وساطة تركية غامضة، وظهور معلن لمسئولين أتراك أمام الكاميرات.. وخلف الكواليس، أياد قطرية تعبث من وراء الستار فى مشهد اعتادت وسائل الإعلام العالمي تغطية كواليسه بعدما صارت "دبلوماسية الرهائن" أحد أوراق الابتزاز الرائجة لدى كل من قطر وتركيا، فى محاولة لإيجاد موطئ قدم على الساحة الدولية.
الابتزاز التركي ـ القطري ظهر جلياً فى الأيام القليلة الماضية، منذ إعلان عودة الرهينة الإيطالية سيلفيا كونستانزو رومانو، بعد قرابة عامين من اختطافها واحتجازها فى كينيا ومنها إلى الصومال، وهي عملية التحرير التى أعادت إلى الأذهان مشاهد عدة لمؤامرات قطر وتركيا العابرة للحدود، وكيف استخدمت الدولتين الداعمتين للإرهاب والممول الرئيسي له، ورقة الرهائن لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
سيلفيا وعائلتها
ومع عودة الرهينة الإيطالية التى اعتنقت خلال فترة اسرها الإسلام، إلى مسقط رأسها، وفى وقت كان رئيس الوزراء الإيطالى جوزيبي كونتي فى استقبالها، كانت وكالة الأنباء التركية "الأناضول"، تبث خبراً عن دور الاستخبارات التركية فى عملية تحرير "رومانو" من الأسر، الأمر الذى فتح الباب واسعاً لملف التواجد المشبوه لنظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان داخل القارة السمراء عبر رعاية الإرهاب وتمويل الجماعات التكفيرية تارة، وتدشين معسكرات تدريب لجماعات العنف والدمار ليكونوا جاهزين لتنفيذ سيناريوهات تخريبية أخري فى بلدان الشرق الأوسط.
وفى جلسته الأخيرة دعا مجلس الأمن الدولي إلى مزيد من الدعم الدولي للدول الأفريقية في حربها المستمرة ضد الإرهاب والتطرف العنيف، وخاصة في أجزاء من منطقة الساحل الافريقي ومنطقة حوض بحيرة تشاد والقرن الأفريقي، والصومال، فى وقت أشار فيه مراقبون وخبراء أمنيون إلى أن تركيا باتت لاعباً رئيسياً بجوار قطر، فى تمويل الإرهاب وتوفير الملاذات الآمنة لقادة الجماعات الإرهابية المنتشرة على امتداد الخرائط والحدود داخل القارة السمراء.
بوكو حرام
تحرير الرهينة الإيطالية، اعقبه بطبيعة الحال حملة إعلامية ضخمة من الصحف والقنوات التركية الموالية لنظام حزب العدالة والتنمية، فى محاولة لرسم صورة ذائفة عن وساطة وبطولة لا وجود لها على أرض الواقع، وفى محاولة للتعتيم على روابط الدم والدمار التى تجمع أنقرة بجماعات التكفيريين داخل القارة السمراء.
وبحسب وسائل الاعلام التركية أعلنت الأجهزة التركية أنه من خلال التنسيق مع الوحدات ذات الصلة في الصومال تم تحرير الفتاة وتسليمها إلى المسؤولين الإيطاليين في مدينة مقديشو في الصومال" حيث ظهرت محجبة وأفادت أنها خلال فترة الاختطاف اعتنقت الدين الإسلامي".
سيلفيا واطفال افريقيا
وأمام حملة الاشادات فى الإعلام الرسمي داخل تركيا، كان للإيطاليين رأي آخر، حيث علق عدد من الساسة والبرلمانيين الإيطاليين بقولهم إن تلك العملية تحتاج إلى إعادة نظر فى الروابط التى تجمع تركيا والكيانات والتنظيمات الإرهابية، ما يتطلب بطبيعة الحال، إعادة نظر فى العلاقات التى تجمع روما مع أنقرة بكافة المستويات.
وقال عضو بحزب الرابطة المعارض "هل سمعتم يومًا عن يهودي تم تحريره من معسكرات الاعتقال النازية تحول إلى النازية وعاد إلى بيته مرتديًا زي قوات وحدات إس إس" التابعة للجناح العسكري للحزب النازي".
سيلفيا والاطفال الافارقه
تاريخ تركيا فى تمويل الإرهاب لم يكن وليد الأمس، فقبل ما يزيد على عام كامل، نشرت وكالة الأنباء الفرنسية تقارير عن شحنة أسلحة تركية تم إرسالها إلى تنظيم بوكو حرام في نيجيريا، وأكدت "فرانس برس" في تقريرها أن الشحنة تضمنت بنادق آلية أوسلحة ما بين خفيفة ومتوسطة تركية الصنع، إلا أن السلطات النيجيرية تمكنت من ضبطها.
وصول سيلفيا لبلادها
ووفق خبراء سياسيين أفارقة في وقت سابق أن الرئيس التركي يسعى إلى اختراق أفريقيا عبر دعم التنظيمات الإرهابية وأن الهدف من رعاية الإرهاب هو الحصول على عقود وامتيازات للتنقيب عن الغاز والبترول في أفريقيا وذلك من خلال مخطط إيصال الجماعات والتنظيمات الإرهابية الموالية لأنقرة إلى الحكم كضمان لتنفيذ المخطط.
ومن تركيا، إلى قطر.. اتسعت دائرة الاشتباه، حيث سلطت العديد من وسائل الإعلام الإيطالية الضوء على دور قطر المشبوه فى إطلاق سراح عاملة الإغاثة الإيطالية "سيلفيا رومانو".
بوكو حرام فى افريقيا
وخرجت العديد من وسائل الإعلام فى روما بتقارير تؤكد وجود دور قطري مشبوه لرعاية مقربين من نظام تميم بن حمد أمير قطر، جماعات العنف والتكفيريين أيضاً داخل دولاً أفريقية.
وقالت صحيفة "كورييا" الإيطالية فى تقرير لها بعنوان "سيلفيا رومانو ودور الوسيط القطرى"، والذى يلقى الضوء على الدور القطرى فى إطلاق سراح رومانو، إن قطر تساعد الحركات المتطرفة وتدفع لها أموال بشكل غير مباشر لمساعدة هذه الفصائل الخطيرة، وقامت الدوحة بدفع أكثر من مليار دولار على شكل فدية لاطلاق سراح مواطنين.
وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة أدرجت اثنين من الممولين المزعومين من قطر على القائمة السوداء فى أغسطس 2015، وهي طريقة لتحذير دولة ما زالت تستضيف قاعدة عسكرية أمريكية هي قاعدة العديد.
ووصلت سيلفيا إلى مطار شيامبينو في روما وكان في استقبالها رئيس الوزراء جوزيبي كونتي و ووزير الخارجية لوجي دي مايو، كما من المتوقع أن تلتقي مع مسؤولي الادعاء العام في روما في وقت لاحق.
وقالت صحيفة "تى جى 24" الإيطالية إن قطر لديها اتصالات مهمة مع حركة الشباب الصومالية، التى اختطفت عاملة الاغاثة الإيطالية ، حيث تعد قطر من بين الداعمين الرئيسين لحركة الشباب.
وقال عضو بحركة الشباب فى مقابلة أجريت مع ديشبيجل الألمانية فى 2017، أن شيوخ قطر جلبوا 20 مليون دولار للصومال في عام 2016 ذهبت إلى جيوب زعماء حركة الشباب الذين استخدموا الأموال في النفقات الشخصية ومن أجل دفع الأموال إلى الإرهابيين وشراء الأسلحة.
وفي يوليو 2019، كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن تسجيل صوتي لمكالمة هاتفية بين سفير دولة قطر لدى الصومال ورجل أعمال قريب من الأمير القطري، حيث أشار الأخير ويدعى كايد المهندي إلى أن قطر ترعى الهجمات الإرهابية في الصومال من أجل تعزيز مصالحها.
تميم واردوغان
وتعليقا على انفجار سيارة مفخخة في ميناء بوساسو في شمال الصومال، زعم المهندي قائلا: "نحن نعرف من يقف وراء هذا الهجوم، والذي كان يهدف إلى دفع الإماراتيين إلى مغادرة الصومال"، في إشارة إلى المصالح التجارية لدولة الإمارات العربية المتحدة في الصومال تدير شركة إماراتية تسمى P&O Ports ميناء بوساسو.
وأشارت دراسة لمؤسسة راند الأمريكية إلى أن مستشار كبير سابق للرئيس السابق للصومال قال إن الجمعيات الخيرية القطرية - بما في ذلك مؤسسة قطر الخيرية - تعمل مع أشخاص تشتبه الحكومة الصومالية في أنهم مرتبطون بحركة الشباب،مضيفا أن هذه الجمعيات الخيرية تعمل في المناطق التي يسيطر عليها المسلحون أو تشتهر بانتشار الفكر المتطرف.
وكانت دراسة لمؤسسة راند الأمريكية بعنوان "الأخوة في السلاح - توحيد المحور القطري التركي" أشارت أن في عام 2014، ظهرت تقارير صحفية أن قطر دفعت ملايين الدولارات كفدية لتنظيم جبهة النصرة لإطلاق سراح الراهبات السوريات، والصحفي الأمريكى بيتر ثيو بادنوس، و45 من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة