لازالت ردود الأفعال مستمرة حول مشروع القانون المٌقدم من الحكومة لمجلس النواب بشأن "بعض شروط شغل الوظائف أو الاستمرار فيها"، والخاص بفصل الموظف المتعاطي للمخدرات من الجهاز الإداري للدولة؛ خاصة بعد أن وافقت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، من حيث المبدأ على مشروع القانون، فيما أجلت مناقشة مواد مشروع القانون لجلسة لاحقة.
والواقع أن البرلمان انقسم حول الفصل الفوري والمباشر للموظف المدمن متعاطي المخدرات أو التدرج في العقوبة بوقفه عن العمل، لحين علاجه، ثم فصله في حالة العودة للتعاطي مرة أخرى، كما أن المحكمة الإدارية العليا - دائرة التأديب – أرست مبدأَ لحسم أزمة فصل الموظفين المتعاطين للمخدرات، حيث طالبت من مجلس النواب إصدار قانون يلزم الجهاز الإداري للدولة بإجراء تحاليل دورية للكشف عن المخدرات مهما بلغت الدرجة الوظيفية إما بالإقصاء أو الأدواء لإسراع الخطى، داعيا لعقاب ليس المتعاطي فقط بل ومن يساعده على الوقوع فيه أو يسهل له ذلك.
هل يجوز فصل العامل لمجرد تعاطيه المخدرات؟
المحكمة الإدارية العليا كشفت أن هناك خط رفيع بين العلاج بالترامادول وبين الكيف لموظفي الدولة، وكشفت عن ضرورة وقف سيل الشهادات الصادرة من معامل الدم بالمستشفيات المختصة التي يوقعها إداريين على غير الحقيقة لهروب المتعاطين من المسئولية.
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية قرارات فصل الموظفين التي صدرت خلال الفترة الماضية من عدد من الشركات والمؤسسات بعد أن دأبت بعض الشركات على أن إخضاع العامل لتحليل المخدرات وعند ثبوت إيجابية العينة تقوم بإنهاء خدمته – بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض يحيى سعد جاد الرب.
شروط فصل العامل لتعاطيه المخدرات
في البداية - لما كان ما انتهجته هذه الشركات التي أصدرت قرارات الفصل بحجة تعاطى موظفيها المخدرات بمثابة مخالفة للقانون حيث أنه لا يجوز فصل العامل لمجرد أنه ثبت من التحليل سبق تعاطيه المخدرات، كما أن المشرع اشترط لصحة قرار الفصل أن يكون العامل فى أثناء العمل فى حالة سكر بين أو متأثرا بما تعاطاه من مادة مخدرة أثناء عمله، ذلك أن المادة 69 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 قد جرت على أنه:
لا يجوز فصل العامل إلا إذا ارتكب خطأ جسيما، ويعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الحالات الآتية منها: "إذا وجد العامل أثناء ساعات العمل في حالة سكر بين أو متأثرا بما تعاطاه من مادة مخدرة..."، ومن ثم فإنه يجب لصحة قرار الفصل أن يكون تناول المخدر قد أثر على قوى العامل العقلية والنفسية، بحيث لم يعد في حالته الطبيعية من حيث الإدراك والتصرف، أثناء العمل، وبالتالي فإن قرار الفصل مرتبط بكون العامل فى غير حالته الطبيعية أثناء العمل وتعاطى المخدرات بمفرده لا يوجب إنهاء خدمته – وفقا لـ"جاد الرب".
لا يكفى السكر البسيط
ومن المقرر فقها أنه إذا وجد العامل أثناء ساعات العمل في حالة سكر بين أو متأثراَ بما تعاطاه من مادة مخدرة، فإن ذلك يعد خطأ جسيماَ يبرر فصله، والسكر الذى يبرر الفصل هو السكر البين أى الواضح فلا يكفى السكر البسيط، ويراعى في ذلك مدى ما تتطلبه طبيعة العمل من يقظة وانتباه من جانب العامل ولا يهم الوقت أو المكان إلى تعاطى فيه العامل المسكر أو المخدر طالما كان السكر واضحاَ أو كان أثر المخدر قائماَ وقت العمل، وقد حدا المشرع إلى جعل هذه الحالة من صور الخطأ الجسيم الذى يبرر الفصل أن من شأن وجود العامل في هذه الحالة ما يؤثر على أداء العامل وتشويه سمعة المنشأة".
حكم محكمة الخانكة عن الأزمة
وهو ما قضت به محكمة الخانكة الكلية فى الدعوى المقيدة برقم 77 لسنة 2019 عمال العبور، بعد أن وقد تبين لإدارة الشركة من خلال الكشف الطبي وإجراء التحاليل الطبية على العاملين بها أن المدعى يتعاطى المخدرات، وقامت الشركة المدعية بالتحقيق معه إداريا، وقالت المحكمة فى حيثيات الحكم أنه من المقرر بنص المادة 69 من ذات القانون أنه: "لا يجوز فصل العامل إلا إذا ارتكب خطأ جسيماَ، ويعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الحالات الأتية: "فى أول دعوى قضائية.. محكمة ترفض قرار فصل عامل عن العمل بعد إثبات تعاطيه "المخدرات".
وبالنسبة لتناول المواد المخدرة يجب أن يكون ذلك قد أثر على قوى العامل العقلية والنفسية، بحيث لم يعد فى حالته الطبيعية من حيث الإدراك والتصرف، واستطردت المحكمة قائلة أن عينة التحليل المأخوذة من الموظف المطلوب فصله، رغم ثبوت إيجابيها لتعاطي مادة الحشيش المخدر، إلا أن درجة تأثير هذا المخدر جاءت سلبية في التحليل نفسه، ومن ثم يكون ما تطالب به الشركة غير قائم على سند قانوني صحيح وتقضي معه المحكمة بالرفض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة