في ظل أزمة وباء كورونا وعدم اكتشاف علاج له حتى الآن وما صاحب ذلك من إعلان منظمة الصحة العالمية أن المناعة الطبيعية في جسم الإنسان هي العاصم الوحيد من الإصابة بفيروس كورونا المستجد – كوفيد 19 - أو مقاومته وأن ضعف المناعة يجعل الإنسان عرضة للإصابة بالفيروس - استغل البعض هذه المعلومات وراح يروج ويعلن عن أدوية مناعة معينة بزعم أن تناولها يقي الإنسان من الإصابة بالفيروس ابتداء ومقاومته عند الإصابة.
ومنذ بدأ الأزمة والإعلان عن أدوية المناعة، اندفع الناس لشراء تلك الأدوية رغم عدم اعتمادها طبيا من الجهات المعنية كعلاج أو وقاية من الفيروس ورغم خطورة تناولها علي صحة الإنسان دون اعتماد طبي، وما قد يترتب علي ذلك من اعتلال صحة الإنسان بل وفاته في بعض الأحيان إذ الدواء بوجه عام مفيد وضار في ذات الوقت، وهو نوع من الغش والخداع والتحايل لكسب المال بإلباس أمر على أدوية مظهرا يخالف حقيقة ما هي عليه.
التجريم والعقاب في الإعلان عن أدوية مناعة تقي الإصابة بفيروس كورونا
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية طفت على السطح خلال الأيام الماضية وتحديداَ بعد ظهور وباء كورونا المستجد في مصر حيث تحذر الجهات الرسمية بشكل دائم ومستمر من انتشار ما يُطلق عليه بأدوية المناعة وهى ليست كذلك بل هى غش وخداع وتقع أيضاَ تحت مسمى جريمة الشروع فيها بمعني بدء التنفيذ في فعل الخداع وجود متعاقد علي شراء الدواء سواء تم البيع أو لم يتم ولكن هل يلزم أن يكون المتعاقد شخص معين بذاته أو بعبارة أخرى هل يكفي توجيه الدعوة للجمهور بأن الدواء شافي أو مانع من الإصابة بالفيروس ؟ - بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.
قانون قمع الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941
ذهب رأي إلى اللزوم وبالتالي فإن مجرد الإعلان عن أدوية المناعة في وسائل التواصل الاجتماعي، وأنها تشفي وتقي من الفيروس لا يوفر جريمة الخداع في حين ذهب رأي آخر إلي عدم لزوم تحديد المتعاقد الآخر لأن غرض الشارع من التجريم ليس حماية خاصة للمتعاقد وإنما حماية التعاملات في المجتمع، وما يجب أن يسودها من عفة ونزاهة وصدق سواء حدد شخص المتعاقد أو لم يحدد فيكفي مجرد تصور وجود متعاقد لتحقق الشروع في جريمة الخداع، ولقد واجه قانون قمع الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 تلك الظاهرة جاعلا من خداع المتعاقد في حقيقة الدواء وطبيعته وصفاته الجوهرية أو مجرد الشروع في الخداع بغض النظر عن وسيلة الخداع جنحة عقوبتها الحبس من سنة لـ 3 سنوات وغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تجاوز 20 ألف جنية مع المصادرة ورفع العقوبة إلي السجن إذ ترتب علي الخداع في الدواء أن أصيب المتعاقد بعاهة مستديمة والي السجن المؤبد أن ترتب علي الخداع وفاة شخصين أو أكثر مع رفع عقوبة الغرامة وحظر الاستخدام الكامل لرأفة القضاة – وفقا لـ"فاروق".
كما قرر المشرع مسؤولية الشخص المعنوي وخول لرجال الضبط القضائي دخول وتفتيش الأماكن المشتبه في وجود الأدوية محل الخداع فيها وجعل من مقاومة رجال الضبط القضائي ومنعهم من مزاولة عملهم جريمة، إذ نصت المادة مادة 1 فقرة 2: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنية ولا تجاوز 20 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق فى أحد الأمور الآتية:......حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة فى تركيبها.
متى تصل عقوبة غش الأدوية للمؤبد؟
ونصت المادة 4 علي أنه إذا نشأ عن ارتكاب الجريمة إصابة شخص بعاهة مستديمة فتكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن 25 ألف جنيه ولا تجاوز 40 ألف جنية أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، وإذا طبقت المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات فى هذه الحالة فلا يجوز النزول بالعقوبة المقيدة للحرية عن الحبس مدة سنة واحدة، وإذا نشأ عن الجريمة وفاة شخص أو أكثر تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما ونصت المادة 6 مكرر 2 دون إخلال بمسئولية الشخص الطبيعي المنصوص عليها فى هذا القانون، يسأل الشخص المعنوي جنائيا عن الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون إذا وقعت لحسابه أو باسمه بواسطة أحد أجهزته أو ممثليه أو أحد العاملين لديه.
مصادرة الأدوية المضبوطة
ويحكم على الشخص المعنوي بغرامة تعادل مثل الغرامة المعاقب بها عن الجريمة التى وقعت، ويجوز للمحكمة أن تقضى بوقف نشاط الشخص المعنوي المتعلق بالجريمة لمدة لا تزيد على سنة، وفى حالة العود يجوز الحكم بوقف النشاط لمدة لا تزيد على 5 سنوات أو بإلغاء الترخيص فى مزاولة النشاط نهائيا، ونصت المادة 7 علي أن يجب أن يقضى الحكم فى جميع الحالات بمصادرة المواد أو العقاقير أو الحاصلات التي تكون جسم الجريمة فإذا لم ترفع الدعوى الجنائية لسبب ما فيصدر قرار المصادرة من النيابة العامة، ونصت المادة 8 تقضى المحكمة فى حالة الحكم بالإدانة فى إحدى الجرائم المنصوص عليها فى المواد السابقة بنشر الحكم فى جريدتين يوميتين على نفقة المحكوم عليه.
عقوبة مقاومة رجال الضبط القضائى من ممارسة مهامهم
ونصت المادة 11 علي أن يثبت المخالفات لأحكام هذا القانون وأحكام اللوائح الصادرة بتنفيذه ولأحكام القرارات المنصوص عليها فى المادتين الخامسة والسادسة الموظفون المعينون خصيصا لذلك بقرار وزارى، ويعتبر هؤلاء مأمورى الضبطية القضائية ويجوز لهم أن يدخلوا لهذا الغرض فى جميع الأماكن المطروحة أو المعروضة فيها للبيع أو المودعة فيها المواد الخاضعة لأحكام هذا القانون ما عدا الأجزاء المخصصة منها للسكن فقط.
ولمأموري الضبط القضائى أخذ عينات من تلك المواد والقيام بفحصها وتحليلها فى المعامل التى تحددها اللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا لأحكام هذا القانون ووفقا للإجراءات المقررة بها، ونصت المادة 12 علي أن إذا وجدت لدى الموظفين المشار إليهم فى المادة السابقة أسباب قوية تحملهم على الاعتقاد بأن هناك مخالفة لأحكام هذا القانون جاز لهم ضبط المواد المشتبه فيها بصفة مؤقتة، ونصت المادة 12 مكرر يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن 5 جنيهات ولا تتجاوز 100جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حال دون تأدية الموظفين المشار إليهم بالمادة 11 أعمال وظائفهم سواء بمنعهم من دخول المصانع أو المخازن أو المتاجر أو من الحصول على عينات أو بأية طريقة أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة