فى منزل قرآنى لو نطقت جدرانه لنطقت بالقرآن الكريم من كثرة قراء كتاب الله فيه وعذوبة أصواتهم، وفى يناير 1920 كان هذا المنزل القرآنى على موعد لميلاد صوت جديد من الأصوات الملائكية إنه الشيخ محمد صديق المنشاوى.
الشيخ محمد صديق المنشاوى
فى مركز المنشأة بمحافظة سوهاج، ولد الشيخ محمد صديق المنشاوى لأب وجد من مشاهير قراء القرآن الكريم فى مصر فى ذلك الوقت، فكان لزاما أن يحفر ذلك الطفل الصغير اسمه مبكرا فى عالم دولة التلاوة إلى وقتنا هذا.
التحق الطفل الصغير بكتاب القرية وأظهر مبكرا ولعه بالقرآن الكريم وظهرت أيضا عذوبة صوته التى ورثها عن والده وجده، فأتم حفظ القرآن الكريم فى سن مبكرة، وبدأ يقرأ القرآن ويجذب المحيطين به بصوته العذب حتى سافر إلى محافظة القاهرة مع أحد أعمامه.
الشيخ محمد صديق المنشاوى
فى القاهرة تلقى المنشاوى علوم القرآن الكريم والقراءات، وظل يقرأ فى السهرات القرآنية حتى ذاع صيته، وحجز مقعدا رئيسيا بين عمالقة دولة التلاوة المصرية، حتى قال عنه الشيخ محمد متولى الشعراوى: "من أراد أن يستمع إلى خشوع القرآن فليستمع لصوت المنشاوي، إنه ورفاقه الأربعة مصطفى إسماعيل، وعبد الباسط، والبنَّا، والحصرى، يركبون مركباً، ويُبحرون فى بحار القرآن الكريم، ولنْ تتوقف هذه المركب عن الإبحار حتى يرث الله الأرض ومن عليها".
المنشاوى مع أبنائه
وقال عنه الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب: "فى تقديري، إنه يمكن التعليق على أى قارئ من القراء إلا المنشاوى الذى يمثل حالة استثنائية يحار أمامها الذائق الفاهم، من يتأمل مخارج الحروف عنده يصعب أن يجد لها وصفًا، وذلك لما منحه الله من حنجرة رخيمة ونبرة شجية تلين لها القلوب والجلود معا".
على غير العادة أرسلت الإذاعة طلبا إلى الشيخ محمد صديق المنشاوى، ليتقدم إليها ليتم اعتماده ولكنه رفض وقال لا أحتاج لذلك، ومع زيادة شهرته وصيته بين الناس انتقلت الإذاعة بمعداتها ومهندسيها إلى حيث يتلو فى سهرة قرآنية بصعيد مصر، وسجلت له تلاوة وأرسلت إليه بعد ذلك ليتم اعتماده، حتى تم اعتماده عام 1953، ويبدأ رحلة تسجيل القرآن الكريم للإذاعة.
الشيخ المنشاوى وعبد الباسط عبد الصمد
سافر الشيخ محمد صديق المنشاوى إلى العديد من البلدان، بدعوات من رؤساء دول وكان يحمل فى الخمسينيات لقب "مقرئ الجمهورية العربية المتحدة"، وتلى القرآن الكريم فى المسجد الأقصى ومساجد الكويت وسوريا وليبيا وباكستان وغيرها وحصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من دولة سوريا، وغيرها من الأوسمة والهدايا التى منحها له ملوك وزعماء الدول.
الشيخ المنشاوى فى إحدى السهرات
سجل الشيخ محمد صديق المنشاوى القرآن الكريم كاملاً مجوّدا، كما أنه له قراءات برواية الدورى عن أبى عمرو، فضلا عن مئات القراءات فى الحفلات والمناسبات المختلفة.
الشيخ المنشاوى وأسرته
تزوج الشيخ محمد صديق المنشاوى مرتين، حيث أنجب من الأولى أربعة أولاد وبنتين، ومن الثانية 5 أولاد و4 بنات، وتوفيت زوجته الأولى قبل وفاته بعام، وفى عام 1966، أصيب الشيخ المنشاوى بمرض فى المريء نصحه فيه الأطباء بعدم إجهاد حنجرته، إلا أنه أبى إلا أن يكمل رحلته فى تلاوة القرآن الكريم، وظل يتلو القرآن الكريم حتى وفاته فى مثل هذا اليوم 20 يونيو عام 1969.
قبر الشيخ محمد صديق المنشاوى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة