على ما يبدو أن حالة الرعب من تفشى فيروس كورونا المستجد – كوفيد 19 – بدأت تنتقل من خوف البشر من بعضهم البعض إلى الخوف من اقتناء الحيوانات وتربيتها حيث انتشرت خلال الفترة الماضية وقائع قتل الحيوانات المستأنسة مثل الكلاب والقطط والتخلص منها بزعم أنها تنقل العدوى، وهو الأمر الذي أفادت به تقارير أشارت إلى أن القطط، يمكن أن تصاب بفيروس كورونا المستجد.
هذه التقارير المشكوك في صحتها دفعت منظمة الصحة العالمية إلى نفى - الأسطورة الخبيثة حول نقل الكلاب والقطط فيروس كورونا للبشر- وقالت إنه حتى الآن لا يوجد دليل على أن الحيوانات مثل الكلاب أو القطط يمكن أن تصاب بالفيروس المستجد، ولم تسجل حالات بشرية أصيبت نتيجة عدوى من حيوان أليف، وذلك بعد أن ألقت نظرة أكثر تفحصا من خلال الدراسات المعملية على انتقال الفيروس من البشر إلى الحيوانات الأليفة.
رأى الدين فى تعذيب القطط والحيوانات
وبعيدا عن المسألة الطبية والعلمية لنقل الحيوانات الأليفة والمستأنسة للفيروس، فلماذا حينما انتشرت هذه الشائعات كان السبيل الوحيد هو التخلص من تلك الحيوانات بالقتل تارة وبالتعذيب تارة أخرى؟ لماذا لا تترك دون أن يتعرض لها أحد أو أن يتم تسليمها للجهات المعنية؟ فقد حرم الشرع الحنيف بشكل صريح مسألة التعدى على الحيوان عن طريق التأصيل الدينى لذلك الأمر ممثلاَ فى تحريم حبس الحيوان وتجويعه، وفى ذلك يقول الرسول:
"عذبت امرأة فى هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هى أطعمتها وسقتها إذ حبستها ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض"، وفى حديث سهل ابن الحنظلية قال مر رسول الله ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: "اتقوا الله فى هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة"، وقال الإمام النووى رحمه الله: قال العلماء، صبر البهائم أن تحبس وهى حية لتقتل بالرمى ونحوه، وهو معنى: لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً أى لا تتخذوا الحيوان الحى غرضاً ترمون إليه، كالغرض من الجلود وغيرها، وهذا النهى للتحريم.
كيف واجه المشرع عملية تعذيب الحيوانات؟
فى التقرير التالى "اليوم السابع" يلقى الضوء على دور المُشرع المصرى فى حماية الحيوانات ومدى التصدى للإهمال فى رعايته والتعدى عليها وقتلها، حيث إن هناك ثلاثة قوانين فى مصر تجرم قتل الحيوانات وبالأخص التى تخدم الغير كالماشية والدواب، وهي قانون العقوبات، وقانون البيئة، وقانون الزراعة، حيث أن مسألة الرفق بالحيوان تعتبر صفة من الصفات العظيمة التي يتسم بها الإنسان، كما تعتبر مظهرا من مظاهر الرحمة والإحسان، والتصرفات الإيجابية، إلا أننا في تلك الأيام لا يمر علينا يوماَ إلا نسمع عن التعدي على حيوان سواء بضربه أو قتله أحياناَ الأمر الذي نشاهده بشكل مستمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي - فيس بوك وتويتر - دون مراعاة لحرمة أو خشية من عقوبة .
العقوبة القانونية
فى البداية يقول الخبير القانونى والمحامى بالنقض محمود البدوى - نصت المادة 45 من الدستور: القائم على أن تلتزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية، ويحظر التعدي عليها، أو تلويثها، أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها، وحق كل مواطن في التمتع بها مكفول، كما تكفل الدولة حماية وتنمية المساحة الخضراء فى الحضر، والحفاظ على الثروة النباتية والحيوانية والسمكية، وحماية المعرض منها للانقراض أو الخطر، والرفق بالحيوان، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون.
قانون العقوبات وحماية الحيوانات
ووفقا لـ"البدوى" فى تصريح لـ "اليوم السابع" - نصت المادة 355 من قانون العقوبات المصري على أن يعاقب بالحبس مع الشغل أولا: كل من قتل عمدا دون مقتضى حيوانا من دواب الركوب أو الجر أو الحمل أو من أي نوع من أنواع المواشي أو أضر به ضررا كبيرا، ثانيا: كل من سم حيوانا من الحيوانات المذكورة بالفقرة السابقة، وكل شروع في الجرائم السابقة يعاقب بالحبس مع الشغل مدة لا تزيد عن سنة أو الغرامة.
كما نصت المادة رقم 356 من ذات القانون أنه إذا ارتكبت الجرائم المنصوص عليها ليلا تكون العقوبة الأشغال الشاقة أو السجن من 3 إلى 7 سنوات، بينما نصت المادة رقم 357 من ذات القانون أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن 6 أشهر أو الغرامة كل من قتل عمدا ودون مقتضى أو سم حيوانا من الحيوانات المستأنسة غير المذكورة في المادة 355 أو أضر به ضررا كبيرا، فيما تم تعديل قانون العقوبات بإضافة المادة 357 والتي جرمت قتل أو الإضرار بالحيوانات المستأنسة التي لم تذكر في المادة السابقة، ونصت على عقوبة الحبس الذى لا يزيد مدته على 6 أشهر أو بغرامة لا تتجاوز 200 جنيه – الكلام لـ"البدوى".
2-قانون البيئة وحماية الحيوان
لم يعط قانون البيئة اهتماما يذكر بالحيوانات سوى ما جاء بالمادة 28 من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1996 والتي نصت على أنه: "يحظر بأي طريقة صيد أو قتل أو أمساك الطيور الحيوانات البرية التي تحدد أنواعها اللائحة التنفيذية لها القانون ويحظر حيازة هذه الطيور والحيوانات أو التجول بها أو بيعها أو عرضها للبيع حية أو ميتة كما يحظر إتلاف أوكار الطيور المذكورة أو إعدام بيضها وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون المناطق التي تنطبق عليها أحكام هذه المادة وبيان شروط الترخيص بالصيد فيها وكذلك الجهات الإدارية المختصة بتنفيذ هذه المادة"، وجاء بالمادة 84 من ذات القانون في باب العقوبات: "يعاقب كل من خالف أحكام المادة 28 من هذا القانون بغرامة لا تقل عن 200 جنية ولا تزيد على 5 ألاف جنية مع مصادرة الطيور والحـيوانات المضبوطة وكذلك الآلات والأدوات التى استخدمت فى المخالف".
3-قانون الزراعة وحماية الحيوانات
يحظر صيد الطيور النافعة للزراعة والحيوانات البرية أو قتلـها أو إمساكها بأى طريقة كمـا يحظر حيازتها أو نقلها أو التجول بها أو بيعها أو عرضها للبيع حيه أو ميتة ويحظر إتلاف أوكار الطيور المذكور أو إعدام بعضها ويصدر وزير الزراعة قرارا بتعيين أنواع الطيور والحيوانات البرية والمناطق التى تنطبق عليها أحكام هذه المادة وبيان شروط التـرخيص بصيدها على سبيل الاستثناء للأغراض العلمـية أو السياحية"، ولم ينص قانون الزراعة على أي حماية للحيوانات سوى ما جاء بالمادة المذكورة والتي تمنع صيد الطيور والحيوانات البرية، بالإضافة إلى بعض المواد التى تنظم عملية ذبح ذكور العجول والبقر للحفاظ على الثروة الحيوانية، وهو ما لا يمت بصلة للرأفة والرفق بالحيوانات وعلى ذلك لا توجد مادة فى هذا القانون تحمى الحيوانات.
عقوبة إهمال الموظف فى رعاية الحيوان
وأما عن عقوبة تجاوز الموظفين حدود وظائفهم وامتناع الموظف عن تأدية عمله تقول الخبير القانون سها حماده عمران – المحاضر بجامعة حلوان - أن تلك الجريمة يُطلق عليها جنحة الإخلال بسير العمل العام فقد نصت المادة رقم 124 عقوبات على أنه: "إذا ترك ثلاثة على الأقل من الموظفين أو المستحدثين العموميين عملهم ولو فى صورة الاستقالة أو امتنعوا عند عن تأدية واجب من واجبات وظيفتهم متفقين على ذلك، مبتغين منه تحقيق غرض مشترك عوقب كل منهم بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن ألفى جنيه".
وبحسب "عمران" فى تصريح خاص - يضاعف الحد الأقصى لهذه العقوبة إذا كان الترك أو الامتناع من شأنه أن يجعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم فى خطر وكان من شأنه أن يحدث اضطرابات أو فتنه من الناس أو إذا أضر بمصلحة عامة"، "وكل موظف أو مستخدم عمومى ترك عمله أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفته بقصد عرقلة سير العمل أو الإخلال بانتظامه يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة أو بغرامة لا تجاوز 5 آلاف جنيه"، وعن قانون العقوبات فإن المشرع خصص المادة 354 من قانون العقوبات، التى تنص على: "كل من كسر أو خرب لغيره شيئا من آلات الزراعة أو زرائب المواشى أو عشش الخفراء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز 200 جنيه".
ويتبين من ذلك – وفقا لـ"عمران" - أن قتل الحيوان أو حتى محاولة قتله دون مقتضى يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس لمده سنة، وذلك لأن القتل لم يحدث لكون الحيوان مسعورا أو مريض ولا يمكن شفاؤه وإنما جاء بدافع الانتقام فقط، إلا أنه يجب تفعيل وتطبيق قانون حماية الحيوانات بشكل سريع وفورى لتجنب الوقائع التى تحدث فى الشوارع والميادين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة