أوردت صحيفة "القبس"الكويتية تقريرا يرصد التأثيرات السلبية لمغادرة عدد كبير من الوافدين بالكويت على قطاع العقارات، في ظل توجه الحكومة نحو تطبيق رؤيتها بإعادة التركيبة السكانية من جهة، ودعم سياسة تكويت الوظائف المحلية من جهة أخرى.
وتطرقت الصحيفة الكويتية إلى عزم الحكومة على تعديل التركيبة السكانية لتكون نسبة الوافدين 30 % مقابل %70 للمواطنين، وقد شهدت حركة الطيران أخيرا أعدادا غير مسبوقة من الرحلات لنقل المغادرين إلى أوطانهم، وقد تجاوزت أعداد الوافدين الذين غادروا البلاد حتى الآن الـ 100 ألف فرد، ولا تزال الأرقام بازدياد متواصل.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من مباركة العديد من المواطنين للتوجه الحكومي الحازم في هذا الشأن، إلا أن هناك شريحة كبيرة على النقيض منهم رأوا ضرورة دراسة هذه الخطوة قبل التسرع بتطبيقها، ونخص بالذكر «العقاريين»، حيث أبدوا استياءهم من هذا الإجراء، كونهم باتوا الضحية الأكبر من بعض القرارات التي اتخذتها الدولة في الآونة الأخيرة والتي سيترتب عليها مغادرة أعداد كبيرة من الوافدين الذين يشكلون نسب كبيرة من سكان عقاراتهم إلى جانب عمالتهم التجارية.
بالإضافة إلى البدء بعمليات إجلاء العمالة الوافدة، كان قد سبق هذه الخطوة قرارات شملت تخفيض الرواتب، وعزل كلي لمناطق شملت عقارات السكن الاستثماري ومعظمها تقطنها فئة العمالة، الأمر الذي أضر بدخل العديد من المستأجرين، ما أدى إلى تخلف في عمليات سداد ودفع الإيجارات ناهيك عن رحيل البعض مخلفين وراءهم مزيدا من الشقق الخاوية ونقصا في العمالة، وجميعها عوامل انعكست بشكل مباشر على عوائد وإيرادات ملاك العقار.
وأوضحت الصحيفة تأثر «الاستثماري» و«التجاري» ومع تزايد رحيل الوافدين، باتت توقعات خبراء العقار تشير إلى بدء تدهور حال معظم قطاعات العقار والتي ستستمر على هذا الحال خلال الفترة المقبلة أو إلى أن تزول سحابة كوفيد-19 على الأقل. ومن أبرز تلك التوقعات انخفاض قادم ستشهده عقارات الاستثماري من حيث الأسعار وحتى الأداء؛ ووفقا لأحدث تقرير أعده بنك الكويت الوطني في الشأن العقاري، توقع تأثر سوق العقار، خصوصاً القطاعين التجاري والاستثماري، والقطاع السكني وإن كان بدرجة أقل، في الربع الثاني من عام 2020 على خلفية تفشّي جائحة فيروس كورونا والتدابير الاحترازية التي جرى فرضها لاحتواء الجائحة، خاصة عمليات الحظر والقيود التي فُرضت على الأنشطة التجارية، وهو الأمر الذي أدى إلى التأثير سلباً في ظروف العمل وفقد الوظائف، خصوصاً في صفوف الوافدين.
وذكر التقرير الذى أوردته الصحيفة، أن مبيعات القطاع الاستثماري انخفضت بنسبة %42، على أساس شهري، و%18، على أساس سنوي، إلى 62 مليون دينار في فبراير، ويعزى هذا التراجع الشهري إلى انخفاض الأسعار ومتوسط حجم الصفقات. أما على صعيد الأسعار، فقد ظلت منخفضة نسبياً ضمن هذا القطاع الذي تأثر سلباً بضعف المقومات الأساسية منذ أوائل عام 2017 بما يعكس جزئياً ضعف الطلب من فئة الوافدين من جهة، واستمرار تزايد العرض من جهة أخرى.
وانخفضت أيضا أسعار المباني والشقق كما في شهر يناير بنسبة %3 و%5 على التوالي على أساس سنوي، ومن المتوقع أن تتأثر أسعار ومبيعات القطاع الاستثماري سلباً على خلفية تداعيات تفشي وباء كورونا المستجد، خاصة بالنظر إلى أن معظم الطلب على إيجارات مثل تلك النوعية من العقارات ينبع عادةً من القوى العاملة الوافدة التي تأثرت بالتأكيد بسبب عمليات الحظر وإغلاق الأنشطة التجارية. ومن شبه المؤكد أن يتأثر القطاع التجاري أيضا بحالة الحظر المفروضة، على خلفية تفشّي فيروس كورونا وتأثيره السلبي في مبيعات وإيرادات الأنشطة التجارية.
وهناك بالفعل تقارير مختلفة عن المصاعب التي تواجهها بعض الشركات في دفع إيجار المساحات التجارية، مما أدى إلى خفض قيمة الإيجار وتأجيل السداد لمختلف المستأجرين التجاريين، وإن كانت فئة مستأجري قطاع التجزئة هم الأشد تأثراً بارتفاع إيجارات مراكز التسوق. تقرير «الوطني» لم يخفِ حقيقة تغييره لنظرته اتجاه مستقبل العقار؛ وبدلا من توقعات يسودها الاستقرار، فقد أوضح أن الامر لم يعد كذلك.
و قد يؤدي تراجع أسعار النفط إلى ارتفاع مخاوف المستثمرين والمشترين، مما قد يؤدي إلى تأجيل عمليات الشراء المرتقبة. تفاقم المخاوف بالإضافة إلى دراسة «الوطني»، الخبراء وأصحاب العقار هم أيضاً لم يخفوا مخاوفهم في ما يتعلق بمستقبل القطاع العقاري، حيث أبدى أمين سر اتحاد العقاريين قيس الغانم استياءه مما يحصل، مؤكداً على ضرورة إعادة النظر في الإجراءات والقرارات الحالية قائلاً: «أنا مصدوم من كثرة القرارات التي تم اتخاذها في غياب استشارة القطاع الخاص وحتى الآن لم تثمر بنتائج ملحوظة.
ويرى البعض أن حقيقة تطبيق معادلة تكويت الوظائف بنسب 70 في المئة - 30 في المئة تعد نظرية غير واقعية بل شبه مستحيلة، كما أنها بحاجة إلى المزيد من البحث إذا ما أرادت الدولة تحقيق أهدافها ومشاريعها المرجوة مستقبلاً؛ هذا ما أكده نائب الرئيس التنفيذي لشركة التنمية العقارية سليمان المضيان، موضحاً أن قرار الدولة المعني بإعادة التركيبة السكانية جيد إلا أنه لن يكون من السهل تطبيقه على أرض الواقع، خصوصاً بواقع النسب التي تمت الإشارة إليها من قبل الحكومة، مؤكداً على ضرورة عمل دراسة دقيقة للمقترح قبل تحديد النسب لتكون أكثر واقعية وتصب في مصلحة الدولة مستقبلاً. المضيان لم يتردد في الإفصاح عن حقيقة أن الدولة لا يمكنها الاستغناء عن العمالة الوافدة، فقوام قوة الدولة يرتكز على التنوع، والفئة الوافدة ستظل ضرورة لدعم القطاعات الاقتصادية من جهة، وتحقيق رؤية كويت 2035 من جهة أخرى.
وبين المضيان أن تعديل الكثافة السكانية سيؤدي إلى خلو كبير سيلحق بالوحدات السكنية بنسبة قد تصل إلى 16.5 في المئة. من وجهة نظر المضيان فإن تصحيح الوضع الحالي سيكون من خلال ترحيل العمالة السائبة والمخالفة، بالإضافة إلى التوجه نحو تكويت بعض الوظائف، وإيقاف استقدام العمالة الوافدة وفق خطة زمنية واضحة إلى حين تحقيق الأهداف المرجوة التي تتعلق بالكثافة السكانية. وعند سؤال المضيان عن مستقبل مواد البناء قال: «ينقسم قطاع المقاولات إلى شقين: مواد البناء وقطاع الإنشاء والبناء. وأعتقد أن قطاع الإنشاء والبناء سينال نصيب الأسد من التأثر نتيجة شح العمال والمتخصصين والفنيين العاملين لدى شركات المقاولات، وبالتالي فإن أسعار أجرة الأيدي العاملة ستشهد ارتفاعاً ملحوظاً، الأمر الذي سيزيد من كلفة البناء. وفي ما يتعلق بمواد البناء، فإنها ستشهد تأثيراً طفيفاً نتيجة ركود قطاع المقاولات وسيظل الوضع مرهوناً بمدى نشاط مشاريع الدولة والعقار مستقبلاً».
.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة