ليلة الإسراء والمعراج تبدأ مع مغرب يوم السبت 21 مارس و تنتهى مع فجر يوم الأحد 22 مارس، والرحلة المقدسة فيها من الدروس والعبر ما نحن بحاجة إليه الآن مثل حسن التوكل على الله والأخذ بالأسباب، غير أن الدرس الأعظم فيها هو ترقب الفرج فى كل شدة، لأن المحن تتبعها المنح، وعلينا أن نسعى بالجد والاجتهاد والعمل لتحصيل ثمار الكد والصبر عليه، فمعجزة الإسراء والمعراج، أكدت أن على المسلمين عامة وعلى أولى الأمر خاصة أن يصبروا وأن يحملوا غيرهم على الصبر.
الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، اشار إلى أن هذه الذكرى العطرة نوهت بثقة النبى صلى الله عليه وسلم بنصر الله وصبره على البلاء، لافتًا النظر إلى أن جذور الأقصى ستظل راسخة فى قلوب المسلمين وضمائرهم، لأنه قضيتنا التى لن تغيب عن اهتمامنا ما دمنا نقرأ قول الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، فالأقصى جزء لا يتجزأ من المقدسات الإسلامية، انتهى إليه إسراء نبينا ومنه بدأ معراجه إلى السموات العلى، ثم إلى سدرة المنتهي.
وإحياءُ المسلمِ ذكرى الإسراءِ والمعراجِ بأنواع القُرَب المختلفة أمرٌ مُرَغَّبٌ فيه شرعًا؛ لِمَا فى ذلك من التَّعظيمِ والتَّكريمِ لنبى الرَّحمة وغوث الأمَّة سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، والمشهور المعتمد من أقوال العلماء أن الإسراء والمعراج وقع فى شهر رجبٍ الأصمِّ، وقد حكى الحافظ السيوطى ما يزيد على خمسة عشر قولًا؛ أشهرُها: أنه كان فى شهر رجب.
فاحتفال المسلمين بذكرى الإسراء والمعراج فى السابع والعشرين من شهر رجب، بشتَّى أنواع الطاعات والقربات، هو أمرٌ مشروعٌ ومستحب؛ فرحًا بالنبى صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمًا لجنابه الشريف، وأما الأقوال التى تحرم على المسلمين الاحتفال بهذا الحدث العظيم بشتى وسائل الفرح المباحة فهى أقوالٌ فاسدةٌ وآراءٌ كاسدةٌ لم يُسبَقْ مبتدِعوها إليها، ولا يجوز الأخذ بها ولا التعويل عليها.
الإسراء والمعراج معجزة اختص الله بها النبى الكريم صلى الله عليه وآله وسلم تكريمًا له وبيانًا لشرفه صلى الله عليه وآله وسلم وليطلعه على بعض آياته الكبرى؛ قال الله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، وقال تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ۞ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ۞ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۞ أن هُوَ إِلَّا وَحْى يُوحَى ۞ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ۞ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ۞ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ۞ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ۞ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ۞ فَأَوْحَى إلى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ۞ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ۞ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ۞ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ۞ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ۞ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ۞ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ۞ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ۞ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾.
وقد اتفق جمهور العلماء على أن الإسراء حدث بالروح والجسد؛ لأن القرآن صرَّح به؛ لقوله تعالى: ﴿بِعَبْدِهِ﴾ والعبد لا يطلق إلا على الروح والجسد، فالإسراء تحدث عنه القرآن الكريم والسنة المطهرة، ويمكن للسائل أن يراجع الأحاديث التى وردت فى مظانها، وأما المعراج فقد وقع خلاف فيه هل كان بالجسد أم بالروح -أى رؤيا منامية-، وجمهور العلماء من المحققين على أن المعراج وقع بالجسد والروح يقظة فى ليلة واحدة، وما يراه بعض العلماء من أن المعراج كان بالروح فقط أو رؤيا منامية فإن هذا الرأى لا يعوَّل عليه؛ لأن الله عز وجل قادرٌ على أن يعرج بالنبى صلى الله عليه وآله وسلم بجسده وروحه كما أسرى به بجسده وروحه.
وإذا كان القرآن الكريم قد تحدث عن الإسراء صراحة وعن المعراج ضمنًا، فإن السنة جاءت مصرحة بالأمرين الإسراء والمعراج.
الرسول الكريم قد أُسْرِى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا بروحه وجسده جميعًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة