بعد رحلة غياب مئات السنين ستعود الحياة لقلعة نخل بوسط سيناء ، التى شيدت فى عصر قنصوه الغورى، ومن غرفها كانت تدار سيناء عندما كانت مدينة نخل هى العاصمة لكل سيناء، ومع مرور الزمن انتهى دور القلعة وتحولت لأطلال ولم يتبقى منها، غير بقايا جدران وغرف وممرات وأحواض وأشجار عتيقة على ربوة تقع على مشارف مدينة نخل، وكأنها لا تزال تحاكى الماضى وتؤكد أنها الحارس الأمين على أكبر وأهم مدينة تتوسط شبه جزيرة سيناء .
إعادة القلعة للحياة لتأخذ مكانها ويستفاد منها كمعلم تاريخى ومزار سياحى، أعلن عنه فى بيان رسمى " سليمان فرج محمد رئيس مركز ومدينه نخل"، موضحا أنه من المقرر أن يتم تطوير قلعه نخل حتى تكون مزارا سياحيا، مشيرا إلى أن تطويرها تأخر وكان لابد منذ فترة.
وقال الدكتور سامي صالح عبدالمالك البياضي، الباحث المتخصص فى مجال الأثار، إن القلعة من أهم معالم مدينة نخل، لافتا إلى أن اسم نَخْل اختلف الجغرافيون والمؤرخون واللغويون والباحثون في أصل تسميته وضبطه لغةً واصطلاحًا،عُرفت منذ القرون الإسلامية الأولى دون تحريف أو تصحيف، وضُبط الاسم بفتح أوله وسكون ثانيه، واسمها مأخوذ من عملية النَخْل بالمُنَخْل.
وأوضح الباحث أن نَخْل مَجمعًا لتلاقي وافتراق عدة طُرق برية معروفة ومشهورة من قديم الزمان حيث العصور التاريخية القديمة المتعاقبة، بعضها كانت دروب داخلية، وأُخرى كانت خارجية، أولها: طريق العَرَب الأنباط التُجاري فيما بين البتراء وأَيْلَه ” العَقَبَة “ والقُلْزُم ” السُّوْيْس “ وثانيها طريق الحُجاج المسيحيين من بيت المقدس وغَزَّة على الساحل الشامي إلى دير طُوْر سَيْنَاء الشهير بدير سانت كاترين. وثالثها طريق الشام المشهور في المصادر التاريخية باسم طريق صَدْر وأَيْلَه ” صلاح الدين الحربي بوسط سَيْنَاء “. ورابعها طريق الحاج المصري، فقد كانت نَخْل المَنهل الثالث من المَناهِل الكُبرىَ على طريق الحَاجَّ المِصْري في سَيْنَاء بعد بِرْكة الحَاجَّ وعَجْرُود، ويتم الوصول إليها في اليوم السادس للرحيل من بِرْكة الحَاجَّ، والثالث من عَجْرُود.
وقال انه تقع قَلْعَة نَخْل إلى الجنوب من مدينة العَرِيْش على مسافة 156 كيلو مترا، وعن مدينة القاهرة إلى الشرق بمسافة 274 كيلو مترا، وعن مدينة السويس على استقامة على مسافة 120 كيلو مترا، موضحا ان منشئ القلعة هو السلطان قَانِصَوْهْ الغَوري في العصر المملوكي هو صاحب أول منشأة دفاعية أَمنية في منهل نَخْل وهو البُرْج، بإشراف الأمير خَايِرْ بَك المِعْمَار شاد العمائر السلطانية في سنة 914هـ/1508-1509م، وقد عثرتٌ أثناء الحفائر الآثارية في قَلْعَة نَخْل .
وأوضح الباحث أنه فى العصر العثماني تمت في عهد السلطان سليمان القانوني في سنة 959هـ/1551–1552م مضاعفة مِساحة البُرْج المملوكي الذي شيده السلطان قَانِصَوْهْ الغَوري في نَخْل ليصبح قَلْعَة كبيرة على قدر مساحة خَانات وقلاع طريق الحَجاجّ المِصْري الأُخرى في ذلك العصر، وتم ذلك في عهد واليه على مِصْر علي باشا، وقد أشرف على العمارة خولي السواقي السلطانية في ذلك الوقت الأمير زين الدين بن شهاب.
وحول منشأت القلعة المعمارية قال أنه تُوجد في نَخْل مجموعة مُنشآت معمارية مختلفة الوظائف أقدمها في الظهور المنشآت المائية بأنواعها ووظائفها المختلفة، كالآبار المعين، والبِرَك، والأحواض، والقنوات؛ كما تُوجد منشآت أمنية حصينة ” حربية “، ودينية كالجامع والمسجد، وأُخرى جنائزية كالقبة المدفن.
كان بُرْج السلطان قانصوه الغوري بنخل يتبع طراز المنشآت المعمارية ذات التخطيط المنتظم، ونموذجه يتكون من مِساحة مستطيلة يُدعم ركنين منها بُرْجان متناظران في الموقع، وقد تم تأكيد ذلك بعد الكشف عن بقايا بُرْج دائري في الضلع الشمالي الغربي من القَلْعَة الحالية، وهو بُرْج الركن الغربي الذي يقابله بُرْج الركن الشرقي أو ربما الجنوبي، وهما في نفس الوقت بُرْجا القَلْعَة الشرقي والجنوبي الحاليين، وتخطيط البُرْج عبارة عن مساحة مُستطيلة تمتد من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي مقاساته 28,50 × 14,25م.
وفي العصر العثماني أُجريت في بُرْج نَخْل في عهد السلطان سليمان القانوني في سنة 959هـ/1551–1552م توسعة وعمارته عن طريق مضاعفة مساحته الأصلية نظرًا لضيق مساحته.
وقال أن القلعة الحالية طرازها المعماري عبارة عن مِساحة مربعة يُدعم أركانها أربعة أبراج أركان يتكون مسقط كل منها من ثلاثة أرباع الدائرة، وبُرْج خامس في السور الشرقي نصف دائري، ولها بوابة رئيسة ذات مدخل منكسر غير مباشر محصن بشرفة ذات ساقطات تعلو بابها، وهي تقع في الضلع الجنوبي الشرقي من القَلْعَة، وتتوزع ملحقاتها الداخلية حول فناء كشف سماوي، وأبراجها وأسوارها مرتفعة، وكانت تفتح فيها فتحات مزاغل وفتحات للرمي بالبنادق، وأخرى فتحات كبيرة للمدافع خاصة بالأبراج، وقد بُنيت القَلْعَة بمَدَامِيْك من الحَجَر الجيري المقطوعة جيدًا.
أما المُنشآت المائية الملحقة بقلعة نَخْل داخلها وخارجها فهي عبارة عن آبار للمياه وما يرتبط بها من قنوات وسواقي تُدار عن طريق الدواب، والبِرَك لحفظ المياه المستخرجة من الآبار أكبرها تتسع لـكمية من المياه قدرها 1675 متر مربع، ومُلحق بها أحواض صغيرة لسقي الدواب الخاصة بالقوافل اللذين يجتازوا المنطقة سواء في رحلة الذهاب أو العودة.
وبين الباحث انه تكاتفت عدة عوامل في تحديد مصير قَلْعَة نَخْل، وهي نفسها العوامل التي كانت وراء ازدهار نَخْل وقلعتها كمنهل رئيس على طريق الحَاجّ، وكان السبب الرئيس في إحيائها وازدهارها في هذه البَرّية، وهو الذي أهَّلها في يوم من الأيام لأن تكون المركز الإداري لكل شبه الجزيرة بشمالها ووسطها وجنوبها، وهو السبب الرئيس لتراجع دورها بعد انتقاله من البّر إلى البحر عبر مِيْنَاء وخليج السُّوْيْس منذ سنة 1301هـ/1883–1884م.
قلعة نخل (1)
قلعة نخل (2)
قلعة نخل (3)
قلعة نخل (4)
قلعة نخل (5)
قلعة نخل (6)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة