أصدرت الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، تقريرًا استعرضت من خلاله الجهود الوطنية المبذولة لتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، مؤكدة أن هذه الجهود تعبر عن استجابة متواصلة من جانب مؤسسات الدولة للاستحقاق الدستورى والتزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان، جاء ذلك بمناسبة احتفال المجتمع الدولي باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، الذي يوافق الثالث من ديسمبر كل عام .
وأكد التقرير، أن ما تبذله الدولة المصرية من أجل تعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، يتسم بالتكامل والشمول ويعبر عن رؤية وطنية تقدر طاقات ومواهب هذه الفئة التي تشكل 10.64% من إجمالي عدد السكان، وفق تعداد عام 2017، مشيرا الى أن الدستور يضمن المساواة أمام القانون، وينص على عدم التمييز بسبب الإعاقة، كما أنه يلزم مؤسسات الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام، وتوفير فرص العمل اللائق لهم.
ولفت التقرير، إلى أن الدستور ينص على مسؤولية الدولة عن تهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بذوي الإعاقة، وتيسير ممارستهم لحقوقهم السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالاً لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، مع ضمان حقهم في الضمان الاجتماعي، وفي التمثيل المناسب بالمجالس المحلية والتشريعية، متابعا: "تعزيزًا لهذه الالتزامات، ضمن الدستور للمجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة الاستقلال الفني والمالي والإداري وكذلك حياد أعضائه وحقه في إبلاغ السلطات العامة عن أي انتهاك يتعلق بمجال عمله، فضلًا عن أخذ رأيه في مشروعات القوانين واللوائح ذات الصلة".
وأوضحت الأمانة الفنية للجنة العليا لحقوق الإنسان، في تقريرها أن نصوص الدستور تتسق مع التزامات مصر الدولية الناتجة عن انضمامها للاتفاقيات ذات الصلة، وفي مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مضيفًة أن القوانين الوطنية تحدد أوجه عناية الدولة بالأشخاص ذوي الإعاقة، فبينما ينص القانون رقم 10 لسنة 2018، على العديد من الامتيازات وأشكال الرعاية والحماية المكفولة لهم، يضمن قانون مجلس النواب تخصيص 8 مقاعد للأشخاص ذوي الإعاقة ضمن نظام القوائم، التزامًا بأحكام المادة (244) من الدستور.
وعدد التقرير الجهود الوطنية المبذولة لتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، من بينها إنشاء "المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" بقرار صادر عن رئيس مجلس الوزراء في 17 أبريل 2012 والقانون رقم 11 لسنة 2019، الذي يهدف لتعزيز وتنمية وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وصولًا إلى القانون رقم 200 لسنة 2020 بشأن إنشاء "صندوق دعم الأشخاص ذوى الإعاقة" برئاسة رئيس مجلس الوزراء، مشيرا إلى أن حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة منصوص عليها بعدد من الاستراتيجيات والخطط الوطنية، وفي مقدمتها "استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030"، التي تضع تحقيق الحماية للفئات الأولى بالرعاية بما في ذلك الأشخاص ذوى الإعاقة، ضمن أهدافها الاجتماعية.
ونوه التقرير إلى أن عددا من الوزارات والجهات الوطنية تشارك في تنفيذ أهداف "الخطة الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة"، والتي تشمل جوانب صحية وتعليمية وثقافية، تتكامل مع ما جاء في "الإطار الاستراتيجي والخطة الوطنية للطفولة والأمومة (2018-2030)، كما استعرض التقرير التدابير والسياسات التي نفذتها الدولة لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومن ذلك مشاركة أحد الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية ممثلا عن المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة في اللجنة المعنية بوضع دستور 2014، تأهيل قاعات مجلس النواب ومرافقه للتعامل مع النواب ذوى الإعاقة، استخدام طريقة برايل للتيسير على ذوي الإعاقة البصرية في إبداء آرائهم في التعديلات الدستورية لعام 2019.
واستطرد: "تتضمن الجهود الحكومية أيضًا تنفيذ مبادرة "دمج .. تمكين .. مشاركة"، التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في العام 2016 لدعم وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، بغرض تطويع قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتوفير الخدمات التعليمية والصحية بسهولة لهم، والمساهمة في زيادة قدرتهم على الدخول إلى سوق العمل، فضلًا عن تيسير حياتهم عن طريق تهيئة المباني الحكومية لتصبح قادرة على استقبالهم وتقديم الخدمات لهم، تشمل المبادرة عدة برامج، من أهمها برنامج الإتاحة التكنولوجية لدعم 3000 مدرسة للتربية الخاصة والدمج، تم بالفعل الانتهاء من دعم 600 مدرسة منها، برنامج تدريب 30000 من معلمي تلك المدارس على استخدام التكنولوجيا المساعدة في التعليم وقد تم الانتهاء من تدريب 28000 معلم منهم، إلى جانب برنامج تأهيل 200 مركز مجتمعي متكامل دامج تم الانتهاء من 56 مركزا منها، مع تحويل 300 منشأة حكومية إلى منشأة عالية الإتاحة باستخدام التكنولوجيات المساعدة، ارتباطًا بذلك، تعمل وزارة الاتصالات على تطوير تطبيقات ذكية لمساعدة الأشخاص ذوى الإعاقة على التوظيف، وهو ما أدى إلى اختيار مصر ضمن العشر دول الأكثر ابتكاراً في مجال سياسات توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، وكذلك لفوزها في فبراير 2017 بجائزة (Zero Project) العالمية، التي تُمنح لمشروعات من شأنها إزالة الحواجز والعوائق بين الأشخاص ذوي الإعاقة والمجتمع من خلال حلول مبتكرة".
وأضاف تقرير الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، أن الجهود الوطنية في هذا المجال تهدف إلى جعل مصر مركزًا إقليميًّا لصناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات باللغة العربية لخدمة ذوي الإعاقة، وذلك من خلال مسابقة "تمكين" التي تسعى لتحفيز المبتكرين والشركات الناشئة لتطوير البرمجيات وتطبيقات الهواتف المحمولة والتكنولوجيا المساعدة باللغة العربية، مؤكدا التزام الدولة بتطبيق ما جاء بقانون الأشخاص ذوى الإعاقة، بشأن إلزام جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية وقطاع الأعمال وكل صاحب عمل ممن يستخدم 20 عاملاً فأكثر بتعيين 5% من عدد العاملين على الأقل من الأشخاص ذوى الإعاقة ، وكذلك ما ورد بقانون الخدمة المدنية، الذي يمنح الموظف ذي الإعاقة حق النقل إلى أقرب مكان عمل من محل إقامته.
كما أشار التقرير، إلى أن وزارة القوى العاملة، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة يتابعان تطبيق الحقوق والمزايا المتعلقة بتشغيل ذوى الإعاقة، بما في ذلك خفض ساعات العمل، بواقع ساعة يوميًا مدفوعة الأجر، وإمكانية الجمع بين تلك الساعة والساعات الممنوحة للأم الحامل أو المرضعة. ولفت التقرير أيضًا إلى حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الجمع بين معاشين من المعاشات المستحقة لهم إذا توافرت شروط الاستحقاق.
وفيما يخص التعليم، ذكر التقرير أنه تم تخصيص مليار جنيه لبرامج تعليم الأشخاص ذوى الإعاقة، بما في ذلك "مشروع رقمنة المناهج"، الذي يخدم 18000 طالب وطالبة، مع قيام وزارة التربية والتعليم بدمج الطلاب ذوي الإعاقة البسيطة والإعاقة السمعية في مدارس التعليم العام والتعليم الفني بعد اجتياز مرحلة التعليم الأساسي، مع إلحاق ذوي الإعاقة الذهنية بمدارس وفصول التربية الفكرية.
وأردف: "كما قامت وزارة التعليم بتدريب (5400) من معلمي الأشخاص ذوي الإعاقة على استخدامات وتقنيات الحاسب الآلي لتسهيل التواصل مع الطلبة، بجانب تزويد جميع مدارس المكفوفين بأجهزة إبصار ناطقة وتزويد معظم مدارس التربية السمعية بأجهزة السمع الجماعي، وإدخال منظومة الفصل التفاعلي بالصفين الأول والثاني الثانوي بمدارس الأمل للصم بجميع المحافظات،أما على مستوى التعليم الجامعي، فأشار التقرير إلى عدد من الخطوات التي اتخذتها الدولة لدعم حقوق ذوي الإعاقة، ومن ذلك صدور قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 651 لسنة 2016 بقبول ذوي الإعاقة السمعية بالجامعات المصرية، ودعم (24) مركزا لذوي الإعاقة بالجامعات الحكومية، من جهة ثانية، تمنح الدولة ذوي الإعاقة إعفاء ضريبيًا وجمركيًا على السيارات وتخفيضًا نسبته 50% بوسائل النقل والمواصلات، كما أنها تخصص لهم 5% من وحدات الإسكان الاجتماعي، وفق ما جاء بالتقرير، كما تقدم الدولة دعمًا نقديا وخدميا مباشرًا لذوي الإعاقة يشمل مساعدات نقدية شهرية للأسر التي يكون بينها طفل معاق ذهنياً، علمًا بأن 28% من إجمالي بطاقات صرف المساعدات الاجتماعية ببرنامج تكافل وكرامة توجه للأشخاص ذوى الإعاقة ".
وأشار إلى أن هذا الدعم يشمل أيضًا، إصدار وزارة التضامن الاجتماعي بالتنسيق مع وزارة الصحة بطاقة لكل شخص ذي إعاقة لإثبات إعاقته وضمان حصوله على الخدمات المتكاملة في مجال الرعاية الصحية والتأهيلية والتعليم، وقد بلغ عدد البطاقات التي تم إصدارها خلال العام 2019 نصف مليون بطاقة، وفق ما أوضح التقرير.
وأوضح أنه بجانب ذلك اعتمدت وزارة الصحة برنامج مسح لحديثي الولادة للكشف عن نقص هرمون الغدة الدرقية المؤدي إلى الإعاقة الذهنية، وبرنامج المسح السمعي لحديثي الولادة، وبرنامج الاكتشاف المبكر لضعف الإبصار، مع توفير الألبان العلاجية للأطفال المصابين بأمراض التمثيل الغذائي بأنواعها المختلفة.
ورفع مساهمة التأمين الصحي في عمليات زراعة القوقعة إلى 90 ألف جنيه منذ بداية 2013 للحالة الواحدة علمًا بأنه تم إجراء 1158 عملية بتكلفة قدرها 104,220,000 جنيه، وأن وزارة التضامن أنشأت حضانـات للأطفال ذوي الإعـاقة لتوفير الخدمات التأهيلية لرعايتهم مجاناً وصل عددها في العام 2018 إلى 109 حضانة بمختلف المحافظات، كما قامت بإنشاء مؤسســات لرعاية وتأهيـل المكفــــوفـيـن بلغ عددها 202 في العام نفسه.
وقال السفير أحمد إيهاب جمال الدين الأمين العام للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، ومساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان والمسائل الإنسانية والاجتماعية الدولية، إن التقرير يقدم صورة شاملة عن آليات وأشكال الدعم والرعاية التي توفرها الدولة لصالح الأشخاص ذوي الإعاقة، بما يضمن لهم التمتع بكامل حقوقهم، وما يتيح للمجتمع الاستفادة بطاقاتهم ومواهبهم في مختلف المجالات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة