فى دلالة على الآثار الكبرى المترتبة على تأخر المسئولين الأمريكيين فى اتخاذ الإجراءات لمواجهة جائحة كورونا، قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن عشرات الآلاف من الأرواح كان يمكن إنقاذها فى الولايات المتحدة لو تم فرض إجراءات التباعد الاجتماعى قبل أسبوع من موعد تطبيقها الفعلى فى مارس الماضى.
وأوضحت الصحيفة، أنه وفقا لتقديرات جديدة من نماذج المرض بجامعة كولومبيا، لقل عدد الموتى من الوباء حوالى 36 ألفا. ولو بدأت الولايات المتحدة فى إغلاق المدن وتقييد الاتصال الاجتماعى فى الأول من مارس، قبل أسبوعين من الموعد الذى بدأ الناس فيه يمكثون فى منازلهم بالفعل، فكان من الممكن جنب أغلبية كبيرة من وفيات الفيروس، حوالى 83%، وفقا للباحثين.
ورأت الصحيفة، أن التكلفة الهائلة للانتظار حتى التحرك واتخاذ الإجراءات تعكس الديناميات التى لا ترحم للتفشى الذى اكتسح المدن الأمريكية فى أوائل مارس. وحتى الفروق البسيطة فى التوقيت كان يمكن أن تمنع أسوأ نمو متسارع، والذى ضم بحلول إبريل مدينة نيويورك ونيورأورلينز ومدن أمريكية كبرى، بحسب ما قال الباحثون.
وقال جيفيرى شامان، عالم الأوبئة فى كولومبيا وقائد الفريق البحثى، إن الفارق كبير للغاية، فهذه اللحظة الصغيرة فى الوقت، والوصول لها فى هذه المرحلة من النمو، حاسمة بشكل مذهل فى الحد من أعداد الوفيات.
وتستند النتائج على نماذج الأمراض المعدية التى تقيس كيف أبطأ التواصل بين الناس بدءا من منتصف مارس إبطاء انتقال الفيروس.
نموذج جامعة كولومبيا
وكان الرئيس الأمريكى قد حث مواطنى بلاده فى 16 مارس الماضى على تقييد السفر وتجنب التجمعات والبقاء فى المنزل وعدم الذهاب للمدرسة. بينما أغلق عمدة نيويورك مدارس المدينة فى 15 مارس، وأصدر حاكم ولاية نيويورك أندرو كوموا أمر البقاء فى المنزل الذى بدأ سريانه فى 22 مارس.
لكن فى مدن مثل نيويورك، التى وصلها الفيروس مبكرا وانتشر فيها سريعا، كانت هذه الإجراءات متأخرة للغاية لتجنب الكارثة. ودرس فريق جامعة كولومبيا ما كان يمكن أن يحدث لو تم اتخاذ هذه الإجراءات مبكرا أسبوعا أو أسبوعين، وقدروا انتشار الإصابات والوفيات حتى الثالث من مايو.
وأظهرت النتائج، أنه مع إعادة فتح كل الولايات الأمريكية، فإن التفشى يمكن أن يخرج بسهولة عن السيطرة لو لم يراقب المسئولون عن كثب الإصابات وأوقفوا على الفور نوبات التفشى الجديدة. كما أظهرت أيضا أن كل يوم انتظره المسئولون لفرض القيود فى أوائل مارس كان بثمن باهظ.
يأتى هذا فى الوقت الذى لا يزال فيه الاقتصاد الأمريكى يواصل النزيف بسبب وباء كورونا، حيث من المتوقع أن تصل أرقام المتقدمين للحصول على إعانات بطالة الأسبوع الماضى إلى 2.5 مليون، وفقا لإجماع محللين استطلعت آرائهم وكالة بلومبرج الأمريكية، وهو ما يعنى أن الطلبات الجديدة تخف حدتها لكنها لا تتراجع، ويجعل إجمالى طلبات الحصول على إعانة البطالة فى الأسابيع التسع الأخيرة 39 مليون.
كما ذكر استطلاع أجراه مكتب الإحصاء، أن 47% من البالغين قالوا إنهم أو أحد من أفراد أسرهم قد خسروا دخل عملهم فى منتصف مارس، وتوقع 40% أن الخسارة ستستمر على مدار الأسابيع الأربعة المقبلة.
وهناك قلق متزايد من أن العديد من الوظائف لن تعود، حتى لهؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم مسرحين من أعمالهم مؤقتا. ويقدر خبير الاقتصاد بجامعة ستانفورد نيكولاس بلوم، أن 42% من التسريحات الأخيرة ستسفر عن خسائر مستمرة فى سوق العمل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة