مسألة تشريح جثث الموتى عملية عرفتها البشرية منذ القدم، فقد عرفه المصريون القدماء عندما كانوا يشرحون جثث موتاهم لإجراء عملية التحنيط من خلال إزالة الأمعاء من الجسد، وبذلك استطاعت المومياوات المصرية في البقاء لآلاف السنين كما هو متعرف عليه، واثبت التاريخ أيضاَ أن اليونانيين قاموا - وخاصة أبقراط وجالينوس - بتشريح جثث الموتى من البشر؛ كما قارنوا ذلك بمعلوماتهم عن الحيوانات.
.jpg "images (1)")
والحقيقة أن الغرب يدعى أن المسلمين لم يَعرفوا مسألة التشريح، ولم يُمارسوه من الأساس بسبب ما يفرضه الإسلام من احترام الجثث؛ كما ورد في الحديث الصحيح: "كَسْر عظام الميت ككسره حيًّا"، ولا شك أن الإسلام قد احترم الإنسان حيًّا وميتًا، وجعل له كرامة ينبغي المُحَافظة عليها في جميع الأحوال؛ قال تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً".
ضوابط تشريح الجثث والتحقيق فى مكان الوفاة
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على عملية تشريح الجثث من الناحية العلمية والقانونية للوصول إلى هوية الجناة أو للوصول إلى السبب الحقيقى وراء حالة الوفاة، وهل هناك شبهة جنائية حولها أم أن الوفاة طبيعية؟، والأدلة التي يجب الاحتفاظ وما الذي يجب إجراءه عقب تشريح الجثة وفقا لعلوم الطب الشرعي، وكيفية كتابة تقرير تشريح الجثة المعروف قانوناَ بالمضبطة - الدكتور محمد جاب الله، استشاري الطب الشرعي وعضو الجمعية اليابانية للعلوم الطبية الشرعية.
تشريح الجثة
فى البداية – عملية تشريح الجثة تجري من خلال قطوع مستعرضة مسافة كل نصف سنتيمتر ويلاحظ أي شذوذ، وبعد الانتهاء من تشريح الجثة تدون أسماء العينات التي حفظت، وتلصق بطاقات علي جميع العينات باسم المتوفى والرقم المحدد لعملية التشريح وتاريخ أخذ العينات وساعة أخذها، واسم المشرح، والمحتويات، وتحفظ جميع الأدلة بعناية وتدون سلسلة الجهات التي تسلمت هذه الأدلة مع استمارات التسليم المناسبة – وفقا لـ "جاب الله".
خطوتين لاختبارات السمية
أولاَ-تجري اختبارات السمية اللازمة ويحتفظ بأجزاء من العينات المختبرة لتتسنى إعادة اختبارها.
أ-الأنسجة: ينبغي الاحتفاظ روتينيا بمقدار 150 غراما من الكبد والكلية، ويمكن الاحتفاظ بالمخ والشعر والنسيج الشجمي لإجراء المزيد من الدراسات إذا اشتبه بانطواء الحالة علي مخدرات أو سموم أو مواد سامة أخري.
ب-السوائل: ينبغي الاحتفاظ روتينيا بكمية 50 سم3 - إذا أمكن - من الدم "يفصل المصل بالطرد المركزي ويحفظ في جميع الأنابيب أو بعضها"، وبكل الموجود في البول والسائل الزجاجي ومحتويات المعدة، وينبغي الاحتفاظ بالصفراء والمحتويات الرجوية للقناة المعدية المعوية والسائل المخي الشوكي، عند الاشتباه بانطواء الحالة علي مخدرات أو سموم أو مواد سامة أخري، وينبغي الاحتفاظ بسائل من الفم ومن المهبل ومن المستقيم عند الاشتباه باعتداء جنسي.
ثانياَ-تجري معالجة نسيجية لعينات من جميع الأعضاء الرئيسية، ومن ضمنها باحات النسيج العادي وغير العادي، إن وجد، وتلون بالهيماثوكسيلين واليوزين - وغيرهما من مواد التلوين حسب الاقتضاء - ويحتفظ بالشرائح والنسيج المخضل وكتل البارافين إلي أجل غير مسمي.
ثالثاَ-تشمل الأدلة التي يجب الاحتفاظ بها ما يلي:
1-جميع الأجسام الغريبة ومن ضمنها القذائف، وشظايا القذائف، والحبيبات، والساكين، والألياف، وينبغي إجراء تحليل خاص بحركة الدفع الذاتي للقذائف.
2-جميع ملابس المتوفى وممتلكاته الشخصية، التي كانت علي جسده أو بحوزته عند وفاته.
3-الأظافر وسحاجات ما تحت الأظافر.
4-الشعر الغريب وشعر العانة عند الاشتباه باعتداء جنسي.
5ـ- شعر الرأس، إذا كان مكان الوفاة أو موضع الجثة قبل العثور عليها محل خلاف.
6- ينبغي بعد الانتهاء، من تشريح الجثة أن تعاد إليها جميع الأعضاء التي لم يحتفظ بها، وأن تحنط جيدا لتيسير تشريحها مرة أخري إذا اقتضى الأمر في وقت ما مستقبلا.
7-وينبغي أن يتناول تقرير التشريح المكتوب النقاط التي ترد في هذه المضبطة مطبوعة بالحرف الأسود الثخين، وينبغي أن ينتهي التقرير بملخص للنتائج ولسبب الوفاة، وينبغي أن يتضمن هذا الملخص تعليقات المشرح التي تعزو أي إصابات أما إلي رض خارجي أو إلي الجهود العلاجية أو التغيير الطارئ بعد الوفاة أو غيرها من الأسباب، وينبغي تقديم تقرير كامل إلي السلطات المعنية وإلي أسرة المتوفى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة