قضت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، بجلسة اليوم الأحد، فى الدعاوى المقامة من بعض الأطباء البيطريين، بقبول كل دعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرارات المطعون عليها، مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها إدراج اسم كل مدعي بالكشوف النهائية للمرشحين لخوض الانتخابات على مقعد رئيس النقابة الفرعية للمحافظة التي ينتمي إليها، والمقرر انعقادها يوم الجمعة الموافق 27 مارس المقبل، وألزمت النقابة المدعى عليها مصروفات الشق العاجل، وأمرت بإحالة الدعاوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع.
وكان كل مدعي في الدعاوى المذكورة قد أقام دعواه بطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر من النقابة المدعى عليها باستبعاده من الكشوف النهائية للمرشحين لخوض الانتخابات على مقعد رئيس النقابة الفرعية للمحافظة التي ينتمي إليها، والمقرر انعقادها يوم الجمعة الموافق 27/3/2020، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام النقابة المدعى عليها المصروفات.
صدر الحكم برئاسة المستشار فتحي إبراهيم محمد توفيق نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية كل من المستشارين إبراهيم عبدالغني محمد، ود فتحي السيد هلال، ورأفت محمد عبدالحميد، وحامد محمود المورالي، وأحمد ضاحي عمر، وأحمد جلال زكي، نواب رئيس مجلس الدولة.
وشيدت المحكمة قضائها على سند من أن الدستور كفل الحق في إنشاء النقابات والإتحادات على أساس ديمقراطي، وأناط بالقانون تنظيم إنشائها وإدارتها، كما أكد على حق كل مواطن في انتخاب المجالس التمثيلية والترشح لعضويتها في ضوء أن المشاركة في الحياة العامة تعدو واجباً وطنياً. واستناداً إلى ما تقدم فقد أنشأ المشرع نقابة للاطباء البيطريين وأناط إدارتها على مستوى الجمهورية بمجلس كما أنشأ نقابات فرعية على مستوى المحافظات يكون لكل منهما مجلس يتولى إدارتها أيضا ويكون له في حدود دائرة النقابة الفرعية اختصاصات مجلس النقابة العامة، ونص القانون على تشكيل مجلس النقابة العامة من عدد أربعة وعشرين عضوا من الأعضاء المقيدين في جداول النقابة والمسددين للاشتراكات، وتكون مدة عضوية مجلس النقابة العامة أربع سنوات على أن يتم إجراء تجديد نصفي كل سنتين لا يشمل النقيب، كما نص على تشكيل مجلس النقابة الفرعية من رئيس وأربعة أعضاء، وقد أورد القانون حكماً بشأن رئيس وأعضاء النقابة العامة مفاده أنه لا يجوز انتخاب أي منهم أكثر من مرتين متتاليتين.
وأكدت المحكمة، أن حق المرشحين في الفوز بعضوية المجالس التي كفل الدستور والقانون صفتها التمثيلية، لا ينفصل عن حق الناخبين في الإدلاء بأصواتهم لاختيار من يثقون فيه من بينهم، ذلك أن هذين الحقين مرتبطان، ويتبادلان التأثير فيما بينهما. وأنهما يتخذان مركز الصدارة من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور باعتبارهما محور السيادة الشعبية وقاعدة بنيانها.
كما أفادت المحكمة، أن أصول التفسير التشريعي إنما تقتضي ألا تحمل النصوص على غير مقاصدها وألا تُفسر عباراتها بما يخرجها من معناها أو يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها. وأن التوفيق بين نصوص القانون لا يتعين أن يصل إلى حد إنشاء حكم جديد، فإن في هذا تجاوزاً لوظيفة التفسير إلى وظيفة التشريع. ولا غرو في ذلك، فمهمة التفسير تتمثل في استخلاص الأحكام من النصوص والكشف عنها وليس إنشاء أحكام جديدة لم تتضمنها النصوص.
وعلى هدي ما تقدم، انتهت المحكمة إلى أنه لما كان الثابت أن كل مدعي قد تقدم بأوراق ترشحه لشغل مقعد رئيس النقابة الفرعية بالمحافظة التي ينتمي إليها، وأدرجته اللجنة المشرفة على الانتخابات بكشوف المرشحين الأولية ثم قامت باستبعاده من الكشوف النهائية بعد أن تبين لها سابقة انتخابه عضواً بمجلس النقابة الفرعية المشار إليها لدورتين متتاليتين (2012-2016 و 2016-2020)، فإن الجهة الإدارية تكون قد أصدرت قرارها المطعون عليه –بحسب الظاهر من الأوراق- على سند غير سليم من القانون، إذ أن الشرط الخاص بألا يكون المرشح لعضوية مجلس النقابة قد تم انتخابه بالمجلس مرتين متتاليتين يسري بشأن رئاسة وعضوية مجلس النقابة العامة فقط، ولا ينطبق على المرشحين لرئاسة وعضوية مجالس النقابات الفرعية، فالمادتين (21) و(23) من قانون إنشاء نقابة الأطباء البيطريين سالفتي البيان قد أوردتا هذا الشرط على الترتيب بشأن الترشح لرئاسة وعضوية مجلس النقابة العامة، وجاءت النصوص المتعلقة بمجالس النقابات الفرعية والواردة في كل من القانون المذكور ولائحته التنفيذية خلواً من ثمة نص مماثل. ومن ثم فإنه لا يمكن القول بأن الشرط المذكور ينسحب على من يترشح لرئاسة وعضوية مجلس النقابة الفرعية، إذ أن المشرع لو أراد ترتيب هذا الحكم لما أعوزه النص عليه صراحة، والقول بغير ذلك من شأنه ابتداع شرط جديد بشأن الترشيح لرئاسة وعضوية مجالس النقابات الفرعية على غير إرادة المشرع، وهو الأمر المحظور قانوناً.
وأوضحت المحكمة، أنه لا مجال للقياس في هذا الخصوص، إذ أن الأمر يتعلق بحق دستوري أصيل، ألا وهو حق الترشح لعضوية المجالس التمثيلية، ومن ثم فإنه لا يجوز تقييده إلا بنص قانوني صريح لا التباس بشأنه. فضلا عن انتفاء مناط إعمال القياس في الحالة المعروضة بالنظر إلى اختلاف المقيس والمقيس عليه، فمجلس النقابة العامة يختلف في عدد أعضائه وحجم الجمعية العمومية التي يقوم على شئونها عن مجلس النقابة الفرعية، إذ يبلغ عدد أعضاء الأول خمسة وعشرين عضواً، وتضم جمعيته العمومية كافة الأطباء البيطريين على مستوى الجمهورية، بينما يبلغ عدد أعضاء مجلس النقابة الفرعية خمسة أعضاء، ولا تتعدى جمعيته العمومية حدود الدائرة التي يباشر فيها نشاطه، ومن المتصور أن يكون المشرع قد ارتأى أن هذا التباين يقتضي إعفاء المرشحين لرئاسة وعضوية مجلس النقابة الفرعية من شرط عدم سابقة الانتخاب بمجلس النقابة لمرتين متتاليتين، بالنظر إلى أن الدائرة الضيقة التي يباشر في نطاقها مجلس النقابة الفرعي مهامه قد لا تفرز الكثير من أعضاء النقابة المهتمين بالعمل العام والراغبين في الترشح لعضوية مجلس النقابة الفرعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة