سعيد الشحات يكتب: بعيدا عن اتهامات الصحف الغربية.. هكذا وصف الفريق سعد الدين الشاذلي كوريا الشمالية من الداخل.. مصانع في باطن الجبل ومطار لا يظهر منه إلا ممر.. قلت للرئيس: لو قامت حرب نووية أخشى ألا يبقى غيركم

الإثنين، 27 أبريل 2020 02:03 م
سعيد الشحات  يكتب: بعيدا عن اتهامات الصحف الغربية.. هكذا وصف الفريق سعد الدين الشاذلي كوريا الشمالية من الداخل.. مصانع في باطن الجبل ومطار لا يظهر منه إلا ممر.. قلت للرئيس: لو قامت حرب نووية أخشى ألا يبقى غيركم كيم جونج

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعيدا عن اتهامات الصحف الغربية ، لا يعرف أحد علي وجيه اليقين مصير رئيس كوريا الشمالية "كيم جونج "الحالي، هل هو مازال علي قيد الحياة أم توفي؟، ويعكس هذا المجهول طبيعة النظام الذي يعيش فيه هذا البلد، منذ أن تم تقسيم شبه الجزيرة الكورية إلي كوريتين، كوريا الشمالية وتتبع "الكتلة الشرقية "التي يتزعمها الاتحاد السوفيتي، وكوريا الجنوبية وتتبع "الكتلة الغربية" بزعامة أمريكا.

جري التقسيم عام 1948 كأحد نتائج الحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945، ومن عام 1950 نشبت الحرب الأهلية بين الكوريتين، واستمرت حتي عام 1953، وبالرغم من نهاية عصر الكتلتين وتفكك "الكتلة الشرقية " إلا أن كوريا الشمالية بقت كما هي بنظامها المنغلق الذي لايعرف العالم عن تفاعلاته الداخلية شيئا، مما أدي إلي خلط الجد بالهزل في معرفة أخبارها، وافتقدت الصحافة العربية الشهادات الحية.

وأمام هذا الشح الصحفي والذي يترتب عليه بالتبعية شح المعلومات نضطر إلي البحث في دفاترنا القديمة عما هو مذكور عنها، وفيها سنجد شهادة نادرة للفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية خلال حرب أكتوبر 1973، أوردها في مذكراته "حرب أكتوبر" من واقع زيارته لها، وبالرغم من أن عمر هذه الشهادة 47 عاما، إلا أن سطورها والمعلومات التي احتوت عليها تكشف ماجري في الماضي، ومازال يجري حتي الآن في كوريا الشمالية.

يكشف "الشاذلي" عن أن زيارته إلي كوريا الشمالية جاءت في سياق الاستعداد لخوض حرب أكتوبر 1973 ضد إسرائيل، وكان نائب الرئيس الكوري في زيارة إلي مصر أوائل مارس عام 1973، وخلال هذه الزيارة عرض الشاذلي عليه إمكانية الاستعانة بطيارين كوريين لطائرات "ميج 21" بعد أن سحب الاتحاد السوفيتي حوالي 100 طيار كانوا في مصر.

وافق الرئيس السادات علي الفكرة، كما وافق عليها الرئيس الكوري الشمالي "كيم ايل سونج"، وسافر الشاذلي في رحلة بدأت من يوم 2 أبريل 1973، ويذكر أن رحلته مرت بشنغهاي في الصين نظرا لعدم وجود خطوط جوية مباشرة من مصر إلي كوريا الشمالية، ومن شنغهاي وصل إلي العاصمة "بيونج يانج" يوم 6 أبريل 1973..يؤكد الشاذلي أنه استقبل استقبالا حماسيا، ويضيف:"أحيطت الزيارة بهالة كبيرة من التكريم والتشريف ، كنت أينما ذهبت، سواء كان مؤسسة عسكرية أومصنعا في مغارة داخل الجبل، أقابل بآلاف من الناس يرحبون ويغنون ويلوحون بالأعلام، وبعد هذا الاستقبال الحار يبدأ الأفراد في استعراض خبراتهم وفنهم الذي كان يزيدني إثارة".

يضيف:"في إحدي الزيارات حضرت بيانا عمليا عن ضرب نار، تقوم به وحدة من وحدات الحرس الوطني المكلفة بأعمال الدفاع الجوي، وكانت الوحدة جميعها من الشابات الصغيرات ، كن صغيرات الحجم حتي اعتقدت انهن دون الخامسة عشرة، ولكن قيل لي أنهن في الثامنة عشرة أوأكثر، كانت نتائج تدريبهن ممتازة، وعندما قمت بتفقدهن بعد انتهاء المشروع التدريبي قلت لهن :"إني أشكركن علي ما أظهرتنه من كفاءة في ضرب النار، وليس عندي ما أستطيع أن أعبر عن تقديري سوي أن أهديكن تلك"البيريه" التي ألبسها، ثم خلعت "البيريه"  القرمزية الحمراء الخاصة برجال المظلات والتي كنت ألبسها أثناء الزيارة وسلمتها إلي قائد الوحدة ".

لم يخف"الشاذلي" إعجابه بما شاهده من حالة البناء والتشييد التي شاهدها..يقول:"هناك الكثير مما يمكن أن يقال عن كوريا الشمالية وعن رئيسها "كيم إل سونج  "توفي عام 1994 وهو جد الرئيس الحالي كيم جونج"، إلا أن ما أمكن تحقيقه خلال السنوات العشرين الماضية في هذه البلاد يعتبر شيئا يصعب تصديقه"..كانت زيارة الشاذلي عام 1973، وهو يحسب العشرين عاما منذ أن انتهت حرب الكوريتين عام 1953 .

يضيف"الشاذلي":" إنهم لم يعيدوا بناء بلادهم فقط بعد أن هدمتها الحرب الأهلية "1953 " ، بل استطاعوا أن يعتمدوا علي أنفسهم في كل شيء، إنهم أصبحوا قادرين علي إنتاج الغالبية العظمي مما يحتاجون إليه عسكريا ومدنيا، إنهم ينتجون الدبابة والمدفع والجرارات والماكينة "..يذكر الشاذلي:"كوريا الشمالية التي كان تعدادها 15 مليون نسمة فقط (تعدادها 25 مليون ونصف مليون عام 2018 )، تعتبر مثالا فريدا لما يمكن أن تقوم به دولة صغيرة من عمل نحو تطوير نفسها دون الاعتماد علي أي عون خارجي، إن الشعب الكوري بأكمله تم تنظيمه وكأنه في ثكنة عسكرية كبيرة، ففي الساعة السابعة صباحا نري التلاميذ الصغار وهم يحملون الفؤوس وأدوات الحفر الصغيرة التي تتناسب مع أحجامهم الصغيرة، وهم يغنون أثناء سيرهم إلي منطقة العمل التي سوف يعملون فيها، إن كل فرد في الدولة سواء أكان كبيرا أم صغيرا يتحتم عليه أن يؤدي ساعات محددة من العمل اليدوي لمصلحة الدولة دون أجر، وتطبيقا لذلك فإن رصف الطرق وصيانتها وإنشاء الأنفاق والملاجئ إلي غير ذلك من المنافع العامة يتم إنشاؤها طبقا لجدول عمل ينظم هذا المجهود البشري الضخم، واستفاد الكوريون من طبيعة بلادهم الجبلية ومن وفرة الأيدي العاملة في بناء الأنفاق الواقية من القنابل الذرية ، ونقلوا إلي هذه الأنفاق مصانعهم وحتي مطاراتهم".

يؤكد "الشاذلي":"شاهدت أكثر من مصنع في باطن الجبل، كما شاهدت مطارا كاملا في لايظهر منه سوي ممر الإقلاع، أما جميع المنشآت الأخرى فكانت في باطن الجبل، كان عملا رائعا يدعو إلي الانبهار".

يتذكر الشاذلي أنه حينما قابل الرئيس الكوري "كيم ال سونج " قال له:"سيادة الرئيس..إذا قامت حرب نووية فأخشي أن يدمر العالم بأجمعه وألا يبقي سوي كوريا الديمقراطية "الشمالية " ..ضحك "سونج" ورد علي الشاذلي :"اسمع ياسيادة الفريق..أنا أعرف تماما أنني لا أستطيع أن أتحدي الأمريكيين في الجو ، لذلك فإن الحل الوحيد الباقي هو تلافي ضرباتهم الجوية ببناء الأنفاق ، ثم بعد ذلك نقوم بغمر سمائنا بنيران المدافع والرشاشات "










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة