ـ تجربة مصر ناجحة فى تصميم الطرق الجديدة
عبَّرت مفوضة البنية التحتية بالاتحاد الأفريقى، الدكتورة أمانى أبو زيد، عن سعادتها بالخطوات التى تخطوها القارة، فيما يخص برامج النقل وتنفيذها على المستوى المحلى أو الإقليمى أو القارى، وهو ما يحسب للقارة الأفريقية، وفى تصريحات لـ«اليوم السابع» على هامش المؤتمر العالمى الوزارى الثالث للسلامة على الطرق، الذى اختتم أعماله فى ستوكهولم الخميس الماضى، قالت الدكتورة أمانى أبوزيد: إن هناك تطلعات واحتياجات كبيرة من قبل شعوب القارة الأفريقية، فيما يتعلق بالنقل الذى يعتبر وسيلة لتعزيز ودعم أنشطة إنسانية واجتماعية واقتصادية، وأيضًا يسهم فى حالة النقل الإقليمى العابر للقارة لربط القارة الأفريقية ببعضها البعض، وهو ما يعد أساسًا لتفعيل اتفاقية التجارة الحرة.
وتشير مفوضة البنية التحتية إلى أن أفريقيا سجلت أعلى معدل عالمى لوفيات الطرق بمعدل 292 ألف روح سنويا، أى ما يعادل 21% من وفيات الطرق عالميا، وذلك على الرغم من أن معدل المركبات الآلية فى القارة يكاد يصل إلى 3% من الإجمالى العالمى، لافتة إلى أن القارة الأفريقية هى القارة الأكثر شبابًا، ولكنها ستكون فى خلال سنوات قليلة الأكثر كثافة سكانية، وهو ما يعد من التحديات التى تواجه القارة، حيث إنه وللمرة الأولى سيعيش أكثر من نصف القارة فى المدن بحلول عام 2040 وسط التحول إلى الحضرية.
وأكدت أن هناك بعض الإجراءات التى يجب على الدول الأفريقية اتخاذها، والتى تعد بعضها وسائل تقليدية مثل تصميم الطرق، وفقًا لمعايير السلامة المرورية، وأمانة المركبات، وتفعيل القانون على الجميع، وكذلك استيراد المركبات الصالحة التى يتوفر لديها عوامل أمان، وأضافت: «لدينا نماذج داخل أفريقيا مثل تجربة مصر فى تصميم الطرق الجديدة آخذا فى الاعتبار التفاصيل الفنية التى تسهم فى التقليل من الحوادث، والاختبارات العشوائية للمخدرات للسائقين للحد من القيادة تحت تأثير المخدر».
وتناولت مفوضة البنية التحتية بالاتحاد الأفريقى مثالا للدول الأفريقية التى نجحت فى دمج التكنولوجيا فى قانون المرور، وهى رواندا، مشيرة إلى أن السيارات هناك تضع علامات تستطيع أن تلتقط من خلالها كاميرات المراقبة فى الشارع، إذا كان السائق قد تعدى الحد المسموح له من السرعة على الطريق أم لا.
وتابعت: هناك ثلاثة طرق ذكية smart corridors تربط بين شرق أفريقيا والمنطقة الجنوبية من القارة، وهى ليست مصممة فقط لإدارة أحوال المرور، ولكن أيضًا لإدارة أى حوادث قد تقع، مضيفة أن هناك دول أفريقية تطبق بشكل قوى حملات توعوية للمواطنين بأهمية اتباع معايير السلامة المرورية.
وفيما يخص الرعاية الطبية العاجلة عقب الحادث، أكدت المفوضة على أهمية توفرها بشكل محترف وسريع، خاصًة على الطرق السريعة وأن الأمر يتطلب تضافر جهود مؤسسات عدة فى الدولة، وليس جهة واحدة فقط، فتتعاون وزارات الصحة والنقل والداخلية، وكذلك هيئة الإسعاف، مضيفة: «إن الشخص محتمل أن ينجو من الحادث، ولكنه قد يتوفى نتيجة عدم وصول الرعاية الطبية اللازمة له»، واستطردت قائلة: إن بلادنا يوجد بها حالتان لتحسين الطرق، فبالنسبة للحالة الأولى تسمى بتكنولوجيا التعديل التحديثى أو Retrofitting وهى تعمل على إدخال إصلاحات وتعديلات لاحقة بطرق موجودة بالفعل، مثل إضافة حارات مخصصة للدراجات أو تخصيص كبارى ضيقة للمشاة، فقط مثل ما حدث فى السويد التى تعطى أولوية للإنسان وليس للسيارة، ولكن عملية الـ Retrofitting ليست سهلة ومكلفة للغاية، أما الحالة الثانية، وهى التى تطبقها دول مثل مصر، وفرصتها جيدة للتطوير، وذلك من خلال إنشاء طرق جديدة تضم حارات مخصصة للدراجات وغيرها من اعتبارات السلامة المرورية الأخرى.
وكانت الإجراءات التى اتخذتها مصر على مدار السنوات الأخيرة لتحسين وضع السلامة المرورية، قد لاقت إشادة كبيرة من المسؤولين بالمؤتمر الوزارى بستوكهولم، خاصًة مع الأخذ فى الاعتبار أن الكثافة السكانية للبلد وصل مؤخرًا إلى ١٠٠ مليون نسمة، وأشارت الأرقام الرسمية إلى أن عدد الوفيات بسبب حوادث الطرق سجل ٨٤٨٠ فى عام ٢٠١٨.
وحول ما تحتاجه مصر للمضى قدمًا فى تحسين سلامة الطرق وخفض عدد الوفيات، أكدت الدكتورة أمانى أن العمل على تحسين سلامة الطرق هو عمل مستمر لا يتوقف، وأن كل منطقة وكل شارع له حد مختلف يتطلب جهدًا معين، مشيرة إلى عدد من الاعتبارات التى يجب على مصر التركيز عليها، مثل السرعة الزائدة للمركبات، مضيفة أن وزير النقل السويدى أشار خلال لقائها به إلى أنه يريد أن يقلل السرعة داخل المدن فى السويد إلى ٣٠ كيلومترا فى الساعة، وذلك يعود إلى أهمية هذا الأمر للحفاظ على الطرق آمنة والحد من الوفيات.
وبالحديث عن القانون والعقوبات، وهو الأمر الذى طبقته مصر من خلال قانون المرور الجديد، أكدت الدكتورة أمانى أن الأهم من تغليظ العقوبات هو تغليظ الإجراءات، مثل التشديد على ارتداء حزام الأمان والخوذة، متسائلة: «كم من الأشخاص الذين يلتزمون بارتداء الخوذة أثناء قيادة الدراجة البخارية فى دولنا بأفريقيا، باستثناء رواندا التى يعد هذا الأمر إجباريًا بها»، أما عن العنصر الثالث فهو خاص بالأرصفة، حيث تحتل الأنشطة التجارية الأرصفة المخصصة للمشاة وتعوق حركتهم، سواء كانت هذه الأنشطة مرخصة أو غير مرخصة، وهو الأمر الذى يدفع الشخص إلى أن يمشى فى قارعة الطريق، مما يعرضه للخطر.
وأضافت: «هناك الكثير الذى يمكن أن نقوم به من إجراءات سلامة مرورية لتحسين الوضع بشكل كبير، وتظل مصر هى القدوة فى كل شىء، خاصة فيما يخص السلامة المرورية»، كما أكدت على أهمية أن تصدق مصر والدول الأفريقية على الميثاق الأفريقى للسلامة المرورية، مشيرة إلى أن الميثاق حتى يدخل حيز التنفيذ، يجب أن تصدق عليه ١٥ دولة من أصل ٥٥ دولة عضو بالاتحاد، وهو العدد الذى لم يكتمل بعد، حيث إن عدد الدول المصدقة وصل إلى ١٣ دولة فقط.
وفيما يتعلق بالبيانات المرورية، شددت المفوضة على أهمية أن تكون البيانات دقيقة وصحيحة، وكذلك أهمية التعاون فى جمعها من خلال المرصد الأفريقى لبيانات السلامة المرورية، ووضع التعريفات المشتركة لكل المؤشرات الخاصة بالسلامة على الطرق، التى تساعد على وضع السياسات والمقارنة والتقييم بشكل أفضل.
وقالت الدكتورة أمانى: إنها خلال لقائها بوزير النقل السويدى أكدت أهمية أن يكون هناك تدريب تابع للأكاديمية السويدية للسلامة المرورية والتى لديها باع كبير فيما يتعلق بهذا الأمر، بحيث تستفيد الدول الأفريقية من استخدام التكنولوجيا بشكل يسمح لها بآليات جديدة وغير مكلفة، كما أكدت على أن الإرادة السياسية خطوة مهمة لاكتمال هذه الخطط، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبى استطاع تخفيض عدد وفيات الحوادث إلى النصف، معربة عن ساعدتها بكلمة المصرية أمنية العمرانى، ممثلة الشباب، حول اهتمام العالم بفيروس كورونا، بينما لا تلقى حوادث الطرق نفس الاهتمام.
واستطردت: «عندما يكون هناك حادث طائرة على متنها ١٠٠ شخص، العالم يتحرك، بينما لا يحرك ساكنا للحوادث التى تقع كل يوم وتزهق أرواحا كثيرة بسببها».
كانت الدكتورة أمانى أبوزيد قد عقدت دائرة مستديرة حول أمن وسلامة الطرق فى أفريقيا، ينظمها الاتحاد الأفريقى، وحضرها عدد كبير من الوزراء الأفارقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة