فى مخيلة كل إنسان الكثير من المخاوف، تجعله يفكر دائمًا أن الحل يكمن فى الهروب من هذه المخاوف إلى مكان هادئ، حيث لا يوجد أدنى تخوف من أى شيء، وذلك يتحقق فى الأحلام فقط، فحياتنا كلها أشبه بحالة الحرب المستمرة دائمًا وأبدًا، حرب مع ذاتك، أو مع الأخرين، حرب مع كل شيء، وفى أى وقت، ودائمًا يحاول الإنسان جاهدًا الهروب بفكره، وروحه حين تسمح له الفرصة بذلك، ولكنه لا يعى تمامًا أن هروبه من مخاوف يعلمها، أو لا يعلمها يؤدى به أيضًا إلى ميلاد مخاوف جديدة، وأكثر تعقيدًا مما سبق له.
كل يوم يحاول الإنسان أن يهرب من الوضع الذى هو عليه، اعتقادًا منه أنه سوف يلجأ لوضع أفضل مما كان عليه، وأن الحال الذى يكون عليه هو أسوأ حال فلا نكاد نصدق ما نحن فيه، وكأننا فى حلم، فمثلًا المغتربين من جميع دول العالم الثالث يهربون من أوضاع بلادهم، حيث لم يتوفر لهم الإمكانيات المادية، التكنولوجية، أو الفنية لاجتياز حياتهم، وتحقيق ما يحلمون به، وذلك رغبة وسعى منهم فى التقدم، والرقى بحياتهم وحياة أسرهم نحو الأفضل.
وهناك مخاوف مستمرة من تقلبات الطبيعة، أو غير ذلك عن طريق التدخل البشرى، تقلب كل شيء على عاقبيه، على سبيل المثال، وليس الحصر ما نشاهده فى أيامنا الأخيرة من أحداث فى جميع أنحاء العالم، والضربات البيئية، التى هزت بلدان قائمة رأسًا على عقب، مثل فيروس كورونا فى الصين، وغيرها من البلدان.
ونحن ننتظر كل يوم الجديد من المخاوف التى تأتينا دون سابق إنذار، أو تحذير فى بلادنا، أو غيرها من البلدان، ونحن عالقون فى الوسط، ونتمثل فى نقاط وسيطة بين ما نحن فيه، وما نريده، وبين ما يزعجنا وما يطمئنا، وكذلك ننتقل من محطة إلى أخرى.
وهكذا هى الحياة يا صديقى مزيج من الحب، والحنان والاطمئنان، والسكينة، يقابله الكثير من الكراهية، والجفاء، والقلق، والهروب، وسنظل هكذا إلى أن نصل إلى الهروب الأكبر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة