مسألة عقود البيع والتوكيلات من المسائل الشائكة بين البائع والمشترى خاصة فى سوق العقارات، حيث تتمثل خطورة الشراء بتوكيل فقط دون تحرير عقد بيع ابتدائي موقع عليه من البائع باستلامه الثمن، وكثيراَ ما أكدنا أنه ليس معنى عمل توكيل بالبيع أن البيع قد انعقد بالفعل أو تم سداد الثمن في الوقت الذي يكتفى فيه المتعاملين بعمل توكيل بالبيع للنفس أو للغير دون تحرير عقد بيع ابتدائي يتم فيه إثبات سداد الثمن.
كارثة الاكتفاء صراحة بالتوكيل بالبيع للنفس أو للغير دون تحرير عقد بيع ابتدائي
وإشكالية الاكتفاء بالتوكيل بالبيع للنفس أو للغير دون تحرير عقد بيع ابتدائي تعتبر في غاية الخطورة، فليس معنى عمل توكيل بالبيع أن البيع قد انعقد أو تم سداد الثمن هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فقد يقوم البائع بعمل توكيل آخر لشخص آخر عن ذات العين ويبيع لنفسه ويقوم بتسجيل عقده قبل أن يقوم الأول بتحرير عقد بيع لنفسه، وبذلك تكون الأفضلية للذي سجل عقده.
خطورة عدم ذكر الثمن في التوكيل بالبيع
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية تهم ملايين المواطنين البائع والمشترى على حد سواء وخاصة في سوق العقارات، حيث يوضح التقرير عن مبدأين قضائيين، لابد من وضعهما في عين الاعتبار وحفظهما عن ظهر قلب الأول هو أن عدم ذكر ثمن المبيع في التوكيل بالبيع يؤدى لبطلان عقد البيع حتى ولو تم تسجيله، وذلك عند منازعة البائع في الثمن، أما الثاني فالتوكيلات التي تصدر للبنوك بالبيع للنفس أو للغير ضمانا لمديونية لا ينعقد بها البيع – بحسب الخبير القانوني والمحامي محمد ميزار.
في البداية، فإنه بشأن بطلان عقد البيع لعدم الاتفاق على الثمن أو عدم قابليته للتحديد، فإن الثمن فى عقد البيع يُعد ركناً أساسياً وعدم الاتفاق عليه صراحة أوضمناً بين المتعاقدين أو قابليته للتحديد يكون أثره بطلان العقد طبقاَ للمواد 418، 423، 424 مدنى، وركن الثمن فى عقد البيع أمراَ وجوبياَ تثبت قاضى الموضوع من توافره.
عدم ذكر ثمن المبيع في التوكيل بالبيع يؤدى لبطلان عقد البيع
كما أن الثمن هو ركن أساسي من أركان عقد البيع، فإذا انعدم الثمن انعدم البيع ولم نكن بصدد عقد بيع، والقاعدة أن الثمن يُعد ركن من أركان العقد وأن عدم ثبوت سداده يؤدى إلى تخلف ركن من أركان العقد وعدم انعقاد العقد من الأساس، وفى هذا المعنى تقول محكمة النقض أن:- "الثمن ركن جوهرى من أركان عقد البيع لا يتم عقد البيع بدون الاتفاق عليه، ومن المُقرر فى قضاء النقض أن نص المادة 418 من القانون المدني يدل على أن المُشرع جعل الثمن ركناً أساسياً فى عقد البيع لا ينعقد بدونه باعتباره محلاً لالتزام المشترى"، وذلك طبقا للطعن رقم 948 لسنة 53 ق جلسة 27/11/1986 – وفقا لـ"ميزار".
الوكيل يلتزم بأن يقدم للموكل بعد انتهاء تنفيذ الوكالة حساباً
ويخلص من هذا النص، أن الوكيل يلتزم بأن يقدم للموكل بعد انتهاء تنفيذ الوكالة حساباً عن ذلك فإذا ما أتم الوكيل تنفيذ الوكالة، وجب عليه أن يقدم حساباً عنها للموكل، ويجب أن يكون حساباً مفصلاً، شاملاً لجميع أعمال الوكالة ومدعماً بالمستندات، حتى يتمكن الموكل من أن يستوثق من سلامة تصرفات الوكيل والحساب الذي يقدمه الوكيل يدرج فيه ما للموكل وما عليه، كما يلتزم الوكيل برد ما قبضه للموكل بعد أن يقدم الوكيل الحساب للموكل ويلتزم أيضا بالفوائد عملا بنص المادة 706 من التقنين المدني والتي تنص على:
1- ليس للوكيل أن يستعمل مال الموكل لصالح نفسه.
2- وعليه فوائد المبالغ التي استخدمها لصالحه من وقت استخدامها، وعليه أيضا فوائد ما تبقى فى ذمته من حساب الوكالة من وقت أن يعذر ويقوم مقام الإنذار رفع الموكل دعوى على الوكيل بتقديم الحساب مع دفع الرصيد المتبقي في ذمة الوكيل ولو لم يكن هذا الرصيد معلوم المقدار.
ويحق للموكل مطالبة الوكيل بتقديم كشف حساب عما قام به من أعمال بالتوكيل موضوع الدعوى ورد ثمن المبيع الذي باعه لنفسه، ومن ثم يجب تحرير عقد بيع يتم فيه إثبات أن المشترى قام بسداد الثمن للبائع بالإضافة إلى التوكيل حتى لا يرجع عليه البائع بالثمن مرة أخرى.
رأى محكمة النقض في الأزمة
محكمة النقض فى الطعن رقم 7201 - لسنة 78 قضائية قضت بإلغاء حكم رفض القضاء ببطلان عقد بيع مسجل، لأن البيع تم بتوكيل لم يذكر فيه الثمن ونازعت البائعة – الموكلة - فى البيع والثمن، وقالت محكمة النقض فى حيثيات حكمها إن مما تنعاه على الحكم إنها تمسكت بأن الوكالة التي أبرمتها هي في حقيقتها ضمانا لوفائها بمديونيتها تجاهه، وليست ترخيصا له بالبيع، إلا أنه قام بموجب هذه الوكالة ببيع شقة النزاع لنفسه بالعقد المسجل برقم 710 لسنة 1999 شهر عقاري الجيزة وبثمن بخس لم يتفق عليه صراحة أو ضمنا، بما يبطل هذا العقد لانعدام ركن الثمن بعدم تحديده.
لماذا يكون البيع باطلا حال عدم ذكر الثمن في العقد؟
ووفقا لـ "المحكمة" - أن مفاد نصوص المواد 418، 423، 424 من القانون المدني أنه إذا لم يتفق المتعاقدان صراحة ولا ضمنا على تحديد الثمن أو على جعله قابلا للتحديد ببيان الأسس التي يحدد بمقتضاها، فإن البيع يكون باطلا لفقده ركنا أساسيا من أركانه، لما كان ذلك، وكان من المقرر – أن على قاضي الموضوع التثبت من توافر ركن الثمن في عقد البيع، وأن يورد ما يجريه من هذا التثبت في أسباب حكمه ليقوم هذا الإيراد شاهدا على أنه لم يغفل أمر هذا الركن من أركان العقد المنازع فيه.
لما كان ذلك، وكان الثابت من واقع الدعوى أن ركن الثمن في البيع موضوع التداعي كان مثار منازعة من الطاعنة على النحو الوارد بوجه النعي، لعدم الاتفاق عليه صراحة أو ضمنا، فإن الحكم المطعون فيه إذ أورد في مدوناته في معرض الرد على هذه المنازعة مجرد القول بأن الثابت من الاطلاع على التوكيل العام رقم 1912/أ توثيق الأهرام النموذجي - سند الدعوى - الصادر من الطاعنة إلى البنك الذي يمثله المطعون ضده الأول بصفته، أنه تضمن النص في البند الثالث منه على أحقية الأخير في البيع لنفسه وللغير، وقبض الثمن لنفسه..، وأن الطاعنة لم تشترط في هذا التوكيل ثمنا معينا، أو سبق موافقتها على البيع، أو عدم إتمامه إلا إذا ثبتت مديونيتها للبنك، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعنة السالف بيانه ولا يصلح ردا عليه، وإذ رتب الحكم على ذلك قضائه بتأييد الحكم المستأنف برفض دعواها ببطلان ذلك البيع على سند من أن تصرف البنك المطعون ضده الأول - كوكيل – ببيع الشقة المملوكة للطاعنة لنفسه، كان في حدود هذه الوكالة، وأن العقد قد تم صحيحا، فإنه يكون قد ران عليه القصور المبطل، بما يوجب نقضه في هذا الخصوص، طبقا للطعن رقم 7201 - لسنة 78 قضائية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة