تناولت مقالات صحف الخليج اليوم الجمعة، العديد من القضايا العربية والدولية، ولعل أبرزها إجراءات دول العالم لمواجهة فيروس كورونا القاتل الذى انتقل من مدينة "ووهان" الصينية إلى أغلب دول العالم، وحذرت منظمة العالمية من صعوده خوفا من أن يتحول إلى وباء عالمى.
سلمان الدوسري: عمرة بلا كورونا
سلمان الدوسرى
فى صحيفة الشرق الأوسط كتب سلمان الدوسرى عن إجراءات السعودة لمواجهة فيروس كورونا، قائلا :" منذ انتشار فيروس كورونا المستجد (COVID - 19) فى كثير من دول العالم، انطلاقاً من الصين عالمياً، ومروراً بإيران إقليمياً، والدول تتسابق على اتخاذ الإجراءات لدفع هذا المرض عنها قبل أن يتحول لوباء. إغلاق مدن، إيقاف رحلات جوية، منع مواطنين من السفر من وإلى دول بعينها.
كل هذه الإجراءات وغيرها التى اتخذت، مردُّها الحدُّ من تأثيرات كورونا وعدم اتساع دائرة انتشاره، ومع اتخاذ السعودية قرارها بتعليق دخول المعتمرين مؤقتاً، يمكن القول إن المملكة من الدول النادرة فى العالم التى قامت بإجراءات احترازية صارمة، قبل أن تسجل لديها إصابة واحدة من فيروس كورونا، وهو القرار الذى وجد ترحيباً سريعاً من رئيس أكبر دولة إسلامية فى العالم، إندونيسيا، فالإجراءات السعودية تشير إلى أنها لا تتهاون مطلقاً فى القيام بدورها، ليس فقط حماية لصحة مواطنيها والمقيمين فيها، وإنما أيضاً حماية للعالم من انتشار كارثى ربما نشهده لو ظل موسم العمرة مفتوحاً، واختلط مصابون قادمون من الخارج مع المعتمرين، ومن ثم فإنَّ ما يحدث حالياً حول العالم من انتشار لكورونا سيكون محدوداً، مقارنة بما يمكن أن تسببه حشود يجتمع فيها مئات الآلاف على مدار الساعة فى مكان واحد.
لا شكَّ أن مستوى القلق يتصاعد دولياً من تحول هذا المرض إلى وباء، بل إن الرئيس الفرنسى علق الجرس بإعلانه أن كورونا الجديد تحول فعلاً إلى وباء.
صحيح أن العالم مر عليه العديد من الأمراض المشابهة وانقضت بأقل الخسائر، لكن لا يمكن فى مثل هذه الحالات إلا القيام بأقصى درجات الحيطة والحذر، ومن ذلك أن تظلَّ الإجراءات الاحترازية دائماً فى أعلى مستوياتها طمعاً فى عدم حصول ما هو أسوأ، وهو ما ينبغى على جميع الدول فى العالم أن تقوم بمثل هذه الإجراءات الاحترازية، خاصة فى مناطق تجمعات الحشود، التى يسهل انتقال المرض منها إلى المئات بسرعة مهولة.
السعودية مثلا لديها أفضل أنظمة السيطرة على الحشود، والتى يتم توظيفها بنجاح فى مواسم الحج والعمرة، وحتى فى ظل انتشار العديد من الأمراض فى أوقات سابقة، فقد تمكَّنت السعودية من الإبقاء على هذه الحشود فى معزل من انتشار الأمراض فيها، غير أن هذه المرة من الواضح أن سرعة الانتشار السريع لفيروس كورونا الجديد فيها من المخاطر الشيء الكثير، فى ظل عدم وجود أى مؤشرات تدل على إمكانية الحد من انتشار الفيروس عالمياً، لذا كان القرار بإيقاف العمرة مؤقتاً ومراجعة القرار بشكل مستمر، حتى إذا اطمأن العالم إلى زوال الكورونا والسيطرة عليه، فإن فتح الباب مجدداً يتم فور ذلك.
«أسئلة عديدة ما زالت مفتوحة حول فيروس كورونا، ولا يوجد حتى الآن مؤشر على إمكانية الحد من انتشاره عالمياً»، هكذا يقول تحليل أصدره معهد روبرت كوخ الألماني، ويبدو أن هذه السلالة المتطورة من فيروس كورونا ستعمل على إحداث تأثير عالمي، ليس فقط من حيث المصابين بالفيروس مباشرة، ولكن أيضاً فى الطريقة التى تتعامل بها الدول احترازياً ووقائياً ونجاحها فى ذلك من عدمه، خاصة فى ظل اتهامات لدول بأنها لا تطبق معايير الشفافية وتضلل العالم بحقيقة ما يجرى لديها. فى النهاية دول العالم متصلة بعضها ببعض، ولا يمكن من دون اتخاذها الإجراءات الصحيحة، حتى وإن كانت صارمة وقوية، محاصرة مرض يخشى الجميع أن يتحول قريباً إلى وباء فتاك.
هل يستطيع العراق الخروج من عباءة إيران؟
د. محمد عاكف جمال
وفى صحيفة البيان الإماراتية، تساءل الدكتور محمد عاكف جمال عن الحالة العراقية، قائلا :"مع أن هناك أزمات عديدة تعصف بالواقع السياسى العراقى وتقلق استقراره، إلا أن هناك أزمتان رئيسيتان شخصتهما انتفاضة أكتوبر بدقة ووعى أولاهما انهيار شرعية الطبقة السياسية التى حكمت العراق منذ التغيير فى 2003 وثانيهما نفوذ إيران وهيمنة الميليشيات الموالية لها على مفاتيح العملية السياسية. الأزمتان مرتبطتان ببعضهما بعضاً فالإتيان بطبقة سياسية تحظى بالشرعية لا يتأتى ما لم يُحاصر النفوذ الإيرانى ويُحجم دوره.
الموضوع الذى نحن بصدده لا يمكن مقاربته بموضوعية من غير التطرق إلى جذوره الضاربة فى عمق التأريخ، والتى لا تزال حية فى أذهان قيادات التيار القومى العنصرى فى إيران، وهى القناعة بأن العراق جزء من الإمبراطورية الفارسية. مستشار الرئيس الإيرانى على يونسى لم يجد حرجاً عندما صرح فى مارس 2015 بأن «إيران أصبحت إمبراطورية كما كانت سابقاً وعاصمتها بغداد، وكل منطقة الشرق الأوسط إيرانية». القيادات الإيرانية هذه لا تريد أن تصحو من إغفاءاتها الطويلة الحالمة، وتعى حقيقة أن التاريخ قد أصدر أحكامه وقال قولته، فأصبحت جميع إمبراطوريات العصور الغابرة بلا أى استثناء فى «خبر كان» وتحولت العاصمة الساسانية طيسفون «المدائن» إلى أنقاض وخرائب.
إيران بدأت بالهيمنة على العراق منذ البدايات الأولى للغزو الأمريكى حين فتحت الولايات المتحدة البوابات على مصارعها للتغلغل الإيرانى عبر الميليشيات التى تكن لها الولاء التام، والتى وقفت إلى جانب قواتها إبان سنوات الحرب مع العراق، ومن خلال من اصطنعتهم لاحقاً مستغلة حالة الضياع التى أصبح بها العراق بعد أن احتلت أرضه وفككت دولته.
نفوذ إيران فى العراق لا يقتصر على منطقة دون غيرها، فهى حاضرة هنا بفعل حلفائها أو ذيولها وحاضرة هناك بفعل هيمنة ميليشياتها، تغلغلها فى العراق أصبح مؤسساتياً لأنها عملت على تدمير مرافق الحياة الاقتصادية فى الصناعة والزراعة والتجارة وربطتها بالاقتصاد الإيراني.
وغنى عن البيان ما يترتب على ذلك من تبعية سياسية أخلت بالتوازنات الحساسة فى منطقة الشرق الأوسط، فقد أصبحت إيران عنصراً سلبياً وأحد الثوابت التى تتحكم فى معادلات التوازن المختلة لتديم اختلالها.
ربط المعدة أم ضبط السلوك ؟
على بن محمد
بينما سلط الضوء على بن محمد الرباعى بصحيفة عكاظ على رحلة صلاح جاهين مع الدايت، قائلا :"اشتهر أرباب الأوزان الثقيلة بخفة الظل، ومنهم الشاعر الراحل صلاح جاهين. إلا أن جاهين اضطر يوماً للتخلى عن نصف وزنه القريب من مائة وخمسين كيلوغراما من خلال عملية أجراها فى باريس. روى بعض أصدقائه أنهم كانوا يزورونه إثر عودته من فرنسا فكان يبكى عندما يشاهدهم، فيسألونه: تبكى ليه؟ فيجيب: «نصفى الحلو راح». ربط المعدة غدا ظاهرة مترتبة على ضعف ثقافة الأكل فى مجتمعنا، والاستخفاف بكل ما من شأنه حماية الصحة العامة من الضرر والأمراض.
أخذنا راحتنا فى اللقم من كل طعام، واستشعرنا خطر الجوع مع كل وجبة نتناولها وكأنها آخر وجبة، وخالفنا السنة الناهية عن الشبع، فاندلقت أمامنا كروشنا، واستثقلنا أجسامنا، وعجزنا عن التصدى للشهية المفتوحة على ما لذ وطاب فاخترنا أسهل الحلول، إما ربط أو قص أو تحويل المعدة.
ربما كانت المعدة الضحية الوحيدة من أعضاء الجسم التى طاولها التحجيم، ولكن بعضنا مع شديد الأسف لم يفكّر ولو للحظات فى اندلاق مشاعره بالحب المتهور تارة، وبالكراهية الصارمة تارات، ولم نسأل أنفسنا كم عضو من أعضائنا فى حاجة إلى تكميم، وهل المعدة أخطر من السمع ومن النظر؟ كم من أُذن تحتاج إلى إغلاق، وكم من عين تفتقر إلى غض، ليمكننا تجاوز الفضول والتطفل على خصوصيات الآخرين، وكم تحركت بنا أقدامنا لمشوار رتّبنا فيه أنفسنا لإساءة أو أذى أو اتهام بزور وإشاعة بهتان؟ كم لمست أيدينا وامتدت على ما ليس لنا بحق، كم نالت ألسنتنا من عفة أعراض وحصانة أقارب وأباعد تحت مظلة سوء ظن أو سوء تعبير؟
الخطأ والذنب ليس ذنب عضو أو حاسة تضيق وتتسع وتمتلئ وتتخم بحسب هوى ورغبة حاملها، بل الخطأ سلوكى وأخلاقي، يحتاج معه إلى تعديل وتقويم، وتعزيز ثقافة حفظ البطن وما حوى والرأس وما وعى، فالثقافة ممارسة أخلاقية ناجمة عن فهم الإنسان لنفسه وللعالم حوله.
العلاقة بالعالم لغوية، إلا أن الوعى باللغة يحيلها إلى صورة. هى حياتك، أخلاقك، سلوكك، سؤال بريء: كم من أعضاء غير المعدة تحتاج لربط وتكميم لكى تصح أخلاقنا كما صحت أبداننا؟.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة