لا تزال أغنية "بنت الجيران" للمطربين الشعبيين حسن شاكوش وعمر كمال تسيطر على الساحة الفنية في مصر خلال الفترة الأخيرة، بعد وصولها مؤخراَ إلى المركز الثاني في الأكثر تداولا على موقع الفيديوهات الشهير يوتيوب، حيث استجاب حسن شاكوش للعديد من المطالبات بتعديل كلمات أغنية بنت الجيران في منتصف فبراير، بعد الهجوم الذي تعرضت له في أعقاب شهرتها.
تعديل شاكوش لكوبليه "اشرب خمور وحشيش"
وبالفعل - حذف صاحب الأغنية شاكوش كوبليه "واشرب خمور وحشيش"، بعد الاتهامات التي وجهت للأغنية، وخاصة من قبل نقابة المهن الموسيقية التي جددت موقفها الرافض للمهرجانات، معتبرة إياها تهدم قيم المجتمع وتمثل خطراَ على الأجيال القادمة، حيث تبدأ أغنية بنت الجيران لحسن شاكوش وعمر كمال كلماتها كالتالي: "سكر محلي محطوط على كريمة.. كعبك محني والعود عليه القيمة.. بنت الجيران شغلالي أنا عنيا".
بنت الجيران والجدل المستمر
إلا أن مسألة تعديل كوبليه أغنية "بنت الجيران" لم يرض قطاعا عريضا من الجمهور، باعتبار أن الأمر غير كاف من ناحية التعديل، بينما أدت الأزمة إلى سخرية البعض الآخر من كثرة الانتقادات الموجهة للأغنية، متسائلين: هل الأزمة هنا نتيجة اسم الأغنية "بنت الجيران"؟ على الرغم من أن هناك العشرات من المطربين الذين غنوا لـ"بنت الجيران".
هل للتلاعب بمشاعر وأحاسيس "بنت الجيران" عقوبة؟
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية بعيداَ عن مسألة جريمة التلاعب بالذوق العام، وإنما الإشكالية هذه المرة حول التغزل في "بنت الجيران"، وهو اسم الأغنية التي أدت إلى انتقاد قطاع عريض من الجمهور لها والإجابة على السؤال.. هل التلاعب بأحاسيس ومشاعر فتاة وإصابتها بضرر نفسي يشكل جريمة من الناحية القانونية والعملية؟، وذلك في الوقت الذي يؤكد فيه علماء النفس أن عواطف المرأة قوية جياشه ويقصدون بذلك أنها متي أحبت شخصا تفانت في حبه – بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض ياسر الأمير فاروق.
في البداية - يحدث في كثير من الأحيان أن يتلاعب شخص بمشاعر فتاة، فيوهمها بحبه لها لغرض غير مشروع قد يكون إقامة علاقة غير شرعية أو التسلية أو سلب مالها، ويحيك الشباك حولها ويرسم لها الأماني ويفرش المستقبل زهورا وبساتين، فتصير عواطفها ومشاعرها ملكا له، وحينما يحقق غرضه أو يفشل يتركها صريعة الآلام والحسرة بعد أن تكون مشاعرها وعواطفها قد ارتبطت به بشكل كبير، بما يسبب لها ألما نفسيا وجرحا نافذا في المشاعر والأحاسيس.
التلاعب ببنت الجيران جريمة يلفظها المجتمع
ولا شك في أن هذا المسلك يشكل جريمة أخلاقية يلفظها المجتمع ولا ترض عنها أخلاقه، بل يتعارض مع تعاليم كل الأديان السماوية الذي أوصى خيرا بالنساء، حيث قرر الدين الإسلامي أن "من غشنا فليس منا"، ولكن هل يحقق هذا السلوك من جانب الرجل جريمة جنائية؟ وبعبارة أخري هل التلاعب بمشاعر واحاسيس فتاة يشكل جريمة جنائية؟.. لا خلاف في أن هذا التلاعب إذا ترتب عليه استغلال المرأة والحصول منها على مال أو لذه جنسية قد يشكل جريمة نصب أو ارتكاب فعل مخل بالحياء مع امرأة أو حتى أحد جرائم العرض، ولا يعترض بفرض رضا الفتاة، لأنه رضا معيب ناتج عن غش وخداع أثر في ارادتها فلا يعتد به في نفي الجريمة – وفقا لـ"فاروق".
ولكن يدق الأمر في غير هذه الأحوال أو بالأحرى، حينما يصيب الفتاة فحسب ضرر وألم نفسي فهل هناك جريمة؟ لا شك في أن المشرع في أي دولة يسعي إلى حماية جسد الأنسان، فيحظر ايذاءه بدنيا أو معنويا، ولهذا كان من المفروض أن التلاعب بمشاعر الفتاة أن ترتب عليه ايذائها معنويا اندرج في مصاف التجريم، لاسيما وأن الضرر النفسي قد يكون أشد باسا من مجرد لطم على الوجه أو جرح بسيط في ظاهر الجسم.
المشرع جرم المساس بجسم الانسان المادى فقط
ولكن يلاحظ أن المشرع المصري جرم فحسب المساس بجسم الأنسان المادي من خلال تجريم أفعال الجرح والضرب واعطاء المواد الضارة دون تجريم السلوك الذي لا يمس جسد الأنسان الخارجي، ويترتب عليه الإضرار المعنوي بنفسيته رغم خطورته، ونظرا لعدم جواز القياس على نصوص التجريم حيث لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص كان التلاعب بمشاعر واحاسيس الفتاة غير مجرم في مصر ولو ترتب عليه ضرر واضطراب نفس لها ولو كان جسيما.
اقتراحات بتجريم التلاعب بمشاعر بنت الجيران
هذه السياسة التشريعية محل نظر - ذلك أن المساس بمشاعر أنسان وايذائه معنويا لا يقل خطورة عن ايذائه بدنيا من خلال المساس بجسده خارجيا بل قد يكون خطره أكثر، فمحل الحماية هو الأنسان ككل دون فرق بين الايذاء المادي أو المعنوي، فكل سلوك يضر بصحة الأنسان يجب تجريمه، وهي نتيجة لم تغب عن بال المرحوم الدكتور محمود نجيب حسني الذي حاول أن يتوسع في تحديد معني الأفعال التي تمس بجسد الأنسان والمتمثلة في الضرب والجرح واعطاء المواد الضارة، ليدخل فيها اي سلوك يضر بصحة الأنسان ماديا أو معنويا ولو لم يتخذ أحد هذه الصور الثلاثة متي ترتب عليه مثلا صدمة عصبية أو اكتئاب – الكلام لـ"فاروق".
تكييف القانون لجريمة التلاعب ببنت الجيران بجريمة الايذاء الخفيف
وهي نتيجة محمودة الدوافع ولكنها محل نظر إذ تنطوي على تفسير موسع، وقياس محظور وهي، ولئن كانت تصلح كدعوة كي يجرم المشرع أفعال المساس بنفسية الأنسان إلا أنها لا تصلح لمد التجريم دون نص بلي عنق نصوص قائمة، ولكن نعتقد أن من يتلاعب بمشاعر فتاة ويترتب عليه اصابتها بضرر نفس يرتكب جريمة ايذاء خفيف وهي الجريمة المنصوص عليها بالفقرة التاسعة من المادة 377 عقوبات وهي مخالفة عقوبتها طفيفة، وبديهي أن هذا التلاعب بمشاعر الفتاة واي كان وجهة النظر في تجريمه من عدمه يعتبر سلوك خاطئ متي ترتب عليه ضرر كان سبب لتعويض اي يحق للفتاة المطالبة بالتعويض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة