أصدرت محكمة الأسرة – دائرة الولاية على النفس – حكماَ قضائياَ فريداَ من نوعه بطاعة الزوجة ورفض الاعتراض المقدم من الزوجة يعقبها دعوى ثبوت نشوزها، وذلك بعد أن أثبتت المحكمة أن شهادة الشهود هي والعدم سواء لم يعتد بها لأنها جاءت تسامعية وليست رأى العين، وأن تقرير المعاينة أثبت أن مسكن الزوجية شرعي ومستوفى للشروط، الأمر الذى يكون معه اعتراض المعترضة قد جاء بغير سند وأن تركها لمسكن زوجها كان بغير مبرر يقبله الشرع أو القانون.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 1907 لسنة 2019 أسرة مركز بنها، برئاسة المستشار سامح عبد الرازق، وعضوية المستشارين وليد عبد الهادى، وحسام صفوت، وبحضور وكيل النيابة اسلام منير، وسكرتارية رامى جمال.
الوقائع
تتحصل وقائع الدعوى في أن المعترضة اقامتها بموجب صحيفة مستوفاة أودعتها قلم كتاب المحكمة في 10 سبتمبر 2018 أعلنت للمعترض ضده إعلاناَ قانونياَ، للحكم أولاَ: الحكم بقبول الاعتراض شكلاَ، ثانياَ: وفى الموضوع بعدم الاعتداد بإنذار الطاعة المؤرخ 8 سبتمبر 2018، واعتباره كأن لم يكن، وذلك على سند من القول بأنها زوجة المعترض ضده، وبتاريخ 8 سبتمبر 2018 تسلمت منه إنذاراَ يدعوها للدخول في طاعته، إلا أنها تعترض على الدخول في طاعته لأسباب كالتالي:
لماذا رفضت الزوجة الدخول في طاعة زوجها؟
حاصلها عدم شرعية مسكن الطاعة، وأن المعترض ضده غير أمين عليها نفساَ ومالاَ وتعدى عليها بالضرب والسب وامتنع عن الإنفاق عليها وأستولي على مصوغاتها وبدد منقولاتها، مما حدا بها لإقامة الدعوى الراهنة ابتغاء القضاء لها بطلباتها آنفة البيان، وقدمت سنداَ لدعواها حافظة مستندات طويت من بينها على صورة إنذار الطاعة سند الدعوى المؤرخ 8 سبتمبر 2018، وصورة ضوئية زواجهما طالعتها المحكمة وألمت بها عن بصر وبصيرة، حيث تقدمت – قبل رفع الدعوى – بطلب إلى مكتب تسوية المنازعات المختص لتسوية النزاع موضوع الدعوى ودياَ، ولم تسفر جهود ذلك المكتب عن تسوية النزاع.
ندب خبير لمعاينة مسكن الطاعة
وتداولت المحكمة نظر الدعوى على النحو المبين بمحاضرها ومثل فيها الطرفين كلا بوكيل عنه – محام – كما مثل المدعى عليه بشخصه، والمحكمة عرضت الصلح فرفض، وأودع الخبيرين تقريرهما، وأودعت النيابة مذكرة برأيها طالعتهم المحكمة، وألمت بهم عن بصر وبصيرة، وقررت حجز الدعوى ليصدر فيها الحكم بجلسة 28 يناير 2019، وفيها قضت بقبول الاعتراض شكلاَ وندب الخبير لمعاينة مسكن الطاعة على نحو ما جاء بمنطوق ذلك الحكم التمهيدى الذى نحيل إليه درءاَ للتكرار، ونفاذا لذلك القضاء وردت المعاينة بشرعية المسكن واستيفائه للشروط اللازمة طالعتها المحكمة وألمت بها، وقررت حجز الدعوى ليصدر فيها الحكم بجلسة 31 مارس 2019 وفيها قضت المحكمة بإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت المدعية أسباب اعتراضها على الدخول في طاعة زوجها.
كيف جاءت شهادة الشهود تسامعية؟
وبجلسات التحقيق مثل كل من عاطف متولى، وإبراهيم غنيم شاهدا المعترضة وشهد الأول بأن خال المعترضة أخبره أن المعترض ضده ممتنع عن الإنفاق على المعترضة وأضاف أن شقيقه قام بسبها وأنه لم يشاهد تعدى من المعترض ضده على المعترضة وأن منقولاتها بمسكن الزوجية وأن المعترض ضده غير أمين عليها، بينما شهد الثانى بأن والد المعترضة أخبره أن المعترض ضده ممتنع عن الانفاق على المعترضة، وأضاف أن شقيقه تعدى عليها وأنه لم يشاهد تعدى المعترض ضده على المعترضة ولا يعلم بشأن منقولاتها الزوجية ومصوغاتها الذهبية، وقرر أن المعترض ضده غير أمين عليها.
واستمعت المحكمة لكلا من محمد مصطفى، وكامل يسن شاهدا المعترض ضده حيث شهد الأول بنشوب خلافات بين الطرفين وأنه سعى للصلح بينهما، وأضاف أنه لم يشاهد المعترض ضده يتعدى على المعترضة، وأن المنقولات الزوجية بحوزته بمسكن الزوجية، ولا يعلم بشأن المصوغات الذهبية، وتم إنهاء إجراءات التحقيق وإعادة الدعوى للمرافعة، وقدم وكيل المعترضة حوافظ المستندات المطلوبة لدى المحكمة.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى – لما كانت الفقرات الأولى والثانية والرابعة من المادة 11 مكرر ثانياَ من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون 100 لسنة 1985 قد نصت على أنه: "إذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجة من تاريخ الامتناع، وتعتبر ممتنعة دون حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة بإعلان على يد محضر لشخصها أو من ينوب عنها، وعليه أن يبين في هذا الإعلان المسكن، وعلى المحكمة عند نظر الاعتراض أو بناء على طلب أحد الزوجين التدخل لإنهاء النزاع بينهما صلحاَ باستمرار الزوجية وحسن المعاشرة".
رأى محكمة النقض في مسألة الطاعة
والمقرر في قضاء محكمة النقض أنه ولئن كانت الطاعة حقا للزوج على زوجته إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الزوج أميناَ على نفس زوجته ومالها، فلا طاعة له عليها إن هو تعمد مضارتها بأن أساء إليها بالقول أو بالفعل أو استولى على مال لها دون وجه حق ويجب إثبات هذه المضرة الرجوع إلى أرجح الأراء في مذهب أبى حنيفة وهى أن كانت توجب أن تكون البينة من رجلين أو رجل وامرأتين إلا أنه يجب في ثبوت إضرار الزوج بزوجته إضراراَ يدل على عدم أمانته على نفسها أو مالها أن تتفق شهادة الشهود على إيذاء الزوج زوجته على نحو معين تتضرر منه دون أن يشترط لذلك ان تنصب شهادتهم على كل واقعة من الوقائع التي تشكل هذا الإيذاء باعتبار أنها ليست بذاتها مقصود الدعوى بل هي تمثل في مجموعها سلوكاَ تتضرر منه الزوجة ولا يقره الشرع، وذلك طبقا للطعن رقم 9 لسنة 60 قضائية – أحوال شخصية – جلسة 15 ديسمبر 1993.
كما أنه من المقرر شرعاَ وقضاء أن للزوج على زوجته حق الطاعة، شرطه أن يهيئ لها مسكناَ شرعياَ لائقاَ بحالها، وامتناع الزوجة عن طاعته في المسكن الذى أعده لها، ويكون أثره اعتبارها ناشزاَ – وفقا للطعن المقيد برقم 22 لسنة 62 قضائية – أحوال شخصية – ومن المستقر عليه أيضاَ أن تقرير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مرهون بما تطمئن إليه محكمة الموضوع شرطه ألا تخرج بها عما يؤدى إليه مدلولها ولا يخالف الثابت بالأوراق، ومن المقرر أيضاَ استقلال قاضى الموضوع بتقرير أقوال الشهود اطمئنانه إلى صدق أقوال شاهده مرده إلى وجدانه وشعوره، وذلك طبقا للطعن رقم 788 لسنة 59 قضائية.
المحكمة تدحض حجج الزوجة
ووفقا لـ"المحكمة" – حيث أن المعترضة قد أقامت دعواها ابتغاء القضاء بعدم الاعتداد بإنذار الطاعة سالف البيان بزعم عدم شرعية مسكن الطاعة، وأن المعترض ضده غير أمين عليها نفساَ ومالاَ وتعدى عليها بالضرب والسب وامتنع عن الانفاق عليها واستولى على مصوغاتها وبدد منقولاتها، واستشهدت على ذلك بشاهدين وبإنزال ما تقدم من تأصيل شرعي وفقهي وقانونى ولما كانت المحكمة قد طالعت عن كثب أقوال شاهدي المعترضة فلم يساورها سوى الشك والريبة لما وقفت عليه من عدم إدراكهما أو اتصالهما بواقعة مضارة المدعى عليه لزوجته بأى من حواسهما وأن شهادتهما جاءت تسامعية في شق الانفاق ولم يعاصر أي منهما تعدى من المعترض ضده على زوجته المعترضة، فباتت شهادتهم والعدم سواء لا تعتد بها المحكمة، كما كانت المحكمة قد ندبت خبير لمعاينة المسكن محل الإنذار وأورى تقرير المعاينة أن المسكن شرعى ومستوفى للشروط، الأمر الذى يكون معه اعتراض المعترضة قد جاء بغير سند وأن تركها لمسكن زوجها كان بغير مبرر يقبله الشرع أو القانون وهو ما تركن إليه المحكمة في قضائها لرفض الدعوى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة