"الشيك".. هو فى الحقيقة صك "محرر" مكتوب وفق أوضاع شكلية استقر عليها العُرف التجاري، وهو مكون من ثلاثة أطراف، وفيها أمر صادر من صاحب الشيك وهو الساحب إلى طرف آخر مسحوب عليه، وهو – في هذه الحالة – البنك، وذلك بأن يدفع البنك مبلغاً من المال للطرف الثالث وهو المستفيد، ويسمى أيضاً حامله أو "لأمره"، وذلك عند الاطلاع، أي بمجرد تقديم الشيك.
إشكالية تباين مدد تقادم الشيك بين رجال الأعمال
وفى الفترة الأخيرة كثر اللغط بين المستثمرين ورجال الأعمال، وكذا القانونيين بشأن عملية تقادم الشيك أو سقوط مدة المطالبة به، وذلك من خلال التفريق بين التقادم الجنائي والتقادم الصرفي للشيك، حيث أوضحت محكمة النقض في عدة أحكام أن الشيك الذي تسقط المطالبة بقيمته بمضي سنة، وذلك طبقاَ لنص المادة 531 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 هو الشيك كورقة تجارية، إلا أن هذا التقادم يختلف عن تقادم الشيك من الناحية الجنائية، فلا تسقط إعطاء شيك بدون رصيد إلا بمضي 3 سنوات من تاريخ إصداره.
فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الخطورة والأهمية على حد سواء وهي مسألة "تقادم الشيك" في ضوء القانون التجاري وأحكام النقض الحديثة من خلال الإجابة على حزمة من الأسئلة منها متى يسقط الشيك بالتقادم بمضي سنة؟، ومتى يسقط بمضي 3 سنوات؟ ومتى يسقط بمضي 15 عاما؟ وهل هذا التقادم يمنع من مطالبة الساحب بقيمة الشيك بدعوى الاثراء بلا سبب؟ كل ذلك وفقا لأحكام القانون التجاري والقانون المدني وقانون الإجراءات الجنائية وأحكام محكمة النقض الحديثة – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض يحيى سعد.
في البداية - للإجابة على هذه الأسئلة الشائكة يجب أن نفرق بين الشيك كورقة تجارية أي صادر عن دين تجارى وأصدره تاجر، وبين الشيك الذي يصدر من غير تاجر في 6 حالات على النحو التالي: "يسقط الشيك بمضي سنة وفقا للتقادم الصرفي إذا كان ورقة تجارية، ويسقط الشيك بمضي 15 عاما إذا لم يكن مترتب على عمل تجارى أو كان الساحب غير تاجر، والحالة التي يسقط فيها حق حامل الشيك على المسحوب عليه بمضي 3 سنوات، ورغم تقادم دعوى المطالبة يجوز لحامل الشيك بقيمته أن يطالب الساحب برد ما أثرى به بغير وجه حق، وتنقضي الدعوى الجائية للشيك بمضي 3 سنوات من تاريخ صدوره" – وفقا لـ"سعد".
أولا: حالات سقوط الشيك بالتقادم الصرفى بمضى سنة:
تنص المادة 531 من قانون التجارة بعد تعديلها بالقانون رقم القانون رقم 156 لسنة 2004، وأصبحت مدة تقادم حامل الشيك على الساحب بمضي "سنة" من تاريخ ميعاد تقديم الشيك.
حكم محكمة النقض فى تلك الحالة
وفى هذا الشأن، تقول محكمة النقض، إن النص فى الفقرة الأولى من المادة 531 من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 المعدل بالقانون رقم 156 لسنة 2004 - على أن" تتقادم دعاوى رجوع حامل الشيك على الساحب والمظهرين، بدفع قيمة الشيك بمضى سنة من تاريخ تقديمه، يدل على أن المشرع في قانون التجارة الجديد أخضع للتقادم الصرفى الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية ومنها - الشيك - وقدر مدة هذا التقادم سنة تبدأ من تاريخ تقديمه للوفاء أو من تاريخ انقضاء ميعاد تقديمه وأن هذا التقادم لا يلزم فيه أن تكون هناك قرينة على الوفاء أو أن يتم حلف اليمين على أنه تم الوفاء، كما كان عليه الحال في قانون التجارة السابق، وذلك وفقا للطعن المقيد برقم 6958 لسنة 84 ق جلسة 18 /5/ 2016.
التقادم لا يسرى إلا على الأوراق التجارية
إلا أن هذا التقادم لا يسرى إلا على الأوراق التجارية أي لا يسرى إلا إذا كان مترتباً على عمل تجارى أو كان ساحبه تاجراً - وفيه تقول محكمة النقض - إن التقادم الصرفي المنصوص عليه لا يسرى إلا على الأوراق التجارية دون غيرها، وكان الشيك لا يعتبر ورقة تجارية إلا إذا كان مترتباً على عمل تجارى أو كان ساحبه تاجراً، فيفترض أنه سحب لعمل تجارى حتى يثبت العكس، وفقاَ للطعن رقم 9142 لسنة 85 جلسة 2016/08/23.
ثانيا: حالة يسقط فيها حق حامل الشيك على المسحوب عليه بمضي 3 سنوات
وفى هذه الحالة تنص الفقرة الثانية من المادة 531 تجارى على أن تنقضي دعوى حامل الشيك على المسحوب عليه من تاريخ تقديمه للوفاء أو تاريخ انقضاء ميعاد تقديمه، ولا تسري مدد التقادم المنصوص عليها إذا اقيمت دعوى إلا من تاريخ آخر اجراء تم فيها، ولا تسري أيضا إذا صدر حكم بالدين أو أقر به المدين بسند منفرد يؤدى إلى تجديد الالتزام، وتسري أحكام القانون المدني على هذا التقادم من حيث الانقطاع أو الوقف.
ثالثا: سقوط الشيك بالتقادم الطويل "15 عاما"
وفى هذه الحالة تنص المادة 374 فقرة 1 من القانون المدني: يتقادم الالتزام بانقضاء 15 سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون، ومن ثم إذا كان الشيك ليس موقعا من تاجر وليس ناشئاً عن عمل تجارى فلا يخضع للتقادم الصرفى المنصوص عليه بقانون التجارة.
وفيه تقول محكمة النقض
لما كان التقادم المنصوص فى قانون التجارة - لا يسرى إلا على الأوراق التجارية دون غيرها - وكان الشيك لا يعتبر ورقة تجارية إلا إذا كان مترتباً على عمل تجارى أو كان ساحبه تاجراً فيفترض أنه سحب لعمل تجارى حتى يثبت العكس، وكان الحكم المطعون فيه وبغير نعى من الطاعنين قد انتهى إلى أن الشيك - محل النزاع لا يدخل في عداد الأوراق التجارية لثبوت أن تحريره كان مترتباً على عملية مدنية فإنه بهذه المثابة لا يخضع للتقادم الخمسي، طبقا للطعن رقم 905 لسنة 49 جلسة 1984/05/14.
رابعا: سقوط الدعوى الجنائية للشيك
أما عن مسألة سقوط الدعوى الجنائية للشيك فلما كان اعطاء شيك بدون رصيد هي جريمة – جنحة - معاقب عليها وفقا للمادة 534 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وكانت المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه: "تنقضي الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي 3 سنوات".
ومن ثم فان جريمة الشيك هي جنحة عملا بنص المادة 534 من القانون التجاري فلا تسقط الجريمة إلا بمضي 3 سنوات من تاريخ تحرير الشيك عملا بنص المادة 15/1 من قانون الإجراءات الجنائية، وأن التقادم المنصوص عليه في المادة 531 من قانون التجارة ليس المقصود به تقادم الدعوى الجنائية، وإنما هو التقادم الصرفي، ويؤكد ذلك ما جاء بالمادة 531 تجارى فقرة 6" تسرى على انقطاع هذا التقادم الأحكام المنصوص عليها في القانون المدني وهو ما يثبت أن التقادم هذا هو خاص بتقادم دعاوى الرجوع المدنية أو التجارية او بالأخص التقادم الصرفي للورقة.
خامسا: يجوز لحامل الشيك رغم تقادم دعوى المطالبة بقيمته أن يطالب الساحب الذى لم يقدم مقابل الوفاء أو قدمه ثم استرده كله أو بعضه برد ما أثرى به بغير وجه حق.
وذلك اعمالا لنص المادة 532 من قانون التجارة التي نصت على أنه نصت على أن: "يجوز لحامل الشيك رغم تقادم دعوى المطالبة بقيمته أن يطالب الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء أو قدمه ثم استرده كله أو بعضه برد ما أثرى به بغير وجه حق، وكذلك يجوز للحامل توجيه هذه المطالبة إلى كل مظهر يحقق إثراء بغير وجه".
ساسا: الدعوى المدنية بالمطالبة بقيمة الشيك تختلف عن الدعوى الجنائية المترتبة على اعطائه الشيك
وفيه تقول محكمة النقض في الطعن المقيد برقم 2289 - لسنة 55 - تاريخ الجلسة 25 / 2 / 1991 - ولما كانت الدعوى المدنية بالمطالبة بقيمة الشيك تختلف عن الدعوى الجنائية المترتبة على اعطائه الشيك بدون رصيد من حيث موضوعها وأساسها ونطاقها، حيث أن موضوع الدعوى الأولى هي المطالبة بقيمة الشيك وهو أساسها في حد ذاته ويتسع نطاقها لبحث بواعث وسبب تحريره، أما موضوع الدعوى الثانية هو طلب توقيع العقوبة المقررة قانونا على الجريمة عند توافر أكانها ولا يتسع نطاقها لبحث بواعث وسبب تحرير الشيك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة