المصريين فى برلين والعواصم الأوربية، وقرر المصريون الاحتفال بتشييع جنازته فى احتفال يليق بمقامه، ووضعوا جثمانه بعد تحنيطه فى تابوت من الحديد لكى يمكن نقله إلى مصر عند سنوح الفرصة عملا بوصيته. يضيف «الرافعي»: «فى اليوم التالى لوفاته شيعت جنازته فى احتفال مهيب سار فيه مصريون وألمان، وألقى عبد العزيز جاويش كلمة مؤثرة أمام جثمان الفقيد، وسارت الجنازة إلى مقبرة المسلمين فى برلين، وهناك حفظ التابوت بالكنيسة بالقرب من المقبرة لكى ينقل إلى مصر، ووضع بجوار جثمان الأمير محمد عبد القادر نجل الخديو عباس، وألقى البارون أوبنهايم كلمة بالألمانية فى رثاء الفقيد، وبقى التابوت وديعة لدى حارس الكنيسة على أن يسلم للدكتور عبد العزيز عمران أو إسماعيل بك لبيب».
 
كان الحزن مضاعفا من أن جثمان الفقيد سيبقى فى بلد أخرى، وظلت فكرة نقله إلى مصر تجول فى خواطر الكثيرين، ويتهم الرافعى «الوفد المصرى» بزعامة سعد زغلول الذى كان موجودا بين باريس ولندن وقتئذ لبحث قضية استقلال مصر بأنه لم يهتم بهذه القضية، مثلما اهتم قبلها بنقل رفات اثنى عشر طالبا مصريا توفوا فى حادثة اصطدام القطار الذى كان يقلهم على الحدود الإيطالية النمساوية فى مارس 1920، وبادر إلى نقل جثتهم إلى مصر على نفقته».
 
 ظلت هذه القضية مطروحة حتى قام الحاج خليل عفيفى التاجر بمدينة الزقازيق بتنفيذها على نفقته الخاصة.. يؤكد الرافعى: «تطوع إليها من تلقاء نفسه، غير متأثر بإيعاز أحد، أو ملبيا دعوة أحد، بل لبى دعوة ضميره»، ويكشف الرافعى تفاصيل ما فعله الحاج عفيفى، فبعد أن حصل على ترخيص من الحكومة المصرية بنقل الرفات إلى مصر، أبحر إلى فرنسا قاصدا برلين يوم 5 مارس 1920، لكنه ظل فى باريس فترة بسبب نشوب ثورة الدكتور «فون كاب» فى برلين، ولما استقرت الأحوال واصل رحلة سفره حتى وصل إلى العاصمة الألمانية يوم 28 إبريل 1920. 
 
فى برلين انضم إلى الحاج خليل ثلاثة مصريين مقيمين فى ألمانيا هم الدكتور عبد العزيز عمران، وإسماعيل بك لبيب، والتاجر محمد أفندى سليمان، واصطدموا بقرار الحكومة الألمانية فى إبريل 1920 بعدم نقل جثث المتوفين فى ألمانيا إلى بلاد أخرى، لكنهم استغلوا فرصة منح الحكومة موافقة لفرنسا على نقل جثمان ضابط فرنسى، وطالبوا بمساواتهم بالاستثناء الفرنسى، وبالفعل تمت الموافقة ليتم نقل الرفات يوم الجمعة 21 مايو إلى محطة قطار برلين فى جنازة سار فيها المصريون المقيميون بالمدينة، ثم شحنها فى الباخرة «حلوان» التى أبحرت يوم 3 يونيو 1920، وأبرق الحاج خليل نبأ بذلك إلى الصحف المصرية وأنها ستصل يوم 8 يونيو1920.
وتتواصل القصة









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة