"حكمت المحكمة حضورياً على كلاً من "ريا" و"سكينة" ابنتى "على همام"، وحسب الله سعيد ومحمد عبد العال وعرابى حسان، وعبد الرازق يوسف بعقوبة الإعدام"، كان ذلك منطوق حكم محكمة الإسكندرية الصادر فى 16 مايو عام 1921 والذى وافق شهر رمضان لعام 1339، فى واحدة من أشهر القضايا الجنائية فى مصر خلال القرن الماضى، وهى قضية السيدتين الأشهر فى عالم الإجرام بمصر خلال القرن العشرين "ريا" و"سكينة".
لم تكن شهرة "ريا" و"سكينة"، اللتان وصفتهما الصحافة فى ذلك الوقت بـ"الشقيقتين المتوحشتين"، مرتبطة فقط بكم الجرائم التى ارتكبوها، حتى بلغ عدد ضحاياهم من النساء لما يقرب من 17 سيدة، ولكن نظراً لكونهما أول سيدتان فى التاريخ المصرى الحديث يصدر ضدهما حكماً بالإعدام، ويتم تنفيذه، وعلى الرغم من أن القانون المصرى لم يكن فيه ما يمنع من معاقبة النساء بالإعدام، إلا أنه قد جرى العرف بين القضاة على عدم إصدار أحكام بإعدامهما، حتى جاءت تلك القضية لتسجل أول حالة إعدام لسيدات فى تاريخ القضاء المصرى الحديث.
كانت الأعصاب مشدودة والعيون مترقبة داخل قاعة المحكمة، الكل يستمع فى صمت لمرافعة علاء عزت رئيس النيابة الذى تولى التحقيق فى القضية أمام محكمة الجنايات، والتى أبدى فيها الجرائم البشعة التى ارتكبها المتهمين، والتى لخص بشاعتها فى 5 أسباب رئيسية، أولها براءة المجنى عليهما وسعيهما وراء كسب العيش، وغدر المتهمين بهن بعد أن أودعن فيهن ثقتهن، وارتفاع عدد ضحايا المتهمين حتى وصل لـ17 سيدة، وعدم وجود دوافع منطقية للمتهمين لارتكاب جرائمهم، وغلظة قلوبهم التى جعلتهم يتخلصون من جثث الضحايا بطريقة بشعة.
فور انتهاء ممثل النيابة العامة من مرافعته أمام المحكمة، قدم ملاحظة توضيحية حول القول بأن القضاء المصرى استقر على عدم الحكم بإعدام النساء، وفقاً لصلاح عيسى فى كتابه "رجال ريا وسكينة"، حيث قال إن قانون العقوبات لا يفرق بين المرأة والرجل، واستدل على ذلك بالنص على تأجيل تنفيذ الحكم بالإعدام على المرأة الحامل، إلى أن تضع حملها، وأن عدم صدور أحكام بالإعدام ضد النساء قبل ذلك كان يعود إلى سببين.
وأوضح "عيسى" فى كتابه الأسباب التى أبداها ممثل النيابة العامة للمحكمة، وهى أن معظم جنايات القتل التى يرتكبها النساء، كانت من النوع الذى تنطوى وقائعه على مبررات للرأفة، كأن تكون المرأة قد قتلت ضرتها، أو دست السم لشخص يؤذيها، وهى حالة غير متوفرة فى قضية "ريا" و"سكينة"، التى تكاد تكاد تخلو من أى مبررات للرأفة، والسبب الثانى، هو أن الإعدام كان ينفذ قبل ذلك علناً فى الميادين العامة، مما كان يدفع القضاة لتوقى الحكم بالإعدام على النساء رأفة بهن، وحرصاً على عدم تنفيذه فيهن علناً، أما وقد أصبح الإعدام ينفذ داخل السجون، فلم يعد هناك مبرر لاستثنائهن من الحكم بالإعدم.
وطلب ممثل النيابة العامة فى نهاية مرافعته بالحكم بإعدام سبعة متهمين وهم كلاً من "ريا" و"سكينة" و"حسب الله سعيد" و"محمد عبد العال" و"عرابى حسان" و"عبد الرازق يوسف" و"سلامة محمد"، وبالأشغال الشاقة المؤبدة على "أمينة بنت منصور" وزوجها "محمد على القادوسى" وبحبس الصائغ "على محمد" مع الشغل لمدة ست سنوات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة