قصص لا يعرف عنها الكثيرون وراء كل طبيب ممن يتصدون لمواجهة فيروس كورونا في مستشفيات مصر، يضربون لنا بها مثلا في التضحية وأداء الواجب على الوجه الأكمل، كما يحدث مع طبيب قطع أجازته التي حصل عليها لدراسة الدكتوراه، وعاد للعمل بمستشفي بلدته مشتول السوق بمحافظة الشرقية، "اليوم السابع" رصد قصة الطبيب الشاب وحيد جودة عبد البر، ابن مركز مشتول السوق بمحافظة الشرقية الذي لم يتأخر على قدم وساق لإنقاذ حياة الحد الأقصى من المصابين.
" قطعت إجازتي التي حصلت عليها للتفرغ للدكتوراه للإنضمام لصفوف الجيش الأبيض بمسقط رأسى مشتول السوق، بهذه الكلمات أوضح الطبيب وحيد جودة عبد البر أخصائي أمراض الصدر بمستشفى مشتول السوق بمحافظة الشرقية ، قصة عودته للعمل بمستشفى مشتول، قائلا: حصلت على أجازة لمدة عامين للتفرع للدكتوراه والأبحاث ومر منها عام ونصف وهي أجازة وفقا للقانون سارية، لكن القسم الذى أبررته أوجب على النزول إلى الميدان، كنت منتدب منذ 5 سنوات للعمل ضمن قوة صدر العباسية، وقررت العودة للعمل في مستشفي مشتول السوق، مسقط رأسي بجوار أهالي بلدتي.
وعن دوره في مستشفى العزل في مشتول السوق، قال: كان تشخيص الحالات التي تأتي للمستشفى واستقبلت أول حالة مصابة بفيروس كورونا بالمركز فى بداية انتشار الفيروس بالشرقية، وكانت لمواطن يعمل في إحدى شركات العاشر من رمضان، وبعدها بيوم شخصت 6 حالات مخالطة له من قري نبيت والمنير ومدينة مشتول السوق، لكن طبيعة العمل بدأت عندما قررت وزيرة الصحة تحويل المستشفيات العامة إلى عزل، هنا تضاعف دوري إلي التواجد بلجنة الفرز ومستشفى العزل أيضا لعدم وجود استشاريين صدر بالمستشفى سوى أنا وطبيب آخر نتقاسم سويا أوقات العمل ليلا ونهارا، وعزلت نفسى بعيدا عن أسرته منذ بداية العزل.
لم يجد الطبيب الشاب إبن الأربعة وثلاثين عاما نفسه في حيرة كبيرة في اليوم الأول لاستقبال الحالات في العزل والتعامل معها، حيث فترة الإجازة التي حصل عليها لدراسة الدكتوراه أثقلته بحضور العديد من المؤتمرات العلمية وكان متابع لما يحدث في الصين والإصابات، فكان لديه من الخبرة للتعامل مع الحالات في حدود الإمكانيات البسيطة والمستلزمات الطبية المحدودة أثناء تحويل مستشفى مشتول لعزل بشكل مفاجئ.
وتابع : بدأنا بأربعة حالات ثم وصلنا إلي 45 سرير عزل" ، هكذا سرد الطبيب رحلته داخل مستشفى العزل بمشتول السوق قائلا: بدأنا بأربعة سرائر ومع تزايد الحالات وتوفير المستلزمات الطبية من قبل المجتمع المدني ووكيل وزارة الصحة بالشرقية وصلنا إلى 45 سرير، تعافي منهم 38 حالة ،و 28 حالة فى تحسن كبير عن لحظة دخولهم، و10 حالات تماثلت للشفاء تماما وغادرت المستشفى.
يقتطع الطيب ساعات من الصباح، للتواجد في عيادة الفرز بالمستشفى مع اتباعه كافة الإجراءات الإحترازية، التي من ضمنها فرز وتشخيص الحالات المصابة بكورونا أو المشتبه في إصابتها لتحديد طرق العلاج سواء العزل منزليا، واتباع الأدوية أو التنسيق لها لدخول العزل، ويستقبل يوميا ما بين 40 إلي 70 حالة يتم الكشف عليها وتشخيصها، إلي جانب تلقيه أكثر من 200 رسالة على هاتفه الشخصي متابعة مع المرضى من المنازل، ولم يغلق هاتفه يوميا في وجه مريض.
ووفقا للطبيب الشاب ومعايشته للحالات، أكد أن الحالات التي تعزل منزليا وتتبع الإجراءات الاحترازية، وتتلقى العلاج تتماثل للشفاء بنسبة 70% عن المعزولة بالمستشفيات، وأرجع ذلك إلي العامل النفسي ووجود المريض بين أسرته يرفع من حالته المعنوية عن تواجده بمفرده في العزل.
الطبيب الشاب لم يعاني يوميا من الإرهاق والإجهاد في العمل، لكونه لم يجبر على ذلك بطل بادر من نفسه ليكون في الصفوف الأولى للكوادر الطبية بعزل مشتول، لكن ما جعله يعاني مما عايشه من قصص مؤلمة داخل العزل تشعره بانعدام الرحمة في قلوب البعض من المواطنين مع مرضاهم فى الوقت الذي يكونون في أشد الحاجة إليهم.
وروي الطبيب قصة مواطن يعمل سائق وذهب للمستشفى للاطمئنان على نفسه بعد إجراء فحوصات وتحاليل وأشعة لعرضها على الطبيب في لجنة الفرز، وبمجرد سؤاله عن الأعراض التى يعاني منها أجاب أن الشك يقتله لركوب سيدة كبيرة معه السيارة الأجرة التي يعمل عليها وعرف منها إنها مصابة كورونا وفي طريقها لعمل تحاليل بالرغم من كونها ترتدي الكمامة لكنه أصر على نزولها في الطريق، هنا وجد الطبيب نفسه أمام قهر وظلم من المجتمع لمصابي كورونا وتألم في نفسه ولم يبدها للسائق.
"مش عايز أموت زيها" ، مشهد ثاني هذه المرة من داخل مستشفى العزل بمشتول، يرويه الطبيب الشاب، عندما توفيت سيدة بفيروس كورونا، وعند الاتصال بزوجها لاستلام الجثة للدفن، رفض الحضور وقال "إدفنوها أنتم وباي تكاليف هدفعها، مش عايز أموت زيها"، كما رفض أشقائها الحضور خوفا من العدوى.
وفى ظل انعدام الرحمة فى قلب السائق، الذى أنزل سيدة مريضة فى الطريق من سيارته، وندالة الزوج الذى رفض استلام جثة زوجته لدفنها، تجد أبناء بارين بأمهم، حيث روى الطبيب مشهد ثالث، عندما حضرت للجنة الفرز فى المستشفى سيدة مصابة بفيروس كورونا وكانت حالتها سيئة في البداية، ورفض أبنائها عزلها بالمستشفى وصمموا على علاجها بالمنزل ورعايتها وعدم تركها لحظة مع إتباع الإجراءات الاحترازية والمتابعة معانا هاتفيا، لدرجة أن أحد أبنائها أصيب بالفيروس وبفضل دعوات أمه والحالة المعنوية التى وجدتها السيدة من معاملة أبنائها تعافت من الفيروس وتعافى نجلها المصاب.
كانت وزارة الصحة، قد خصصت 25 مستشفي عام و مركزي بمحافظة الشرقية، لاستقبال جميع الحالات المشتبه إصابتها بفيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" وهي "مستشفى الزقازيق العام، مستشفى الأحرار،مستشفى المبرة ـ الهيئة العامة للتأمين الصحي، مستشفى صدر الزقازيق، مستشفى حميات الزقازيق، مستشفى حميات فاقوس، بمستشفى بلبيس العام، مستشفى فاقوس العام، مستشفى القنايات المركزي، مستشفى ههيا المركزي، مستشفى ابو كبير المركزي، مستشفى منيا القمح المركزي، مستشفى ديرب نجم المركزى، مستشفى ابوحماد المركزي،مستشفى كفر صقر المركزي، مستشفى الصالحية المركزي، مستشفى مشتول السوق المركزي، مستشفى القرين المركزي، مستشفى الحسينية المركزي مستشفى السعديين المركزي، بمستشفى الزوامل المركزي، مستشفى تل راك المركزي، ومستشفى الصوفية المركزي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة