أغلب التقارير الطبية في القضايا والحوادث يكون عن الجروح لبيان نوعها هل هي رضية أو قطعية أو عضية أو طعنية أو وخزية، ومقابلة ذلك بالأدوات والآلات المضبوطة وأقوال الشهود، وقد يدفع المتهم بأن الإصابات المدعى بها مفتعلة، وهذه مسألة فنية لا يستطيع المحقق أو القاضي أن يفصل فيها وإنما عليه أن يطلب فيها رأياَ طبياَ.
لا يحدد القانون نسبة مئوية للنقص الواجب توافره لتكوين العاهة المستديمة
ومن المهم في الإصابات والجروح أن تبين جسامتها والمدة اللازمة لعلاجها، وذلك أن القانون ينص على عقوبات متدرجة حسب مدة العلاج، وقد تؤدى الإصابة إلى عاهة مستديمة، أي فقد منفعة عضو من أعضاء الجسم فقداَ كلياَ أو جزئياَ، سواء بفصل العضو أو بتعطيل وظيفته أو مقاومته، على أن يكون ذلك بصفة مستديمة أي لا يرجى شفاء منه، وقد لا يحدد القانون نسبة مئوية للنقص الواجب توافره لتكوين العاهة المستديمة، كالقانون المصري، ومع ذلك يكون على الطبيب أن يحدد هذه النسبة اذا استطاع لما لهذا من الأثر في تقدير العقوبة والتعويض.
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" من خلال سلسلة مسرح علوم الجريمة الضوء على إشكالية أنواع الجروح والاصابات بداية من الجروح الرضية والمتهتكة أو السحقية، وذلك في الوقت الذي يصعب فيه الكشف عن الكثير من الجرائم بعد ارتكابها، لتشكل لغزا أمام رجال الأمن، رغم كون فك الطلاسم فيها يعتمد على - إصابة أو جرح - الأمر الذى لا يحتاج سوى لإحالتها إلى الطب الشرعي الذى يقوم بالدور المنوط به فى الكشف عن الحقيقة – بحسب الدكتور جورح وهيب عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية لعلوم الأدلة الجنائية والطب الشرعي.
ماذا تعرف عن الجروح والاصابات؟
في البداية - يعرف الجرح طبيا بأنه انقطاع استمرارية الجلد وغيره من انسجة الجسم نتيجة للتعرض لشدة خارجية، وقد التزمت بعض التشريعات القانونية بهذا التعريف وبعضها حصرها بالجلد فقط، كما أن بعضها الأخر أضاف أغشية الجسم الخارجية الى الجلد وعرفتها بأنها كل غشاء أمكن لمسه دون شق أي غشاء آخر، مثل الاغشية الداخلية للأنف والفم وقناة الشرج والمهبل، ومن خلال التعريفين الأخيرين فإن كلمة الجرح لا تطلق على اصابات الأحشاء إذا بقي الجلد والاغشية الخارجية سليمة، وعليه يمكن القول بأن الجروح من أنواع الاصابات وليس العكس – وفقا لـ"وهيب".
أولا: تقييم الجروح والاصابات:
يعتمد تقييم الإصابات والجروح أساسا على دراسة المشاهدات الحسية للحقائق العلمية التي يحددها الطبيب الشرعي بالمعاينة الطبية والفحوصات المخبرية والشعاعية، وبالقدر الذي تدون فيه المشاهدات دقة وتفصيلا كلما كان التقييم أقرب للحقيقة، إذ أن الهدف من التقييم يتمثل في تحديد أمرين هامين :
1-مدى تأثير هذه الاصابة على صحة الانسان وحياته.
2-تحديد ظروفها سواء كانت جنائية أو عرضية أو انتحارية أو مفتعلة.
تحديد مدى الإصابات والجروح على صحة الإنسان
أما بالنسبة لتحديد مدى الاصابات والجروح على صحة الإنسان وحياته فإن ذلك يدلل - من حيث طبيعة الإصابة أو الإصابات – على مدى ما يترتب عليها من تعطيل عن العمل أو تخلف عاهة دائمة، ومدى خطورتها على الحياة، بما يعبر عنه بالإصابة البسيطة أو الخطيرة أو القاتلة والتي يقابلها إلى حد ما بما يعبر عنه الاطباء بالحالة العامة للمصاب - جيدة أو متوسطة أو سيئة - إلا أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن كون الحالة العامة سيئة أو متوسطة لا يعني بالضرورة أن تكون الاصابة قاتلة أو خطيرة، وذلك لأن سوء الحالة أو خطورتها قد يكون لأسباب مرضية في حين تكون الإصابة بسيطة .
بالنسبة لموقع الاصابة من الجسم ونوع الاداة أو السلاح الذي تسبب بها
أما من حيث موقع الاصابة من الجسم ونوع الأداة أو السلاح الذي تسبب بها وعلاقة أي منهما أو كليهما بطبيعة الإصابة، فإن التقييم لأي منها أو جميعها يكون في محصلة علاقتها معا دون استثناء أو استبعاد لأي منها، فقد تحدث الوفاة نتيجة أداة غير قاتلة أو نتيجة إصابة في موقع لا يعتبر مقتلا، وبالمقابل فإن الوفاة قد لا تحدث بالرغم من أن الاصابة من شأنها أن تؤدي في العادة إلى الوفاة أوانها في موقع قاتل من الجسم ونتجت عن سلاح قاتل، وهذا بالطبع لا يغير أبدا من كون الاصابة قاتلة .
بالنسبة لتحديد ظروف الإصابات من خلال الإصابات والجروح
أما بالنسبة لتحديد ظروف الاصابات من خلال الاصابات والجروح ذاتها فإن وجود جروح تدل على المقاومة كالجروح القطعية في اليد أو اليدين نتيجة القبض على نصل السلاح وتعدد الاصابات في الجسم، بالإضافة إلى موقعها بعيدا عن متناول يد المصاب، يدلل على أن الاصابة جنائية، كما أن انتفاء وجود أي آثار لعلامات قرب إطلاق النار ينفي أن يكون الاطلاق انتحاريا أو عرضيا من نفس المصاب أو المتوفي.
في حالات ذبح العنق
أما في حالات ذبح العنق، فإن مستوى الجرح في الجلد وما تحته من الأنسجة بالإضافة إلى وجود جروح ترددية عند بداية القوة المستعملة أو علامات مقاومة أو عدم وجودها ..... الخ، يساعد في بيان ما إذا كان الذبح جنائيا أو انتحاريا إلى غير ذلك من الأمثلة.
ثانيا: المعاينة الطبية للإصابات والجروح
من كل ما تقدم، نجد أن مهمة الطبيب تتجه إلى تحديد الأمور التالية أثناء المعاينة الطبية للإصابات وفي كتابة التقرير عنها:
مواصفات الإصابة: وتشمل بيان نوعها وعددها وشكل وأبعاد وموقع كل منها، وما علق بها من الاداة أو السلاح المستعمل.
1-اتجاه الاصابة في الجسم واتجاه القوة المستعملة ومداها.
2-عمر الاصابات مع مقارنته بتاريخ ووقت الحادث أو الاعتداء.
3-مواصفات الاداة أو السلاح المستعمل.
4-المضاعفات المتوقعة للإصابات.
5-المدة اللازمة للشفاء والمدة اللازمة لتعطيل المصاب عن عمله.
6-امكانية تخلف عاهة دائمة.
7-مدى تأثير الإصابات على الحالة الصحية للمصاب أو حياته.
8-في حالات الوفاة: هل وقعت الاصابات قبل الوفاة أو بعدها.
9-هل تدخلت أسباب أخرى أدت إلى الايذاء أو القتل.
10-هل هناك أكثر من متسبب في الايذاء أو القتل.
ثالثا: طبيعة الجروح والاصابات:
تنقسم الجروح والاصابات من حيث طبيعتها إلى:
1-الجروح أو الاصابات البسيطة: هي التي لا تشكل في العادة خطرا على حياة المصاب، وأنه في حالة حدوث الوفاة منها يكون مدعاة للاستغراب لعدم توقعه.
2-الجروح أو الاصابات الخطيرة: هي التي تهدد حياة الانسان بالموت، إلا أن نجاة الانسان من الموت منها هو الغالب وأن كان احتماله قائما ومتوقعا.
3-الجروح أو الاصابات القاتلة: هي التي من شأنها أن تؤدي في العادة إلى الوفاة، وأن نجاة الانسان من الموت منها يكون مدعاة للاستغراب لعدم توقعها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة