قيمة التسهيلات المالية من الصندوق ويمكن لمصر الاستغناء عنها مع عودة الحياة الطبيعية
هل هناك قصة جديدة بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولى..؟ وما حكاية الطلب الأخير الذى تقدمت به الحكومة للحصول على ما يسمى بـ"حزمة مالية" من الصندوق ..وهل لها شروط أو زيارات متابعة ومراقبة ومراجعة..؟ وما الفارق بين القرض القديم من الصندوق فى 2016 وبين " التسهيلات المالية الجديدة..؟
معلومات كثيرة قد تكون غائبة عن العقل الجمعى قد يستغلها البعض لمحاربة الحكومة أو لبث معلومات مغلوطة وشائعات قد يكون لها تاثير سلبى على الاقتصاد المصرى وسوق الصرف فى مصر..
الحكاية ببساطة فى طلب مصر المساعدة من صندوق النقد الدولى تتلخص فى "الظروف الاستثنائية" التى تمر بها دول العالم- ومن بينها مصر- نتيجة أزمة تفشى فيروس كورونا المستجد وتداعياته السلبية على اقتصاديات 190 دولة أعضاء فى الصندوق وخاصة قطاعات معينة مثل قطاع السفر والسياحة والطيران والنقل علاوة على قطاع العمالة الموسمية فى بعض الدول مثل مصر .
وصندوق النقد الدولى ..المؤسسة المالية الأولى فى العالم ليست فقط مؤسسة اقراض للدول التى فى حاجة إلى قرض لاجراء اصلاحات مالية ونقدية وادارية فى اقتصادها وهو المعروف والشائع عن الصندوق مثلما حصل مع مصر عندما أعلنت عن برنامج الاصلاح الاقتصادى فى عام 2016 وحصلت بموجبه بعد مشاورات ومباحثات شاقة مع الصندوق على قرض قيمته 12 مليار دولار حصلت عليه على شرائح ودفعات، أخرها الشريحة التى تسلمتها فى يونيو 2019 ومن المفترض تسديده بداية من يونيو 20121 ويستمر سداده ربع سنوى حتى السنة العاشرة، أى ينتهى تقريبا فى نهاية 2027. ويتطلب ذلك مراجعات وزيارات وتوافقات مع الدول التى تعتزم تطبيق برامج اصلاح اقتصادية.
لكن الصندوق لديه آليات آخرى غير الإقراض لمساعدة الدول الأعضاء سوء كانت فنية أو مالية.. والأخيرة هى ما تعنينا هنا وخاصة فى الحالات الاستثنائية مثل حالة كورونا وتسمى فى هذه الحالة " تسهيلات مالية" وليست فروضا- وهذه هى التسمية الصحيحة كما يتفق خبراء الاقتصاد- وليس لها شروط ولا مراجعات ولا بمسيرة برنامج الاصلاح الاقتصادى ولا يحزنون كما يحاول " اهل الشر" الترويج له ونشر الاكاذيب حوله لاثارة البلبلة فى سوق الصرف المصرى والتشكيك فى قدرة الاقتصاد المصرى وقوته.
آليات صندوق النقد لمساعدة الدول تتمثل فى برنامجين، الأول اسمه برنامج أداة التمويل السريع وهى آلية موجودة منذ فترة طويلة ويرصد لها الصندوق 100 مليار دولار واجرءاتها سريعة وتحصل عليها الدول بنسبة تتراوح ما بين 50-100% من حصتها فى الصندوق وفقا لمعايير بسيطة جدا تتمثل فى تحديد الاحتياجات المالية والقطاعات الأكثر تضررا ومعها ايضا الفئات المتضررة، والعيار الثانى هى القدرة على السداد والتقديرات الايجابية من الصندوق لأداء اقتصادات تلك الدول.
وبالفعل تقدمت حوالى 102 دولة غنية وناشئة وفقيرة للحصول على هذه المساعدات من الصندوق من بين 190 دولة من خلال آلية أداة التمويل السريعوتمت الموافقة حتى الآن على مساعدات سريعة لحوالى 20 دولة منها تونس لمساعدتها فى تجاوز الآثار السلبية لتفشى كورونا على اقتصادات تلك الدول والتى تمثل أكثر من 60% من الدول الأعضاء فى الصندوق.
وتقدمت مصر أيضا للحصول على التسهيلات المالية من صندوق الدول مثلها مثل باقى الدول من أجل " تعزيز قدراتها على مواجهة أزمة فيروس "كورونا" المستجد، فى خطوة استباقية تستند على نجاح تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى؛ للحفاظ على استمرار المكتسبات والنتائج الإيجابية التى حققها الاقتصاد المصرى، فى ظل الظروف الاستثنائية التى تمر بها كل دول العالم وتطورات الأوضاع العالمية، وقد وصلت المباحثات بشأن هذا الطلب إلى مرحلة متقدمة."- وفقا لمجلس الوزراء يوم الأحد الماضى-
الخبراء والمراقبون يؤكدون موافقة الصندوق وحصول مصر على " التسهيلات المالية" على اكثر تقدير منتصف يونيو المقبل وبقيمة تقدر ما بين1.5-3 مليار دولار وفقا لحصة مصر فى الصندوق، لعدة أسباب أولها أنها آلية متاحة للجميع فى ظروف استثنائية، الأمر الثانى أن مصر اثبتت قدرتها على الوفاء والالتزام بسداد ديونها للمؤسسات الدولية المالية وأن اقتصادها حقق قفزات كبيرة ويعتبر من بين الاقتصادات الـ16 التى نجت من تداعيات فيروس كورنا بل أنه فى المرتبة الثامنة من بين هذه الدول الناجية، الأمر الثالث ونتيجة النجاحات التى حققها الاقتصاد المصرى وبشهادة صندوق النقد ذاته والبنك الدولى والمؤسسات العالمية الآخرىيرغب الصندوق فى أن تحافظ مصر المكتسبات والنتائج الإيجابية التى تحققت فى السنوات الأخيرة من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى أشادت به جميع المؤسسات الدولية، وقد أثبتت سياسات هذا البرنامج الاقتصادى خلال الأحداث الأخيرة سلامة رؤية الدولة حيث أن تحقيق فائض أولى بنسبة ٢٪ من الناتج المحلى وفَّر للحكومة مساحة مالية تمكنها من التعامل مع الأزمات والصدمات الاستثنائية. وأنه سيحقق نمو نسبته 4.2% على الرغم من الظروف الصعبة التى تمر بها دول العالم. كما قررت مؤسسة «استاندر أند بورز» الإبقاء على تصنيف مصر الائتمانى كما هو عند مستوى « B » مع نظرة مستقبلية مستقرة مقارنة بعشرات الدول حول العالم التى تم تخفيض تصنيفها الائتماني.
الآلية الثانية للصندوق لمنح التسهيلات المالية للدول الأعضاء هى برنامج تسهيل أو اتفاق الاستعداد الائتمانى وتحصل عليها الدول وفق ايضا لمساهمتها فى الصندوق وليس بها أية شروط ولا علاقة لها ببرنامج الاصلاح الاقتصادى ولا مراجعات ولا غيره ولكن يمكن فقط الاطلاع على الاداء الربع سنوى لمجمل الاقتصاد.
وطريقة السداد فى كلتا الآليتين تختلف عن طريقة سداد القروض حيث تسدد على 3 سنوات وربع السنة وحتى السنة الخامسة من استلام الشريحة الأولى ويمكن لأى دولة – ومصر طبعا- أن تطلب من الصندوق التوقف عن هذه المساعدات فى أى وقت مع عودة الحياه إلى طبيعتها وانتهاء الأزمة وعودة حركة الطيران والسفر والسياحة.
هذه هى القصة ببساطة التى يصفها الدكتور فخرى الفقى أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة والمستشار السابق بصندوق النقد الدولى وعضو مجلس ادارة البنك المركزى المصرى بأنها مزايا ومنح للدول الأعضاء وخاصة الدول التى اثبتت جديتها فى التعامل مع فيروس كورونا، وبالفعل الصندوق ومنظمة الصحة العالمية أشادوا بمصر فى اجراءتها الاحترازية منذ البداية فى التعامل مع الفيروس. بالتالى ربما تكون الموافقة على التسهيلات المالية التى طلبتها الحكومة المصرية من أسرع الموافقات.
ويؤكد الخبير الاقتصادى الدكتور فخرى الفقى أن هناك بالفعل قطاعات اقتصادية فى مصر تأثرت مع بدايات كورونا وخاصة قطاع السفر والسياحة والطيران والنقل، اضافة إلى فئات فى المجتمع مثل العمالة الموسمية غير المنتظمة علاوة على أصحاب الكافيهات والمقاهى والمطاعم ..ولذلك ليس غريبا أن نجد البنك المركزى يضحى بـ5 مليارات دولار من الاحتياطى النقدى تحسبا لأية التزامات مع استمرار الأزمة وتداعياتها..فالسياحة اكثر القطاعات مع الطيران تضررا وهى التى حققت ايرادات بلغت 12.6 مليار دولار فى 2019 والتحسب حاليا للاستثمار الاجنبى المباشر الذى يمثل الاستثمار فى قطاع التنقيب عن البترول حوالى 60% مع الأوضاع الضبابية لسوق النفط العالمى وانخفاض سعر البرميل لأدنى حد له منذ سنوات طويلة ثم الاستثمار الأجنبى غير المباشر المتمثل فى صناديق التحوط الاجنبية التى بدات تخرج من الاسواق الناشئة مع بداية أزمة كورونا..لكن سياسة البنك المركزى الاستباقية فى سحب 5.1مليار دولار من الاحتياطى النقدى شجع هذه الصناديق على عدم الخروج من السوق المصرى . اضافة إلى الاجراءات والمبادرات الأخرى الاستباقية التى أعلن عنها البنك المركزى وهى المبادرات الاربع لدعم سعر الفائدة بعيدا عن صندوق النقد الدولى الذى دائما ما يرفض دعم سعر الفائدة .مثل مبادرة دعم الصناعة بـ100 مليار جنيه ومبادرة 50 مليار جنيه للسياحة و50 مليار للقطاع العقارى ومبادرة الشركات المتعثرة فى القطاع الصناعى وهى المبادرات التى جعلت الناس لا تشعر بأزمة كورونا الا فى نهاية مارس مع اعلان الحكومة عن الاجراءات الاحترازية وهى الاجراءات التى أشادت بها المنظمات الدولية وخاصة منظمة الصحة العالمية
ويرى الدكتور الفقى أن مصر لم تفكر فى التقدم بالطلب للحصول على التسهيلات المالية الا بعد استمرار الأزمة ومن اجل التحوط لاية تداعيات قادمة ودعم القطاعات المتضررة مثلها فى ذلك مثل باقى دول العالم –أكثر من 102 دولة- واعتقد أن نصائح كثيرة من خبراءنا فى الصندوق مثل الدكتور حازم الببلاوى كانت مفيدة فى هذا الجانب ..وما شجع على ذلك ثقة الصندوق فى الاقتصاد المصرى ونجاحه وتحقيقه نسبة نمو ايجابية فى ظل الأزمة الصحية الحالية والصندوق من جانبه يريد الحفاظ على هذه المكتسبات.
وكما أكدت الحكومة فان طلب المساندة من صندوق النقد الدولى يعتبر، أمرًا مهمًا خلال هذه الظروف والأوضاع الاستثنائية الحالية بهدف الاستمرار فى الحفاظ على استقرار مؤشرات الاقتصاد المصرى، وتحوطًا من أى تأثيرات سلبية قد تعوق قدرته على التعافى وعودة النمو الاقتصادى، وقد أشاد الصندوق بقيادة مصر وفكرها وسياساتها الاقتصادية الواضحة وجدارتها بهذا الدعم لمواصلة قدرتها على مواجهة هذه الأزمة العالمية.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن الصندوق لديه الثقة الكبيرة فى الاقتصاد المصرى وفى اجراءات الحكومة لمواجهه فيروس كورونا
وكانت كريستالينا جورجيفا رئيس صندوق النقد الدولى، فى اجتماع لوزراء مالية ومحافظى البنوك المركزية فى مجموعة الـ10، منتصف مارس الماضى أشارت إلى أن 10 دول تلقت حتى الآن التمويل الطارئ المطلوب، فيما سيوافق صندوق النقد الدولى على تمويل نصف الدول المتبقية خلال ابريل.
وأبلغ صندوق النقد الدولى مجموعة العشرين أنه "يبحث بشكل عاجل" عن 18 مليار دولار من موارد القروض الجديدة من أجل صندوق الحد من الفقر والنمو، مشيرًا إلى أنه سيحتاج على الأرجح إلى 1.8 مليار دولار على الأقل من موارد الدعم الجديدة.
وأضافت جورجييفا، أن صندوق النقد الدولى، سيحتاج مبالغ أخرى خلال الشهور المقبلة، لافتة إلى أن الصندوق على استعداد لاستخدام "صندوق أدواته الكامل بقيمة تريليون دولار" فى الركود العميق المتوقع فى عام 2020 على خلفية أزمة انتشار فيروس كورونا، وتعافى جزئى فقط فى عام 2021.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة