تناول كتاب صحف الخليج في مقالاتهم وأطروحاتهم اليوم الجمعة عدد كبير من القضايا العربية والعالمية، ولعل من أهم القضايا التى ناقشوها الصعيد العراقى، فقد يكون مصطفى الكاظمي أول سياسي عراقي شيعي من خارج الأحزاب الشيعية الأصولية، بعدما تعاقب على الرئاسة الحكومية 3 من قيادات حزب الدعوة - وهو نسخة جماعة الإخوان الشيعية.
الكاظمي... هل يفعل ما لم يفعله الأوائل؟
مشاري الذايدي
ففي صحيفة الشرق الأوسط تساءل الكاتب مشاري الذايدي عن الشأن العراقى، قائلا بعد مخاض عسير وافق البرلمان العراقي على التشكيلة الحكومية للسيد مصطفى الكاظمي، الآتي من منصبه الأمني الدولي الرفيع على قيادة المخابرات العراقية، بعدما أحدث ترشيحه انقساماً بين الكتل الشيعية المهيمنة منذ الغزو الأميركي للعراق على الحكم عام 2003 وكل ذلك معلوم.
قد يكون الكاظمي أول سياسي عراقي شيعي من خارج الأحزاب الشيعية الأصولية، بعدما تعاقب على الرئاسة الحكومية 3 من قيادات حزب الدعوة - وهو نسخة جماعة الإخوان الشيعية - ثم عادل عبد المهدي الذي يقولون إنه مستقل، وهو منهم، ثم الآن الكاظمي، الذي وإن كان صاحب تجربة سياسية معارضة لصدام بنكهة إسلامية، لكنه منذ زمن - وهو كما يوصف - رجل وطني عراقي مستقل وحريص على استقلال العراق وله علاقات جيدة مع الأميركان ولا بأس بها مع إيران.
كل من يحب الخير للعراق يتمنى نجاح العهد الكاظمي من أجل عراق مستقر مستقل مطمئن، وليس عراقاً تابعاً لإيران، يصنع المشكلات لنفسه ولجيرانه.
من أجل ذلك نجد القوى العربية الصادقة تبارك هذه الصفحة العراقية الجديدة، وفي مقدمة العرب السعودية، وقد بعث الملك سلمان بن عبد العزيز لرئيس الحكومة العراقية الجديد مصطفى الكاظمي بهذه الرسالة: «يسرنا أن نبعث لدولتكم باسم شعب وحكومة المملكة العربية السعودية وباسمنا أجمل التهاني، وأطيب التمنيات بالتوفيق والسداد، داعين المولى عز وجل أن يوفقكم لما فيه خير العراق وشعبه الشقيق»، نقلاً عن وكالة الأنباء السعودية. وفي السياق نفسه، أرسل ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رسالة للكاظمي تضمنت: «أطيب التمنيات للعراق وشعبه الشقيق بالمزيد من النماء والاستقرار».
كل عاقل يتمنى للكاظمي النجاح، كما رغبناه من قبل للعبادي بل حتى لنوري المالكي، وهذه المساحة خاصة سجلت هذه الأمنيات، وعلى سبيل المثال في تاريخ 3 مايو (أيار) 2017 كتبت هنا مذكّراً السيد حيدر العبادي بنصائح علامة العراق، بل العرب، الأب أنستاس ماري الكرملي، أو بطرس عواد كما هو اسمه الأصلي، توفي 1947 عن 80 عاماً، له كتاب كان مقرراً على التلاميذ في العراق، اسمه «خلاصة تاريخ العراق»، مما جاء فيه، عن كارثة الغزو المغولي للعراق، قوله في نص مهيب: «وأنت تعلم أن البلاد التي لا يتسنى لها الراحة لا يتسنى لها المعاملة والمتاجرة، ولا المبايعة ولا المقايضة ولا الزراعة ولا الصناعة، فتغدو فقيرة بحكم الحال. وإذا افتقرت البلاد قام أهلها بغزو بعضهم بعضاً ليعيشوا، فيأخذ القوي ما يجده عند الضعيف، وعلى هذه الصورة تنحطّ البلاد ويذلّ سكانها ويقلون إن لم ينقرضوا، وما ذلك إلا آفة الجهل، وما آفة الجهل إلا الأقوام المنحطة التي لا تريد الرقي كما لا تريد أن تدين لسيّد عاقل حكيم، كما تظهر هذه الحقيقة لأدنى تأمل». (ص174 - 175).
لعل هذه النصيحة من الحسن مطالعتها من جديد.
ما بعد الجائحة
على ابو الريش
بينما ناقش علي أبو الريش، فكرة العالم بعد فيروس كورونا، قائلا أنا على ثقة من أنه بعد الجائحة، سوف تسيح مياه جديدة على صعيد الحياة الاجتماعية كما أنه سيتم تحول كبير على صعيد العلاقات الدولية، وسوف يشهد العالم رؤية جديدة في مجال الفكر بشكل عام.
اليوم ونحن في حومة الوغى، ومخالب الوباء تنغرس في اللحم البشري، نشهد معارك ضارية تدور رحاها في البيوت، وقد تغيرت سحنة الوجوه النسائية من حمراء، وصفراء، وملونات مختلفة إلى اللون الرمادي الرطب، والبشرة ذات الصبيب من العرق، جرّاء ما يحدث من تجارب فنية في المطابخ، بغية الفوز بلقمة نظيفة من أيد ندية، صافية، لا تشوبها شائبة جلد معروق، وشائه، يقدم لك الطعام عن بؤس خاطر.
اليوم نجد القدرات الفائقة، لذوات القلوب الرقيقة، تفوق الخيال، وتدحض كل تصوراتنا السابقة، والتي كانت مبنية على مجرد خيال لا أكثر، حيث كنا نعتقد أن نساء اليوم لسن قادرات على تحمل المسؤولية، ولكن الملمة الكبرى، شحذت جل القوى الكامنة، ورجحت أن المرأة عندما تريد أن تثبت ذاتها تستطيع أن تصنع المستحيل، وأن ما مر من زمن سالف لم يكن إلا صدفة الظرف، والذي حيّد تلك الإمكانيات الهائلة، حتى بدت النساء في ذلك الظرف مجرد عرف أخلاقي معلق على مشجب مشاعرنا الهشة.
اليوم كل شيء تغير، حتى أصباغ الأظافر، وألوان قوس قزح التي كانت تغطي الشفاه، كل ذلك أصبح من الأمور الهامشية، والتافهة، وما أصبح أهم، هو أن تقبع المرأة الحديثة في قلب مطبخ الحياة، وترتب مشاعر الأبناء، ومعهم الزوج، ضمن باقة من الأطعمة، المنسوجة بأناملها الرقيقة، والمسبوكة، بأنفاسها الدافئة، ولا على أهل البيت سوى اختيار كل ما لذ وطاب.
هذه المحسنات البديعية لم تأت من فراغ، وإنما الظرف القاسي، الذي عايشته المرأة جعلها تحفر في الذاكرة، لتجلي عنها الصدأ، وتستخرج من الأعماق الناصعة، الدر النفيس.
الجائحة مريرة، وقد تسببت بإزهاق أرواح بريئة، ولكن رب ضارة نافعة، وها هي المرأة في بلادنا، تسفر عن إرادة، وتستعيد للذاكرة، شموخ النساء اللواتي عاصرن ظروفاً أشد فتكاً من ظرفنا الحالي، ها هي المرأة في بلادنا، تشمر عن ساعدين لدنين، وتحلق في سماء الزمن، حمامة حلم زاهٍ بأجنحة العزيمة الصلبة، وتؤكد أنها لها، وأنها لن تتخلى عن دورها الأسري، في وقت يتطلب منها أن تتبوأ دورها بأنفة وشموخ، ونحن نقول: إن هذه المرأة، الأم، والزوجة، جديرة بهذا الموقف، وقادرة بكل قوة، أن تقهر الظرف العصيب، بقلب ملؤه الحب للحياة، وروح تفيض بأشواق الانتماء إلى تاريخ رصّعته المرأة في بلادنا، بقلائد الإنجازات العظيمة.
جبر الخواطر!
مساعد العصيمي
أما مساعد العصيمي طرح في مقاله اليوم الجمعة أو درس تعلمه عن جبر الخواطر، قائلا :"كنّا مجموعة فتية صغار نلعب بحماس كبير مقابل منازلنا، نعيش أوج الفرح والإثارة البريئة.. في أحد الأيام استدعتني والدتي - رحمها الله - تركت اللعب ودلفت إلى المنزل لتقول لي جملة غريبة عنّي وحقيقة لم أسمعها من قبل: "ليش ما تجبرون بخاطر سعيد وتسمحون له يلعب معكم".. رددت بسرعة بأنه لا يستطيع أن يركض لعيب في رجله.. ردّت: "كل يوم يشاهدكم وهو ملتصق بالحائط يحتاج لعونكم لدعمكم، وثق يا ولدي إن اللي يجبر بخاطر إنسان يجبر الله بخاطره".
كان ذلك أول درس لي في تلك الفضيلة التي لم أعي أبعادها وقيمتها العالية، وبعدها بسنوات أصبحت أسمع كثيرًا عن جبر الخواطر، ولا أتحسس معناها ولا حتى أثرها على الغير، قد أفعلها أو أشاهد غيري.. لكن وكأنها من المسلّمات التي لا أعرف أثرها.. وإن كان سعيد قد فرح فرحًا عظيما حين أشركناه معنا بما يستطيع بين حراسة المرمى والتحكيم.. وتسرب فرحه إلى أجسادنا بالاهتمام أكثر به.
أسترجع هذا الموقف ونحن الآن في موقف لم نعتده من قبل في ظل جائحة كورونا.. وما تحتاجه من تأصيل لفضيلة جبر الخواطر لما لها من عظيم الأثر على نفوس الناس، ففي زمن الكورونا ابتلينا بمن يمارسون التهويل وزيادة التوتر، مقابل أفاضل انبروا للتفريج عن الناس بكلام مفيد معين لهم.. وحينما تقرر الحاجة السلامة من الوباء التباعد الاجتماعي.. فذلك لا يعني التباعد النفسي؛ لأن في الأزمات الكلمة الطيبة والابتسامة صدقة، وجبر الخواطر مهم جدًا؛ لأنه يدل على رقي في النفس، ورجاحة عقل.
هناك من يعانون منها من غير أن يصيبهم الوباء، فخففوا الحزن والتوتر عن البائسين، الذين أثرت الجائحة في مداخيلهم وهم بعيدون عن أوطانهم وأهاليهم وطمأنوهم بأن فرجًا قادمًا، وأسعدوهم بكلمات أن ربهم رحيم، وأن حالهم ستزدهر من جديد.. هذه الفترة تحتاج إلى التعامل بلين ورفق.. وأيضًا مد يد المساعد بأي شكل من أشكالها.. ولنا أن نتخيل أن الابتسامة في وجوه الآخرين هي نوع من جبر الخواطر، ناهيك عن استحسان العمل والتشجيع.
في هذه المحنة الأساس أن نبث الخير والتفاؤل وكل ما يعزز جلاء الأحزان والتوتر.. ولا أعظم من جبر الخواطر؛ لأن هناك من أعياهم الهم.. وآخرين في حاجة إلى الشعور بالحب، ولذا كان العابد الفقيه سفيان الثوري يقول: "ما رأيت عبادة أعظم من جبر الخواطر"، فاجبروا خواطر من حولكم وحتى من تلاقونهم اطلاعًا أو كتابة على مواقع التواصل أو في المحال والشارع.
المهم في القول إن جبر الخواطر فعل راق عظيم، وثق بأنك أسعد الناس إذا كنت ممن يقوم بهذه الفضيلة.. خاصة أننا نؤمن وبجوارحنا مقولة "من سار بين الناس جابرًا للخواطر، أدركه الله في جوف المخاطر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة