بشكل مفاجئ، استقال الرجل الثانى في حركة النهضة – إخوان تونس، محدثا حالة من الارتباك وخاصة بعدما فضح التنظيم وكشف المستور، فيما سيطرت حالة من الارتباك على الجماعة بتونس مؤكدين أنهم سيحاولون "اثناءه عن الاستقالة.
وتقدم والبرلمانى التونسى عبد الحميد الجلاصي باستقالته رسميا اليوم الخميس من الحركة التي كان يشغل عضوية مجلس الشورى فيها، مؤكدا أن المنظومة الحزبية في تونس عموما، بما فيها النهضة، أصبحت مريضة وباتت عبئا على البلاد.
وقال عبد الحميد الجلاصى، والمعروف بأنه الرجل الثانى في حركة النهضة في تصريحات صحفية اليوم الخميس إن قرار الاستقالة من الحركة وإعلانه عنها، جاء بعد استيفائه لمحاولة الإصلاح من الداخل، موضحا أن سبب استقالته يعود أساسا إلى تخلي النهضة عن مبادئها.
وانتقد الجلاصي ما وصفه بمحاولات إيجاد صيغ للتجديد لراشد الغنوشي (رئيس الحركة ورئيس البرلمان التونسي) على رأس النهضة، معتبرا أن ترأس شخص لحزب أو لدولة أو لأي هيكل لـ 50 سنة لم يعد أمرا ممكنا وأن بقائه طيلة هذه المدة (منذ عام 1969) يفتح الباب نحو ثقافة البلاط وبالتالي الفساد.
وأكد أن النهضة ليست ديمقراطية في داخلها، وأن ذلك سينعكس سلبا على البلاد باعتبارها الحزب الأول، وقال إنه آن الأوان لأن تتنحى الأجيال القديمة وتفسح المجال للأجيال الجديدة، مشيرا إلى ضرورة إعادة التفكير في الصيغة الهرمية للأحزاب من أجل خلق أحزاب تشاركية.
واعتبر القيادى "الجلاصي" ان قيادات النهضة تتصرف في الدولة بمنطق الغنيمة، مضيفا :" "قاعد نشوف في قيادات النهضة تتصرف في الدولة بمنطق الغنيمة" ، معتبرا ان 52 نائبا في البرلمان هو نتيجة حزب تجنب الهزيمة و لم ينتصر.
و اضاف الجلاصي ان المنظومة الجزبية التونسية في مجملها مريضة و أصبحت عبء على البلاد ، لافتا الى توظيف ثقافة الجماعة للتحكم في الحزب في حركة النهضة مؤكدا ليس هناك رئيس دولة او حزب او منظمة في العالم يحكم لمدة 50 سنة.
و شدد الجلاصي بالقول " انا لا يمكن أن أكون شاهد زور على مسرحية سمجة".
كما أوضح أن من بين الأسباب عدم رضاه على التسيير المؤسساتي للحركة وعن خياراتها السياسية إضافة إلى تموقعها الإجتماعي و الديمقراطي مؤكدا أن الديمقراطية صلب حركة النهضة مهددة.
نص الاستقالة
وقال "الجلاصى في نص استقالته يمكن لحركتنا ان تفخر انها اكثر الكيانات السياسية و الاجتماعية التي شهدت حراكا داخليا منذ الثورة ،فقد وضع كل شيء على طاولة التداول مرة بالتدرج ،و أخرى بالانزلاق ،و بالتجربة و الخطأ ودون سابق تخطيط في كثير من الأحيان ، ومن أسباب هذه الحركية القابلية الذاتية و تغير الموقع ،فانتخابات 2011 اتاحت لنا الفرصة للانتقال من جماعة مقاومة و احتجاج الى حزب حكم في مرحلة ما بعد ثورية .
وتابع :" كان الرأي العام الوطني شاهدا على كثير من المخاضات ،وكان الراي العام النهضوي مشاركا او شاهدا على عدد من السجالات الاخرى ،و كانت بعض القضايا موضوع حوارات داخل نخبة الحركة ،في المؤسسات او على هامشها، وخلال ذلك لم يكن خروجنا من السرية سهلا لاعتبارات ثقافية ونفسية (وحدة الحركة والخوف من “التنازع وذهاب الريح “)،و لاعتبارات سياسية او سلطوية ايضا .اذ ان السرية تخدم دائما صورة ما،هي الصورة التي تتكرس نتيجة السرية في جماعة ذات خلفية دينية .
وأضاف :" من حق التونسيين ان يطلعوا على الادبيات التي تعكس هذا الحوار او التدافع في نصوص رسمية او شبه رسمية اعدت استعدادا للتاسع ثم للعاشر ولكن ايضا في مقاربات شخصية او جماعية لعدد من فعاليات الحركة تناولت قضايا فكرية وسياسية و استراتيجية و تنظيمية .فالاحزاب ملكية عمومية ، مشكلة النهضة لم تكن يوما في الافكار بل في ادارة الأفكار، ومشكلة النهضة لم تكن يوما في الموارد و انما في ادارة الموارد .
وتابع :"خلال هذه السنوات تراكمت ادبيات كثيرة فردية (نشرت شخصيا سلسلة من حوالي مائة و عشرين مقالا في عدد من المجموعات الداخلية و ساهمت بمداخلات كثيرة مكتوبة في دورات مجلس الشورى و صغت او ساهمت في صياغة عدد من الوثائق لادارة حوارات ثنائية او جماعية حول تشخيص اوضاع الحركة مسالك الاصلاح و فضاءاته وبيداغوجيته منذ صائفة 2016 تحت سقف قوانين البلاد وقوانين الحركة و ما تتيحه من فرص وخيارات )واطلعت على عشرات المقاربات التي نشرها أصحابها في الفضاء الالكتروني او شرفوني بالاطلاع عليها .هذه المدونة متوفرة و قد يكون مفيدا نشرها كي نخرج نهائيا من هوس التنظيم السري ورهاب المؤامرة التي توظفها و تستفيد منها منظومة حوكمة تجاوزها الزمن و ليس لها من سلاح لتأبيد سيطرتها سوى التخويف من المؤامرات داخل التنظيم و في البلاد في المنطقة.
وتابع :" الخلاصة التي اصل اليها اليوم انه تم استنزاف الرصيد الاخلاقي والقيمي و الأركان التأسيسية مثل الصدق والاخلاص والتجرد والايفاء بالتعاقدات و الديموقراطية والانحياز الاجتماعي والتحرر الحضاري و النبض التغييري، لقد تم الزج بالنهضة في السيستام و هو يحتاجها ،لانه منذ سنة 2011 يبحث عمن يرث الفراغ الذي تركه التجمع الدستوري الديموقراطي ،فراهن على النداء و لكن الباجي خذله بانحيازه الى ابنه و راهن على الشاهد فخذله بتسرعه و ليس لديه اعتراض على النهضة ان تخلت عن شحنتها التغييرية وهي بصدد التحول الى حزب ما يطلبه المستمعون دون تجذر قيمي و لا اجتماعي و كل شيء قابل للمقايضة من اجل ان نبقى نحن محور العملية السياسية و لكن من اجل اي رؤية و من اجل اي مشروع ؟
أول تعليق على الاستقالة من الإخوان
وفى أول رد على الاستقالة، أكد المتحدث بإسم حركة النهضة عماد الخميري في تصريح أن الحركة ستأخذ بعين الإعتبار أسباب إستقالة القيادي في الحركة عبد الحميد الجلاصي وستحاول إثناءه عنها.
وشدد الخميري على أن الحركة تكنّ تقديرا كبيرا الجلاصي، مرجعا ما عبّر عنه في نص استقالته من تباينات يعود إلى ''الظرف الذي تمر به البلاد والحركة''.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة